"المحقق".. برنامج إعلامي يحقق في أحداث الثورة المصرية

على طاولة مهترئة، يجلس خمسة شباب مصريين عايشوا فصول الثورة المصرية منذ شرارتها الأولى، متجردين من توجهاتهم السياسية والأيديولوجية، يفتحون ملفات طويت بقصد ودون قصد، من خلال الانطلاق في رحلة بحث عن الحقائق بالوثائق والأدلة والأدوار الخفية في محطات الوطن قبل ثورة يناير وبعدها.

"المحقق".. برنامج إعلامي ينطلق من أن الانقلاب العسكري في مصر جريمة في القانون الدولي، وأن أطرافا مختلفة تواطأت للقيام بهذه الجريمة، وفي كل حلقة يسعى المحققون الخمسة لتحديد هذه الشخصيات والأطراف، وتحديد مسؤوليتهم القانونية تجاه الأحداث، من وجهة نظر مقدمي البرنامج.

ويجمع المحققون الأدلة، ويفتحون التحقيق في الموضوع محل الدراسة، مستعينين بوثائق مكتوبة ومواد مصورة واعترافات من شهود عايشوا هذه الفترة وعاصروها.

ومن بين تلك القضايا التي تطرق لها برنامج "المحقق"، الشرطة، والجيش، وجماعة الإخوان المسلمين، وجبهة الإنقاذ، والإعلام، ورجال الأعمال، والمؤسسات الدينية، وغيرها من المؤسسات والجماعات التي قالوا إنها متورطة في إلحاق الضرر بالمشهد السياسي المصري حتى وصوله إلى انقلاب تموز/ يوليو 2013، ليحاول البرنامج الإجابة عن: من المسؤول؟ ولماذا؟ ومن لم يحاسب حتى الآن؟

الباحث السياسي ياسر فتحي، أحد المحققين الخمسة، يقول عن تجربته في البرنامج: "ناقشنا قضية كبيرة، وهى قضية الوطن، بعيدا عن الشعارات والمزايدات، ودون أن يحاول كل فرد فينا تسجيل نقاط على الآخر؛ لأننا حققنا في قضايا محورية، دون تحزب، ودون العمل لصالح أجندة معينة".

واستطرد قائلا: "حتى لو لم نكن محترفين في مجال التوثيق، إلا أن تنوع عملنا بين صحفيين وحقوقيين وباحثين وسياسيين أثرى البحث عن أدلة، وساعدنا في إخراج العمل بشكل حيادي".

وأضاف: "نحن اجتهدنا في جمع الأدلة، لتكون رسالة لكل الأحزاب والقوى والتيارات والأشخاص؛ كي يراجع كل منهم موقفه، ويقف وقفة مع نفسه دون شعارات رنانة لا تسمن ولا تغني من جوع في هذا المشهد العبثي".

من جهته، قال المنتج الفني لبرنامج "المحقق"، أحمد زين، إنهم كشركة متخصصة قاموا بتطوير فكرة تسمى بـ program format، التي تعني ابتكار شكل إنتاجي بكل تفاصيله، تبدأ من الفكرة لطريقة التقديم، وكذلك تصميم الملابس والديكور والإضاءة، وغير ذلك من تفاصيل المحتوى والشكل الفني.

وأضاف -في تصريح لـ"عربي21"-: "فورمات (شكل ونمط) البرنامج يمكن تطبيقه على برامج مختلفة تحقق في قضايا متنوعة، والتطبيق الأول له هو ما رأيتم في التحقيق في قضايا تهم الشأن المصري"، مؤكدا أن هناك مناقشات مع عدد من القنوات العربية والأجنبية لشراء حقوق تطبيق البرنامج في قنوات مختلفة.

وأشار "زين" -الذي يدير شركة A to Z media strategy- إلى أنه يرى أن التطبيق الأول تم بشكل مرض ومطمئن، مضيفا أن طبيعة عمل وتنفيذ البرنامج صعبة إلى حد ما، خاصة أن البرنامج يمزج بين تلقائية برامج تلفزيون الواقع وبين إحكام وإعداد البرامج التحقيقية.

و"المحقق" بمثابة مبادرة ضمن عشرات المبادرات الشبابية، التي خرجت لتوثيق أحداث الثورة المصرية التي تتعرض لطمس من قبل السلطات الحالية، لا سيما بعد قيام السلطة بمحاولة حذف أرشيف الثورة.

البرنامج، الذي يعرض مساء كل يوم أحد على شاشة قناة مكملين الفضائية، يقول إنه يحاول الحفاظ على حق الأجيال القادمة في معرفة المواقف السياسية لكافة الأحزاب والفصائل ومؤسسات الدولة، التي ساهمت في قتل وتعذيب المواطنين السلميين على خلفية سياسية، لضمان إجراء تحقيق فيها في يوم من الأيام.

"المحقق" من إنتاج شركة "A to Z media" للإنتاج التلفزيوني، ومقرها لندن، وتعمل الشركة المنتجة على توثيق أحداث الثورة المصرية منذ انطلاقها في 25 كانون الثاني/ يناير 2011، من خلال الأفلام الوثائقية والتسجيلية والبرامج التي تنتجها الشركة.