أحرزت القوات
العراقية الاثنين تقدما من جهة الشرق، خلال هجومها الذي تدعمه الولايات المتحدة لاستعادة مدينة
الموصل، آخر أهم معاقل تنظيم الدولة في هذا البلد، في الوقت الذي حذرت فيه منظمات حقوقية من كارثة تحيق بنحو 1,5 مليون شخص يعيشون في المدينة.
وأطلقت طائرات هليكوبتر نيرانها، وترددت أصداء الانفجارات على الجبهة الشرقية للمدينة، حيث تقدم مقاتلون أكراد للسيطرة على القرى القريبة.
وساعدت حملة جوية تقودها الولايات المتحدة في إخراج تنظيم الدولة من أغلب الأراضي التي سيطر عليها، لكن من المعتقد أن ما بين أربعة إلى ثمانية آلاف من مقاتلي التنظيم ما زالوا في الموصل.
وقالت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) إن القوات العراقية تحقق أهدافها، وتسبق جدول العملية في اليوم الأول للهجوم.
وتوقعت الولايات المتحدة أن يتكبد تنظيم الدولة "هزيمة دائمة" مع بدء القوات العراقية أكبر عملية لها منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 وأطاح بحكم صدام حسين.
وذكرت وكالة "فرانس برنس" أنه في منطقة تبعد 45 كيلومترا جنوب الموصل، تتقدم أرتال من الآليات في اتجاه ثاني مدن العراق الواقعة على ضفاف نهر دجلة، ويشكل السنة غالبية سكانها.
وأعلنت وزارة الدفاع الفرنسية أن أبرز وزراء دفاع الدول المشاركة في التحالف الدولي ضد التنظيم سيشاركون في اجتماع يعقد في 25 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري في باريس؛ لبحث الهجوم على الموصل.
وبدأ تنظيم الدولة في التراجع منذ نهاية العام الماضي في العراق، حيث يواجه الحكومة المدعومة من الولايات المتحدة، وقوات كردية، بالإضافة إلى فصائل شيعية مدعومة من إيران.
لكن في ضربة للحملة المناهضة للدولة، سحق مقاتلو التنظيم الأسبوع الماضي تمردا كان يخطط له داخل صفوفه في الموصل بهدف تسهيل عملية استعادة المدينة.
الأكراد.. وما حول الموصل
وقالت القيادة العسكرية لأكراد العراق إن 4000 من قوات البشمركة يشاركون في عملية تحرير عدة قرى من قبضة التنظيم على الجبهة الشرقية، في هجوم منسق مع تقدم وحدات من الجيش العراقي من الجبهة الجنوبية.
وقال مسعود البرزاني، رئيس إقليم كردستان العراق شبه المستقل، إن العملية -التي قال إنها تمثل المرة الأولى التي تقاتل فيها قواته مع القوات العراقية معا ضد الدولة- انتزعت السيطرة من المسلحين على نحو 200 كيلومتر مربع من الأراضي الزراعية والقرى إلى الشرق من الموصل في اليوم الأول.
وأعلن ضابط في قيادة الشرطة الاتحادية، مساء الاثنين، عن استعادة القوات الأمنية العراقية قريتين تابعتين لناحية القيارة جنوب مدينة الموصل (شمال البلاد)، بعد معارك عنيفة استمرت لأكثر من 8 ساعات.
وقال النقيب علاء الخطيب في قيادة الشرطة الاتحادية (تابعة لوزارة الداخلية) إن "القوات المسلحة رفعت العلم العراقي فوق مباني قريتي اللزاكة والحود، التابعتين لناحية القيارة، بعد أن جرى تحريرهما مساء اليوم".
وأضاف أن "هاتين القريتين كانتا تعدان خط صد للتنظيم الإرهابي باتجاه الموصل من جهة الجنوب".
بدورها، أعلنت رئاسة الأركان الفرنسية تدمير مقاتلاتها مستودعا للمواد المتفجرة تابعا لتنظيم الدولة جنوب الموصل.
وذكرت الأركان الفرنسية، في بيانها، أن سبع مقاتلات تابعة لها من طراز رافال دمرت مستودعا للمتفجرات، على بعد 30 كيلومترا جنوب مدينة الموصل، بواسطة ثمانية صواريخ سكالب (SCALP)، ليل السبت/ الأحد الماضيين.
وأشار البيان إلى أنَّ أربعة مقاتلات أقلعت من الأردن، وثلاثة من حاملة طائراتها، شارل ديغول، المتمركزة في شرق البحر المتوسط.
أردوغان: سنتدخل
وجدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الاثنين، تمسك بلاده بالمشاركة في معركة استعادة الموصل.
وقال إنه من "غير الوارد" أن تبقى
تركيا خارج عملية استعادة الموصل، معقل تنظيم "الدولة" في شمال العراق. وقال أردوغان في خطاب متلفز: "سنكون جزءا من العملية، سنكون متواجدين إلى الطاولة".
وتساءل أردوغان: "ماذا يقولون؟ أن على تركيا ألا تدخل الموصل. لدي حدود (مع العراق) طولها 350 كلم. وإنني مهدد من خلال هذه الحدود".
وأضاف: "لدينا أشقاء وأقرباء هناك: عرب، تركمان، أكراد، إنهم أشقاؤنا، ومن غير الوارد أن نكون خارج العملية".
معركة طويلة ومخاوف من "الطائفية"
وتفيد تقديرات أمريكية بأن عدد المقاتلين في المدينة يتراوح بين 3500 وأربعة آلاف شخص، وقد أمضوا أشهرا طويلة في الاستعداد لهذه المعركة.
وصرح القائد الجديد للتحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة، اللفتنانت جنرال ستيفن تاوسند، بأن عملية استعادة ثاني مدن العراق "ستستغرق أسابيع، ومن الممكن أكثر من ذلك (...) سوف نستمر في توخي الدقة؛ لمهاجمة العدو بإحكام، وتقليل أي تأثير على المدنيين الأبرياء".
كما أوضح رئيس الوزراء العراقي أن "القوات العراقية المشاركة هي الجيش والشرطة الوطنية، وهي من ستدخل إلى الموصل".
ويخشى السنة، الذين يشكلون أقلية في العراق ذي الغالبية الشيعية، دخول قوات الحشد الشعبي التي يغلب عليها الشيعة، والمدعومة من إيران، والداعمة للحكومة، إلى المدينة، ما يعني إمكان حصول مواجهة سنية شيعية أو أعمال انتقامية.
وأعرب عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، الاثنين، عن خشيته من أن يتسبب دخول مليشيات شيعية عراقية إلى مدينة الموصل بما وصفه بـ"حمام دم".
وقال الجبير، في تصريح نقلته عنه قناة العربية السعودية: "نخشى أن يتسبب دخول مليشيات الحشد للموصل بحمام دم".
وتتزايد مخاوف منظمات حقوقية من ارتكاب مليشيا "الحشد الشعبي" انتهاكات ومجازر بحق المدنيين في الموصل، الأمر الذي دفعها للإعراب عن رفضها مشاركتها في معركة تحرير المدينة التي انطلقت صباح الاثنين.
ممرات آمنة
بدورها، قالت منسقة العمليات الإنسانية للأمم المتحدة في العراق إن الجيش أبلغ المنظمة الدولية أنه يتوقع أن يكون أول تحرك كبير للسكان خلال خمسة أو ستة أيام، ما يشير إلى موعد وصول الهجوم إلى المدينة نفسها.
وأضافت ليز جراندي أن قوات الأمن العراقية ستنقل المدنيين الفارين، الذين سيجري التحقق من هوياتهم؛ لضمان عدم اختباء مقاتلين من الدولة الإسلامية بينهم، في أعقاب تقارير للسكان مفادها أن المسلحين حلقوا لحاهم؛ لتفادي رصدهم.
من جانبها، دعت المنظمات غير الحكومية، مثل "سايف ذي تشيلدرن" والمجلس النرويجي للاجئين، إلى تحديد "ممرات آمنة"؛ لكي لا يبقى الناس تحت القنابل من دون طعام أو رعاية.