سياسة عربية

سياسة الاختفاء القسري تتصاعد في مصر منذ 3 تموز 2013

المنظمة العربية لحقوق الإنسان تطالب بكشف مصير المختفين قسريا في مصر - أرشيفية
المنظمة العربية لحقوق الإنسان تطالب بكشف مصير المختفين قسريا في مصر - أرشيفية
 قالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، إن ظاهرة الاختفاء القسري في مصر آخذة في التصاعد منذ الثالث من تموز / يوليو 2013، على الرغم من المطالبات الحقوقية المتكررة بوقف تلك الجريمة.

وأكدت المنظمة أنها تلقت مئات الشكاوى حول أشخاص تعرضوا للاختفاء القسري لفترات متفاوتة دون موافاة ذويهم بسبب وأماكن احتجازهم، بل ويتم إنكار وجودهم لدى السلطات الأمنية من الأساس، ومنهم من فقدت آثاره ولا يعرف أهو حي أم ميت.

وبينت المنظمة أن ما يزيد من خطورة تلك الجريمة في مصر، هو تفشي وباء التعذيب داخل مقار الاحتجاز المصرية، خاصة المقار السرية التي تستخدم في عمليات الاختفاء القسري تلك، حيث يتم انتزاع اعترافات منهم لتفاجأ عائلاتهم ببث اعترافاتهم عبر وسائل الإعلام الموالية للنظام.

 كما وثقت المنظمة تعرض عشرات المختفين قسريا إلى التصفية الجسدية على أيدي قوات الأمن المصرية بعد اعتقالهم بشكل غير قانوني، ومن ثم اختلاق روايات كاذبة حول مقتلهم في أثناء اشتباكهم مع قوات الأمن، وهو ما أوضحت المنظمة كذبه في العديد من التقارير والتحقيقات.

وذكرت المنظمة أن أحد الشكاوى التي تلقتها شكوى أسرة محمد عبد الحميد فرج (مواليد 11 أبريل/نيسان 1992) والمختفي قسريا منذ أكثر من عامين، حيث ألقي القبض عليه في أغسطس/آب 2014.

وجاء في إفادة أسرته أنه " تم إلقاء القبض على محمد من قبل قوات أمن بزي مدني ورسمي وفقا لشهود عيان الخميس 7 أغسطس/آب 2014 في أثناء وجوده بالقرب من مستشفى الدكتور صلاح سالم في شارع الغشام بالزقازيق، حيث كان متوجها للمستشفى بناء على موعد طبي لتحديد موعد إجراء عملية جراحية بالأذن، ثم قامت باقتياده إلى مكان مجهول حتى الآن دون عرضه على النيابة، أو دون موافاتنا بأية معلومة حول سبب أو مقر احتجازه.

وأشارت العائلة "منذ ذلك التاريخ ونحن في حالة بحث مستمر عنه في جميع أقسام الشرطة، والمقار الأمنية المحيطة بمكان إلقاء القبض عليه أو محل إقامته بالزقازيق ولكن دون جدوى، حيث إن جميع المقار الأمنية تنكر وجوده لديها، كما قمنا بعمل عشرات البلاغات والتلغرافات الرسمية للجهات المعنية في مصر، إلا أننا لم نتلق أي رد حول تلك البلاغات والتلغرافات".

كما تلقت المنظمة شكوى من أسرة أحد المختفين قسريا منذ أكثر من عامين أيضا، ويدعى عبد الرحمن محمود الجندي (مواليد 10 أغسطس/آب 1986حيث ألقي القبض عليه في سبتمبر/أيلول 2014.

وقالت أسرته إنه "تم إلقاء القبض عليه بتاريخ 10 سبتمبر/أيلول 2014 في أثناء مروره بأحد الكمائن على الطريق الدائري، الذي يبعد عن محل إقامته بالخانكة بالقليوبية مسافة ساعة تقريبا بالسيارة، حيث أرسل عبد الرحمن رسالة نصية لنا في ذلك التاريخ مفادها أنه تم إلقاء القبض عليه مع شخص آخر، ومنذ ذلك الحين  والاتصال منقطع معه، حيث لم يعرض على النيابة حتى اللحظة، بل وإن جميع المقار الشرطية تنكر وجوده لديها، كما أن الجهات المعنية في مصر لم تقم بالرد على أي من البلاغات والتلغرافات التي تقدمنا بها منذ اعتقال عبد الرحمن".

ومن الجدير بالذكر أن عبد الرحمن يعاني من أمراض بالرئة والأنف، تسبب له نزيفا دائما بالأنف في فترة الشتاء، وبحاجة إلى الانتظام على أدوية معينة، وإلا تعرضت حياته للخطر".

 وفي  شكوى أسرة المعتقل محمود أحمد عبد العاطي صالح،(مواليد 18 يونيو/حزيران 1988) والمختفي قسريا منذ أكثر من 112 يوما، قالت الأسرة إن "قوات أمنية تابعة لقسم شرطة الوراق وجهاز الأمن الوطني بالجيزة، قد داهموا منزلنا بالوراق فجر 21 يونيو/حزيران 2016، دون إذن من النيابة العامة، ثم قاموا باعتقال محمود بعد إتلاف محتويات الشقة، وبعدها تم اقتياده إلى مكان مجهول حتى الآن، دون عرضه على النيابة العامة أو تمكينه من التواصل معنا حتى اللحظة، ولقد حاولنا معرفة أية معلومات حول سبب ومكان احتجازه عن طريق إرسال بلاغات وتلغرافات للنائب العام ووزير الداخلية، إلا أنه تم تجاهل تلك المراسلات كافة، ويعاني محمود من انزلاق غضروفي وقطع بالرباط الصليبي، ما يجعله بحاجة إلى رعاية طبية خاصة بصورة دائمة ".

وفي إفادتها، قالت أسرة علي عبد الله مبروك الفقي (واليد 24 ديسمبر 1988)، والمختفي قسريا منذ 106 يوما بعد إلقاء القبض عليه من مطار القاهرة، إنه في "مساء 27 يونيو/حزيران 2016 قامت قوات تابعة للأمن الوطني المصري باعتقال علي في أثناء وجوده بمطار القاهرة الدولي للسفر لدولة الإمارات على الرحلة رقم 926 المتجهة لدبي، دون إذن من النيابة العامة ودون موافاته بالتهم المنسوبة إليه وفقا لشهود عيان، ثم اقتيد إلى مكان مجهول حتى الآن، دون عرضه على النيابة أو السماح له بالتواصل معنا أو مع محاميه، ولم نعلم بالأمر إلا بعد علمنا بعدم وصوله للإمارات، حيث توجهنا لمطار القاهرة وبسؤالنا عما تم معه، أكد أمن المطار قيام قوات أمنية بإلقاء القبض عليه، دون موافاتنا بأسباب ذلك، وبعدها قمنا بالبحث عنه في المقار الأمنية المحيطة بالمطار والموجودة بالقاهرة كافة، إلا أنها جميعا أنكرت وجوده لديها، كما قمنا بإرسال أكثر من تلغراف للجهات المعنية في مصر مطالبين إياها إجلاء مصير علي، إلا أنه لم يبت فيها حتى الآن، كما قمنا بالتقدم ببلاغ في النيابة العامة، إلا أنه لم يبت فيه أيضا".

وأضافت المنظمة أنه بعد الثالث من تموز 2013  تعرض أكثر من 68000 مواطن مصري للاعتقال بصورة تعسفية على خلفية آرائهم السياسية المعارضة للسلطات، وقد تعرض أغلبهم للاختفاء القسري لمدد زادت عن الـ 24 ساعة، حيث لم يتم عرضهم على النيابة ولم يتم السماح لهم بالتواصل مع المحامي الخاص بهم، أو إطلاع ذويهم عن أية معلومات حول أماكن أو سبب احتجازهم.

وأوضحت المنظمة أنه من بين جملة من تعرضوا لجريمة الاختفاء القسري، فإن ما يزيد عن 100 شخص على الأقل مفقودين بشكل كامل منذ أكثر من عامين وحتى الآن، حيث تعرضوا للاعتقال في الأحداث التي تلت الثالث من يوليو/ تموز 2013 مباشرة، دون أن يجلى مصيرهم حتى الآن.

وكانت المنظمة قد أرسلت مئات الشكاوى إلى السلطات المصرية حول أشخاص تعرضوا للاختفاء القسري، وحوت تلك الشكاوى توثيقا دقيقا لوقائع اعتقال أولئك الأشخاص ومحاضر رسمية أو تلغرافات قامت الأسر بتحريرها لإجلاء مصير ذويهم، إلا أن تلك السلطات اكتفت بإظهار البعض من أولئك الأشخاص بعد تلفيق اتهامات جنائية لهم، وتزوير تاريخ اعتقالهم الحقيقي قبل عرضهم على النيابة العامة، بينما استمر احتجاز البعض الآخر حتى الآن، وفي كل الحالات لم تفتح السلطات تحقيقا واحدا في أي منها.

وأرجعت المنظمة تصاعد اتباع النظام المصري لسياسة الاختفاء القسري إلى انتشار سياسة الإفلات من العقاب، وإلى استمرار المجتمع الدولي في تعاميه عن تلك الجريمة وامتناعه عن اتخاذ أي إجراء جاد يمنع النظام المصري من التوقف عن انتهاج تلك السياسة.

وطالبت المنظمة الأمين العام للأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي واللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب باتخاذ موقف عملي، والضغط على النظام المصري لوقف عمليات الاختفاء القسري، وكشف مصير المفقودين والمختفين قسرياً كافة بشكل عاجل.
 
 
التعليقات (0)