كشف تحقيق عن أن
التحرش الجنسي في
الجامعات البريطانية، والعنف الموجه ضد الفتيات في الجامعات البريطانية، الذي يقوم به موظفو الجامعات، شبه بالفضائح الجنسية في الكنيسة الكاثوليكية، وفضيحة مقدم البرامج التلفزيونية جيمي سافيل، وذلك بناء على قصص جمعتها صحيفة "الغارديان" من 100 امرأة.
وتذكر الصحيفة أن القصص التي ذكرتها النساء تضم تحرشات لفظية، وهجمات جنسية، واغتصابا، وهو ما يكشف عن أشكال من التحرش والانتهاكات التي لا تزال مخفية عن الأنظار بشكل كبير، مشيرة إلى أن عددا من المشاركات قارنّ بين ما تعرضن له وفضيحة الكنيسة الكاثوليكية، والنجم التلفزيوني المعروف جيمي سافيل.
وينقل التحقيق، الذي ترجمته "
عربي21"، عن عدة نسوة قولهن إنهن لم يقمن بالإبلاغ عما تعرضن له من انتهاكات؛ خشية أن تؤثر الشكوى ضد مدرسين أو موظفين جامعيين في مسارهن الأكاديمي، لافتا إلى أن من تجرأن على الشكوى شعرن بأنهن معزولات وغير محميات، وبدا الرجال الذين أبلغن عنهم أقوياء، ولا أحد يستطيع الاقتراب منهم.
وتورد الصحيفة نقلا عن المديرة المشاركة لمنظمة "نهاية العنف ضد المرأة" راشيل كريز، دعوتها إلى تغيير عاجل في الجامعات؛ لمنع المسؤولين الكبار في الجامعة من إساءة استغلال مناصبهم، ولتطوير آلية تقديمهم للمحاسبة، وتقول: "نعرف أن هذا يحدث للشابات في الجامعات، وفي أنحاء البلد كلها، ولا تزال المؤسسات التي وضعن فيها ثقتهن تتخلى عنهن"، وتضيف كريز: "جامعاتنا بحاجة لاستماع للنساء اللاتي يتقدمن ويبلغن عن قصصهن، وهناك حاجة للتحقيق في قصصهن وبشكل مناسب عندما يبلغن عن حالات
اغتصاب، ومن أجل حماية النساء من هؤلاء المعتدين".
ويشير التحقيق إلى أن منظمة "نهاية العنف ضد المرأة" تقول إنه بناء على قانون حقوق الإنسان، فإنه من واجب الجامعات البريطانية حماية
الطالبات من الهجمات الجنسية، والأشكال الأخرى من العنف ضد المرأة، لافتا إلى أنه في تحليل لسياسات الجامعات، فإنه تبين أن عددا منها تخلت عن التزاماتها تجاه طلابها.
وتبين الصحيفة أن جامعات المملكة المتحدة ستصدر تقريرها الذي طال انتظاره حول التحرش والعنف الجنسي في الجامعات نهاية الشهر الحالي، مشيرة إلى أن هناك مخاوف من أن يركز التقرير على "ثقافة الشباب"، وحوادث بين الطلاب، بدلا من الحوادث التي تتعلق بالطلاب والموظفين، التي ظلت بعيدا عن النظر.
وتقول "الغارديان" إن غالبية الحالات التي وصلتها تتعلق بأكاديميين بارزين، يقومون بالتحرش بالطالبات الشابات في مرحلة الدكتوراه، اللاتي يعملن معهم باعتبارهم مشرفين على أبحاثهن، لافتة إلى أن هناك عددا من الحالات في المرحلة الجامعية الأولى، وعددا صغيرا من الاتهامات التي تتعلق بعلاقات طالب مع طالب، وتحرش جنسي في محاضرة.
ويلفت التحقيق إلى أن معظم الروايات تظهر أن الجامعات تتخلى عن واجبها للعناية بطلابها الذين تعرضوا للتحرش والاعتداء، وقالت أكاديمية قامت بتقديم شكوى ضد أكاديمي بارز، قدمت ضده شكاوى سابقة من أخريات، إنها طردت من الحرم الجامعي، وعلق عملها لمدة 3 أشهر، بعدما قال الأكاديمي إن الاتهامات كاذبة.
وبحسب الصحيفة، فإن أكاديمية أخرى اشتكت لمكتب الشؤون البشرية، بأنها تعرضت لهجوم جنسي من زميل أعلى رتبة منها، قالت إن الجامعة طلبت منها حضور مقابلة أجراها معها زميلان آخران، وتضيف: "شعرت بالصدمة والخجل، ليس لأنني تعرضت لهجوم جنسي، لكن لتقديم تفاصيل عنه لرجلين، أحدهما يرى أنني أضيع الوقت، وطلبا مني عدم رفع الشكوى للمرحلة الرسمية الثانية".
ويفيد التحقيق بأنه في حالة أخرى، تقدمت طالبة دكتوراه بشكوى، بعدما تعرضت للاغتصاب من أستاذ بارز، كانت على علاقة معه، وتحدثت عن شعورها بالعجز، وتقول: "كان أستاذا معروفا، وكان يفعل ما يريد".
وتنوه الصحيفة إلى أن الحوادث حصلت في عدد من المؤسسات الأكاديمية، بما فيها جامعات مرموقة وبارزة جدا، أو تلك التي تعرف باسم "راسل غروب"، (أوكسفورد، وبيرمنغهام، وأدنبرة، وكامبريدج، وإمبريال، وغلاسكو، وليدز، وغيرها)، لافتة إلى أن بعض هذه الحالات يعود إلى ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وأخرى قريبة، فيما لا تزال قضايا أخرى تحت التحقيق.
وينقل التحقيق عن أستاذة الفلسفة في جامعة شيفلد، والخبيرة في التحرش الجنسي في مؤسسات التعليم الجامعي جينفر شول، قولها إنها ليست مندهشة من هذه القصص، وتضيف: "هذه مشكلة عامة، وفي معظم الحالات يشعر الضحايا بالخوف للتقدم بالشكاوى؛ خشية تعرضهن للانتقام، وعندما يتقدمن ببلاغ عادة ما يتم تجاهلهن، أو لا يتم تصديق الرواية، وحتى عندما يتم تصديق ما قلنه فإنه يتم يتجاوزهن؛ نظرا لعدم وجود إثباتات، وعندما يتم التعامل مع ما قلنه بجدية، فإنه يسمح للمعتدي بالانتقال بهدوء إلى مكان آخر ليواصل عمل الأمر ذاته".
وتورد الصحيفة نقلا عن النساء اللاتي تقدمن بشكاوى، قولهن إن الجامعة عاملتهن وكأنهن في محاكمة، فيما تم التعامل مع المعتدي بطريقة مختلفة حتى لا تخسر نجما كبيرا، منوهة إلى أنه في عدد من الحالات، سمح للرجال المتحرشين بمواصلة عملهم، أو انتقلوا إلى مؤسسات أخرى، دون إجراء تحقيق رسمي أو ضبط، ولم تتأثر في هذه الحالة مسيرتهم العملية أو تتشوه.، وتقول أكاديمية: "لا يعرفون أين ذهب، أو ماذا يفعل، ولا يهتمون، ولم يعد مشكلتهم".
وبحسب التحقيق، فإن طالبات دكتوراه وصفن حماسهن عندما بدأن العمل مع أساتذة بارزين، ليجدن أنفسهن تحت ضغط إقامة علاقات عاطفية، لافتا إلى أنه عندما يرفضن فإنهن يعزلن، ويهملهن المشرفون الأكاديميون، بشكل يعرض دراستهن للخطر، وقالت طالبة: "ظل أستاذي يرسل لي رسائل، يطلب فيها مني صورا عارية لي، وعندما رفضت أخبرني أنني سأتعرض للاغتصاب، وكان الجميع يحبونه، وأعرف أنه لن يعاقب على ذلك".
وتختم "الغارديان" تحقيقها بالإشارة إلى أن مشاركة قالت إن الثقافة في الجامعات جنسية ورجولية، وعندما يتم التقدم بشكوى، فإنه يتم التعتيم عليها.