ملفات وتقارير

ما مستقبل علاقة الدولة بإخوان الأردن بعد وصولهم البرلمان؟

الأردن  إخوان الأردن
الأردن إخوان الأردن
نظرت جماعة الإخوان المسلمين في الأردن إلى الانتخابات البرلمانية التي أجريت في العشرين من أيلول/ سبتمبر الجاري، على أنها فرصة ذهبية لاسترداد حضورها الذي افتقدته خلال الفترة السابقة، بسبب أزمتها الداخلية من جهة، والتضييق الحكومي عليها من جهة أخرى، بحسب مراقبين ومحللين.

وظهرت الجماعة من خلال ذراعها السياسية، حزب جبهة العمل الإسلامي، والتحالف العريض الذي قاده في الانتخابات، ببرنامج سياسي تحت عنوان كبير هو "المشاركة والإصلاح".

إلا أن هناك تساؤلات تدور عن مستقبل العلاقة بين الإخوان والدولة، في ظل مشاركتهم في الانتخابات البرلمانية الأخيرة، ووصول نواب لهم إلى قبة البرلمان.

وحول هذا الموضوع، قرأ الكاتب والمحلل السياسي الأردني، حلمي الأسمر، في حديثه لـ"عربي21"، أن العلاقة بين الإخوان والدولة لن تعود كما كانت عليه قبل الانتخابات، من تضييقات واستقواء من الدولة على الجماعة، ترجمت بإغلاق مقراتها وعدم الاعتراف بترخيصها، بل وترخيص جمعية أخرى تحمل الاسم ذاته، لتكون بديلا عنها.

لكنه في الوقت ذاته أشار إلى أن العلاقة ستكون بأدنى حد من التفاهم والتعاون، وربما ببعض الحوار، موضحا أن مستقبل العلاقة يعتمد على الظروف الإقليمية أكثر منه محليا.

اقرأ أيضا: تحالف إسلاميي الأردن يحصد 15 مقعدا في البرلمان

ومجيبا عن سؤال حول وجود مصلحة للدولة من مشاركة الإخوان في الانتخابات البرلمانية، قال الأسمر إن "للدولة كل المصلحة في ذلك، فهي تبحث عن شرعية للانتخابات، وأرادت أن تظهر الانتخابات بزخم جماهيري، وذلك كله لم يكن ليتحقق لولا مشاركة الإسلاميين".

ولفت إلى أن الإخوان كانوا كذلك معنيين بالمشاركة، جراء ابتعادهم طويلا عن المشاركة السياسية، وجراء الأزمة الداخلية التي عانت منها، تُرجمت بانشقاقات وخروج قيادات سابقة من الجماعة، إلى جانب إغلاق مقراتها بدعوى عدم الترخيص.

ورغم حصول التحالف الذي قاده حزب جبهة العمل الإسلامي التابع للإخوان على 15 مقعدا في البرلمان، فإن الأسمر لم ير أنه يمكن للإخوان ممارسة دور حقيقي في البرلمان، إذ إنه يعاني من تغول للسلطة التنفيذية على قراراته، وضعف صلاحياته، مشيرا إلى أن ممثلي الإخوان في البرلمان وحلفاءهم سيمارسون معارضة في المجلس، وبعض الرقابة التي وصفها بـ"المحدودة". 

عدم المشاركة انتحار سياسي

من جهته، رأى الكاتب والصحفي الأردني، إيهاب سلامة، في مشاركة الإسلاميين في الانتخابات، أنها لم تكن بصورة طبيعية، "بل جاءت بعملية قيصرية أرغمتهم على المشاركة، وهم في أضعف مراحلهم، بعد سلسلة انقسامات داخلية أولا، والظروف التي يمر بها التنظيم العالمي التي لا يحسد عليها"، وفق تعبيره. 

وأضاف في تصريحاته لـ"عربي21" أن مشاركة الإخوان جاءت عقب تحديات صعبة واجهتها الجماعة، بعد ترخيص جمعية ذنيبات وحزب زمزم، ومخاوف من نقل أصولهم المالية للجمعية التي رخصتها الدولة.

وبناء على ما سبق، قال سلامة إن مشاركة الجماعة في الانتخابات، "مثلت قفزة إلى الأمام، في محاولة إعادة شرعيتهم القانونية، عبر السلطة التشريعية، وكانت عدم مشاركتهم انتحارا سياسيا".

وعن المقاعد التي حصل عليها الإسلاميون في البرلمان، قال إيهاب سلامة، إن التحالف الذي قادته الجماعة الأم كان على علم سلفا بأنه لن يحصل على رقم برلماني مناسب، وهو ما حدث. 

وفسر ذلك بالقول إن "الإسلاميين اليوم يعانون بالأساس من معضلة تتمثل في غياب الرموز والأسماء الوازنة في هذه المرحلة، بعد تنحي الصف الأول عن المشهد، إلى جانب أن قانون الانتخاب المثير للجدل (القوائم النسبية) يشكل عقبة أمامهم للوصول إلى رقم نيابي مناسب في المجلس البرلماني، وهو الذي يستحيل معه فوز أكثر من مرشح في القائمة الواحدة، ما اضطرهم للدخول في تحالفات لفك طلاسم القانون والتعاطي معه".

ورأى سلامة في مشاركة إخوان الأردن في الانتخابات الأخيرة، أنها ستعود عليهم بالفائدة على الصعيد التنظيمي للحركة، أكثر من المشاركة بحد ذاتها، بل وإتاحة الفرصة لهم للعودة إلى الشارع واستقطاب الآخر، في وقت كانوا فيه قبيل الانتخابات بأسابيع مهددين بالانهيار، "لينقلب المشهد لصالحهم مرحليا"، على حد قوله. 

التخوف من قرارات مصيرية

وقال سلامة إن نجاحهم في الانتخابات ووصول مرشحين لهم إلى المجلس سيخضعهم لتحديات أصعب، متوقعا أن يحمل البرلمان الثامن عشر معه قرارات صعبة ومصيرية، وأن هذه القرارات سيحمل وزرها الجميع، ومن ضمنهم الإسلاميون حتى لو لم يؤيدوها.

وأشار إلى ما حدث في برلمان 1993، من تمرير لاتفاقية وادي عربة، رغم أنه كان للإخوان تمثيل في المجلس.

وأكد أن الدولة معنية بإشراك الإسلاميين بتحملهم المسؤولية السياسية في كل ما ستقرّه المرحلة القادمة، وأن الإخوان لن يقدروا على لوم أحد، لأنهم أصبحوا جزءا من اللعبة السياسية.

وأوضح أن البرلمان بالمحصلة أرقام، فهناك أرقام تؤيد وأخرى تعارض، والغلبة والحسم للأغلبية، ورغم العدد الهزيل لهم تحت القبة، وعدم اشتراك أحزاب أخرى قريبة من خطهم أو حتى نواب مستقلين معارضين يعول عليهم، فلن يتعدى دورهم إلقاء الخطابات والاعتراض هنا وهناك، وفق قوله.

وعبر عن استيائه من أن القرارت المقبلة ستمر كلها على مرأى من أعين أعضاء مجلس البرلمان، مشفوعة بتواجد المعارضة تحت القبة، الأمر الذي يمنحها نكهة خاصة ومحببة للحكومات.

اقرأ أيضا: "النواب الأردني".. خليط البزنس والعشائر بنكهة إسلامية

مستقبل العلاقة في ظل وجود جمعية ذنيبات

اتفق الأسمر وسلامة وفق ما تحدثا به لـ"عربي21"، في تناولهما لمستقبل العلاقة بين الإخوان والدولة رغم ترخيص الأخيرة جمعية تحمل اسم الأولى، واعتبارها الجماعة الأم غير مرخصة، على أن الجمعية التي يقودها القيادي السابق عبد المجيد الذنيبات لن يكون لها أي دور فاعل في الحياة السياسية مستقبلا، مشيرا إلى أن دورها سيقتصر على حدود المناكفة، رغم تعليق الآمال عليها من أطراف كثيرة سابقا، أبرزها الدولة.

وأشارا إلى أن الجمعية انتهت، ما إن أعلنت جماعة الإخوان وحزبها الترشح للبرلمان، إذ لم يعد لوجودها مبرر.

ولفتا إلى أن الجمعية تفتقد بالأساس إلى عناصر الجماعة الأصلية، مثل تعداد الأعضاء الضخم، والأسماء القيادية، والأهم الشرعية التاريخية، وليس القانونية التي حصلت عليها من الدولة.

الجدير بالذكر أن جمعية جماعة الإخوان المسلمين حصلت على مقعد واحد فقط في الانتخابات وفق ما أعلنه مقربون لها، إلا أن الفائز بهذا المقعد إبراهيم أبو العز في العقبة، لم يشارك في الانتخابات باسم الجمعية، وهو في الوقت ذاته يعد من أعضاء حزب زمزم، ويحسبه المقربون على الحزب من الأسماء التي ستمثله تحت قبة البرلمان.
التعليقات (0)