لا شك أن الإسلام هو دين الله الذي رضيه لنفسه، وارتضاه لخلقه: "الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينا" المائدة: 3. وهذا الدين الذي جاء للبشرية في مرحلة الرشد ليكون صالحا لكل زمان ومكان، وكان مما حرص عليه أن يراعي الإنسان كإنسان....

ولم تكن نظرة الإسلام للإنسان على أنه حيوان كما يظن البعض، سواء جعلوه حيوانا ناطقا أو حيوانا متطورا، أو حيوانا منتجا، أو حيوانا اجتماعيا، ولا حتى حيوانا ضاحكا، بل هو إنسان مكرم، خلقه الله بيده، واصطفاه من خلقه، وأودعه سرا من عنده، ونفخ فيه من روحه، وأودعه غرائز ورغبات. 

وإذا كان الإنسان صاحب غرائز ورغبات كما خلقه الله، فإن دين الله لن يضاد منهجه الذي خلق الله الإنسان عليه، ولن يصطدم شرعه مع ما جبل عليه البشر، قال تعالى: "أَلاَ يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَهُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ" (الملك: 14).

ولهذا رأينا الغزالي رحمه الله يرد بقوة وحزم، على من يحاولون منع الإنسان من مباشرة غرائزه وطبائعه ـ المباحة ـ فقال: ولكن الدنيا كلها لهو ولعب، وجميع المداعبة مع النساء لهو، إلا الحراثة التي هي سبب وجود الولد، وكذلك المزح الذي لا فحش فيه حلال، نقل ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن الصحابة. وأي لهو يزيد على لهو الحبشة والزنوج في لعبهم، فقد ثبت بالنص إباحته. على أني أقول: اللهو مروح للقلب، ومخفف عنه أعباء الفكر، والقلوب إذا أكرهت عميت، وترويحها إعانة لها على الجد. فالمواظب على التفكر مثلا ينبغي أن يتعطل يوم الجمعة؛ لأن عطلة يوم تساعد على النشاط في سائر الأيام، والمواظب على نوافل الصلوات في سائر الأوقات ينبغي أن يتعطل في بعض الأوقات، ولأجله كرهت الصلاة في بعض الأوقات، فالعطلة معونة على العمل، واللهو معين على الجد ولا يصبر على الجد المحض، والحق المر، إلا نفوس الأنبياء عليهم السلام. فاللهو دواء القلب من داء الإعياء، فينبغي أن يكون مباحا.

 ولكن لا ينبغي أن يستكثر منه، كما لا يستكثر من الدواء.. (إحياء علوم الدين/ أبو حامد الغزالي/ ج 2 / ص 268 ).

ومن هنا جاءت الأحاديث النبوية الشريفة، تصف النبي صلى الله عليه وسلم ضاحكا ومبتسما، وتذكر لعبه مع الأطفال، ولهوه مع نسائه، وضحكه مع أصحابه، وتحث على مراعاة إنسانية الإنسان، ولا أدل على ذلك من لعب الحبشة في المسجد، ولعب صواحب عائشة معها....
ما الداعي لأم تذهب بابنها أو ابنتها في أول يوم دراسي ثم تشير ما شئت من صور لأن (أسدها الصغير) أصبح معيدا في K G، أو مخترعا فذّا في الصف الأول الابتدائي..

ما الداعي لبث صور لخروجك مع فلان أو علان في فسحة ما؟؟!

ما الداعي لنشر صور تلتقط في نزهة أو فسحة ثم نضحك على أنفسنا بأن نكتب تحتها (يسقط يسقط حكم العسكر)..

لا يمنعك أحد من التلذذ بنعم الله والترفيه عن أولادك لكن ما الداعي لنشر هذا ؟؟!

لا يحق لأحد أن يحجر عليك أن تصور ولدك أو تصوري ابنتك في زي جديد لكن ما الداعي لتشييره على مواقع الاتصال؟؟!

من حقك أن تخرج بأولادك في رحلات بحرية وأخرى برية، ولكن ما الداعي لبث صور شوائك، وجميل ضحكاتك هنا وهناك!!

من الواجب عليك أن ترفه عن أهلك بأي شكل كان ما كنت مقتدرا وتجنبت كل محرم!!

إن الأصل أن يرى الله أثر نعمته عليك وعلى أولاد ولا عيب عليك في ذلك..

يا سيدي..... يا سيدتي.. لكن.... لكن.... لكن....

تذكر أن هناك أولادا حرموا من أبيهم بعد أن أودته طلقات الغدر قتيلا في رابعة والنهضة وغيرهما...

تذكر أن هناك أولادا حرموا من أبيهم بعد أن صفتهم كلاب العسكر دون وازع من دين أو رادع من قانون...

تذكر أن هناك أولاد غيب آباؤهم في سجون العسكر لأنهم يبحثون لي ولك عن حياة حرة كريمة...

تذكر أن أما حيل بينها وبين أولادها، وأنا أبا حيل بينه وبين فلذات كبده إما مطاردا أو معتقلا أو مصابا أو شهيدا...

أيها المصورون لحفلاتهم... راعوا أصحاب السلاسل البشرية في قيظ الصيف وبرد الشتاء...

أيها المشيرون لصورهم وصور أبنائهم... راعوا أصحاب المسيرات شبه اليومية..

أيها المبتسمون الفرحون بصور أبنائهم.... راعوا نفسية المحجوزين أما بوابات المعتقلات والسجون من أطفال وأمهات وزوجات....

أيها السادة لكم في السجون أحبة بل سادة، وفي المسيرة إخوة وأخوات بل قادة؛ فاذكروا سادتكم، ولا تنسوا قادتكم، وتذكروا قول الله تعالى {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَة } [الحجرات: 10].