صحافة إسرائيلية

محلل إسرائيلي يقرأ أسباب الدخول التركي لجرابس وأبعاده

تعزيزات الجيش التركي على الحدود مع سوريا- الأناضول
تعزيزات الجيش التركي على الحدود مع سوريا- الأناضول
تناول المعلق الإسرائيلي المختص بالشؤون الأمنية والاستخباراتية، يوسي ميلمان، في مقال له في صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، أسباب دخول تركيا إلى جرابلس السورية، وتسهيل سيطرة الجيش السوري الحر عليها، واصفا ما يحدث بأنه "معقد"، موضحا أن فسيفساء المصالح المتضاربة للأطراف المختلفة في سوريا تزداد تعقيدا.

وقال تحت عنوان "يا لها من فوضى"، إن "الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بخطوته هذه، ينجح بالمس بالتطلعات الكردية"، مضيفا أن "التدخل التركي ليس فيه بعد ما يشكل خطوة تحطم التعادل الذي يقرب انتهاء الحرب" في سوريا، وفق قوله. 

وناقش ميلمان الأسباب التي دفعت تركيا إلى الدخول في الأراضي السورية، وقال إنها رسميا، توجه دخولها للقتال ضد تنظيم الدولة، أما عمليا، فلتركيا تطلعات استراتيجية أكبر. فهدفها هو منع تقدم القوات الكردية التي تثبت حزاما واسعا على طول الحدود التركية، يمكنه أن يشكل قاعدة لكيان حكم ذاتي كردي في سوريا وربما حتى لدولة مستقلة. 

وأشار إلى أن هذه القوات الكردية تمتعت بالمساعدة الجوية الأمريكية، ودربتها وحدات من القوات الخاصة الأمريكية. وفقط قبل زمن غير بعيد، احتلت الوحدات الكردية، بإسناد وتشجيع أمريكي، مدينة منبج الأساسية، التي تقع على مسافة غير بعيدة من جرابلس. 
 
وقال: "لا يخفي الناطقون الأتراك طلبهم بأن تنسحب القوات الكردية من شرقي نهر الفرات، منعا لقيام الكيان الكردي على حدودهم، الأمر الذي من شأنه أن يشجع الأكراد الأتراك أيضا على إقامة دولة خاصة بهم، وربما حتى دولة واحدة كاملة تضم الأكراد في العراق، في سوريا وفي تركيا".
  
وأكد أن الخطوة التركية "تعقد فسيفساء المصالح المتضاربة للجماعات المحلية، الدول في الشرق الأوسط والقوتين العظميين، ممن ينبشون في القدر السورية".

وعلق على البيان الذي نشرته وزارة خارجية النظام السوري الذي ندد بالتدخل التركي، بأن هذا البيان "هو تعبير أكثر من أي شيء آخر عن خيبة أمل نظام بشار الأسد، الذي لا يحظى بالسيطرة في بلاده". 

وذهب ميلمان إلى أن "من المعقول التقدير بأن الحملة التركية ما كان يمكنها أن تتحقق دون الموافقة بصمت من روسيا على الأقل، التي هي السيد والدرع للنظام السوري"، وفق وصفه.

ولفت إلى أن هذا الدخول التركي في الأراضي السورية جاء في أعقاب المصالحة الأخيرة بين أنقرة وموسكو. ومع ذلك، ولعله كي يسجل في البروتوكول، فقد نشرت وزارة الخارجية في موسكو بيانا تعرب فيه عن قلقها من الخطوة التركية، وفق ميلمان. 

ووجه ميلمان حديثه لأمريكا في ما يخص الشأن التركي ودخول القوات التركية إلى سوريا، قائلا: "على الولايات المتحدة أن تناور بين المصالح المتضاربة لحليفيها تركيا والأكراد. وليس صعبا التقدير من تفضل واشنطن. فمفهوم أنها تفضل تركيا، مثلما صرح في أنقرة نائب الرئيس بايدن. ومرة أخرى تهجر الولايات المتحدة الأكراد وتخونهم، مثلما فعلت غير مرة في الماضي"، وفق قوله.

ورأى أن الخطوة التركية تمثل التغيير الأكبر للسياسة الخارجية والأمن للرئيس التركي أردوغان. 

"تدخل تركيا يساهم بانهيار داعش"

واتهم المحلل الإسرائيلي ميلمان، السلطات في تركيا، بأنها منذ اندلاع الأزمة في سوريا، اتجهت إلى دعم تنظيمات مسلحة مثل تنظيم الدولة، زاعما أنها "اشترت منه النفط الرخيص الذي هربه، وزودته بالسلاح، وسمحت لآلاف المتطوعين المسلمين من كل أرجاء العالم بالانتقال إلى أراضيها، والانضمام إلى داعش في العراق وفي سوريا". 

وقال إن ذلك استمر حتى قبل محاولة الانقلاب الفاشلة ضد النظام التركي، وعقبها، قرر أردوغان تغيير سياسته. فقد تصالح مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بعدما اعتذر عن إسقاط الطائرة الروسية. وتصالح أيضا مع إسرائيل، وأعلن الحرب على داعش. 

وأضاف: "هكذا يحاول أردوغان التقرب إلى الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. والآن هو في الطريق أيضا لتحسين العلاقات مع إيران. وبعد الغزو سيلطف مطالباته بإسقاط الأسد من الحكم في دمشق"، بحسب قوله. 
 
وشدد على أن الهجوم التركي يساهم في الانهيار المتوقع لتنظيم الدولة، الذي يفقد مع الوقت الأراضي التي كانت تحت سيطرته. 

وقال إن تنظيم الدولة يشهد هزيمة تلو الأخرى مع الوقت، فمقاتلوه يفرون، ومداخيله تتضاءل، وتأييد الشباب له يتقلص. والمعركة لطرده من سوريا تجري بالتوازي مع هزائمه في العراق، الذي يخطط جيشه في غضون أشهر عدة لاستعادة الموصل، المدينة الثانية من حيث الحجم في الدولة. 
التعليقات (0)