ملفات وتقارير

سيناء.. المنطقة المحظورة "إعلاميا" والمنكوبة "إنسانيا"

تجري العمليات العسكرية بعيدا عن أعين الإعلام (من الصور التي حصلت عليها "عربي21" من موقع "سيناء نيوز")
تجري العمليات العسكرية بعيدا عن أعين الإعلام (من الصور التي حصلت عليها "عربي21" من موقع "سيناء نيوز")
بعد مرور نحو ثلاث سنوات من العمليات العسكرية للجيش المصري في شمال شبه جزيرة سيناء، ضد "المجموعات المسلحة"، لا تزال الأوضاع الأمنية والاجتماعية والاقتصادية مضطربة لحد كبير، ولا تحظى بتغطية صحفية أو إعلامية تُذكر؛ لنقل وقائع ما يجري على الأرض، أو حتى معاناة المدنيين، وفق صحفيين وإعلاميين سيناويين.

الصحافة في سيناء

وأكد عاملون في موقع "سيناء نيوز 24" المصري؛ أن "العمل الصحفي في سيناء عليه قيود شديدة، وتحفه المخاطر من كل الجوانب، ويضطر غالبية الصحفيين لاستخدام أسماء وهمية؛ لتمرير بعض الأخبار".

فالسلطات تنظر إلى الصحفي هناك بعين الريبة، "فالصحفي الذي يثبت نقله لأخبار تخالف الرواية الأمنية يتم اعتقاله، أو مطاردته من طرف الأمن، وكذلك من يثبت عمله مع الأمن أو الجيش يكون هدفا للعناصر المسلحة، وهذا ما حدث مع الصحفي علاء سليم، وهو مصور كان يخرج لتصوير الحملات العسكريه مع قوات الجيش، وقتله المسلحون لاحقا جنوب الشيخ زويد، في آب/ أغسطس 2015"، بحسب قول القائمين على الموقع لـ"عربي21".

ومنذ بدء العمليات العسكرية في سيناء، "لا يمر يوم دون أن يسقط فيه قتلى أوجرحى من المدنيين، ويتكبدون خسائر مادية فادحة، فعندما يدشن الجيش كميناً جديدا له يزيل كل المنازل المجاورة، كذلك المسلحون عندما يعلمون أن الجيش سوف يقيم كمينا بمكان ما يسارعون إلى نسف المكان قبل أن يصل الجيش إليه".

علامات استفهام

لكن إطالة أمد العمليات العسكرية يثير العديد من التساؤلات، ووفق القائمين على موقع "سيناء نيوز 24"، "فالمواطن في سيناء بدأ يشعر بالفعل أن الحرب الدائرة بجواره على الأرض، لم تقم من أجل الحفاظ على الأمن القومي المصري، أو محاربة الإرهاب، وأن هناك هدفا خفيا غير معلن، وكل الشواهد تدل عليه وهو (التسريع في إخلاء المنطقة الحدودية) لهدف ما".

واستدل مسؤولو الموقع على ذلك بـ"تعمد هدم وتدمير البنية التحتية، من مدارس ومقرات حكومية ومشروعات خدمية، ووحدات صحية، ومجالس قروية، حتى المساجد تم تدميرها بشكل ممنهج في المناطق الحدودية".

سيناء بدون صحافة

بدوره، قال الصحفي السيناوي، أحمد أبو دراع، وهو أحد الذين اعتقلوا بداية العمليات العسكرية في سيناء في أيلول/ سبتمبر 2013، بسبب تغطيته الصحفية، إنه "لا يوجد عمل صحفي في شمال سيناء، خلال الأعوام الثلاث الماضية"، ورهن حرية العمل الصحفي هناك بـ"انتهاء الحرب".

وأضاف لـ"عربي21": "من يحمل كاميرا هناك كأنه يحمل "آر بي جي"، وهناك صعوبة في الحصول على معلومة، أو تغطية ما يحدث في سيناء، ومن المستحيل أن ترضي جميع الأطراف".

وأوضح أن عمل الصحفي في سيناء "هو جهود ذاتية، ويساعده في ذلك رجال الإسعاف؛ كونهم نقطة التماس بين جميع الأطراف، سواء المدنية أو المسلحة أو الأمن".

وأشار إلى أن غالبية الأحداث في سيناء هي "أخبار أمنية، تتعلق بالعمليات العسكرية"، لافتا إلى أنه في الحرب الدائرة، "هناك طرف ثالث مجني عليه، وهو الطرف المدني".

وأكد أن "ما يحصل عليه المواطن من تعويضات أو رعاية طبية، غير كاف، فحياة المواطن هناك لا تساوي أكثر من 10 آلاف جنيه نحو (800 دولار)"، بحسب تعبيره.

ولفت إلى أن الوصول إلى المدنيين، لتقصي الحقائق، بات أمرا صعبا، "فغالبية ما يحدث للمدنيين لا يستطيع الصحفيون الوصول إليه، بسبب مخاوفهم من تعرضهم لملاحقات أمنية، ومضايقات من الأطرف المسلحة أو الأمنية"، واستدل على ذلك "بمنع الأهالي الصحفيين من تغطية أخبار مقتل ثلاثة من ذويهم، وعامل نظافة الأسبوع الماضي".

غياب الأمل

بدوره، عزا الإعلامي السيناوي، حسام الشوربجي، غياب التغطية الإعلامية للأحداث في شمال سيناء إلى "عدم السماح لوسائل الإعلام بالدخول إلى سيناء؛ لتغطيتها بشكل واقعي".

وقال لـ"عربي21": "هناك طرفان لنقل المعلومات، الأول هو ما يصرح به المتحدث العسكري، والآخر منصات التواصل على وسائل التواصل الاجتماعي، وشهود العيان".

ووصف الوضع الأمني بأنه يزداد سوءا؛ "نظرا لانتقال ساحة الاشتباكات بين الجيش المصري والمسلحين إلى مناطق مدنية"، مشيرا إلى "أن ما يحدث من عملية عسكرية لا يقابلها أي عملية تنموية"، وتحدث عن "اختفاء مناطق بكاملها؛ يستخدمها المسلحون كحاضنة شعبية للتوسع والتمدد في شمال سيناء"، على حد وصفه.

فساد يلاحق سيناء

من جهته، ذكر مركز "إعلام سيناء" أن "الأوضاع الأمنية من وجهة نظر المواطنين سيئة للغاية، خلافا لرؤية الأجهزة الأمنية، حيث يستدل الأهالي على ذلك بكثرة الانفجارات، وإصابه واستشهاد العديد من أفراد الأمن سواء من الشرطة أو الجيش، والمدنيين أيضا".

وأضاف متحدث باسم المركز لـ"عربي21": "أثناء حديثي معكم، وقع الآن انفجار داخل مدينة العريش وجاري المتابعة"، مؤكدا أن "تلك الأحداث لا يمكن للصحفي الميداني رصدها دون تعرضه للمخاطر".

وقلل المركز الإعلامي من أهمية حديث المسؤولين عن التنمية في شمال سيناء، بالتوازي مع العمليات المسلحة، مؤكدا "أن هناك استياء كبيرا بين المواطنين جراء عدم الاستقرار الأمني من ناحية، وعدم إصلاح وتطوير البنى التحتية، وزيادة معاناة الأهالي، من ناحية أخرى"، وأشار إلى وجود "فساد كبير لا يسلط الضوء عليه، ولا يعرف به إلا المتضررون".
التعليقات (0)