ظهر "أبو محمد الجولاني"، زعيم "جبهة النصرة" السابق وزعيم "جبهة فتح الشام" التي أعلن عن تشكيلها الخميس، بعد فك ارتباط "جبهة النصرة" بتنظيم القاعدة"، في مقطع مصور، ظهر به إلى جانبه قياديان في الجبهة الجديدة.
فما هي المعلومات المتوفرة عن "الجولاني"؟ ومن هما القياديان اللذان ظهرا إلى جانبه؟
"الفاتح أبو محمد الجولاني"
لم تعلن "جبهة النصرة" بشكل رسمي عن هوية زعيم تنظيمها، الذي أعلنت عند تشكيلها أنه: الفاتح أبو محمد الجولاني، إلا أن عدة مصادر مختلفة اتفقت على المعلومات الشخصية حوله.
أول هذه المصادر كانت من أنصار تنظيم الدولة، الذين نشروا مطلع نيسان/ أبريل الماضي، صورة تظهر شخصين، قالوا إن أحدهما هو "أبو محمد الجولاني" أمير
جبهة النصرة، عن طريق حساب "يهود الجهاد"، على "تليغرام"، أظهرت الشخص الذي قيل إنه الجولاني وخلفه راية تنظيم الدولة.
ويعتقد ناشطون أن هذه الصورة - في حال ثبتت صحّتها - التُقطت للجولاني في العراق، أثناء قتاله في صفوف تنظيم الدولة قبل إرساله إلى
سوريا.
وقال أنصار تنظيم الدولة قالوا إن اسم "الجولاني" هو أحمد حسين علي الشرع، وُلد في السعودية، ويتحدر من الجولان، بيد أنه نشأ في دمشق.
اقرأ أيضا: أنصار "الدولة" ينشرون صورة تظهر وجه الجولاني ومعلومات عنه
وقال أنصار تنظيم الدولة إن الجولاني درس لمدة سنة واحدة في كلية الإعلام، وتوجّه بعدها إلى العراق ليلتحق بصفوف "دولة العراق الإسلامية"، واعتقل بعد ثلاثة أشهر فقط من دخوله العراق، وأُفرج عنه بعد انطلاق الثورة السورية.
ولم تكن الصورة التي نشرها حساب "يهود الجهاد"، دون جزم بتطابقها مع صورة الجولاني التي نشرت أمس، هي أول الصور المنشورة للجولاني، حيث نشرت وكالة "أسوشيتد برس" نهاية عام 2013، للجولاني، نقلا عن مسؤولين استخباراتيين عراقيين.
وتطابقت بعض معلومات أنصار تنظيم الدولة مع معلومات الباحث البريطاني، المتابع والمختص بجبهة النصرة، تشارلز ليستر، الذي نقلها عن أربعة مصادر، قائلا إن الجولاني هو: أحمد فاروق الشرع، ومن مواليد عام 1984، في درعا، وعاش حياته في دمشق.
وحول ارتباط الجولاني بتنظيم الدولة، وهو ما يفسر الصورة التي يظهر بها علم التنظيم خلفه - إن صحت للجولاني -؛ كان ليستر قال في دراسة مفصلة حول جبهة النصرة، نشرها الأربعاء إن الجولاني كان "أمير ولاية نينوى" في "دولة العراق الإسلامية"، قبل أن يرسله البغدادي إلى سوريا، بعد اندلاع الثورة السورية، وينفصل عنها مشكلا "جبهة النصرة"، ثم يبدأ صدامه مع تنظيم الدولة.
إلا أن أكثر المعلومات تفصيلا نشرها حساب يسمى "ehsani22" على موقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، وتوافقت تفاصيلها الأساسية مع معلومات كل من ليستر وأنصار تنظيم الدولة.
وقال الحساب إن الجولاني ولد في درعا، وتربى في "المزة الشرقية" في العاصمة السورية دمشق، مشيرا إلى وجود قرابة بينه وبين نائب رئيس النظام السوري فاروق الشرع، المنحدر من درعا كذلك.
وقال صاحب الحساب، ولم تستطع "عربي21" التحقق منه، إن الشرع (الجولاني) كان يحضر في مسجد الشافعي، الذي كان رئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل يأتي إليه أحيانا فنشأت بينهما معرفة، عند الشيخ الدمشقي المعروف أبو الخير شكري، إلا أن الأخير نفى معرفته بالجولاني في تصريحات لمجلة "عنب بلدي" السورية المعارضة.
وتابع صاحب الحساب بأن الجولاني توجه إلى العراق مع بدء حرب الاحتلال العراقية، واعتقل لفترة من الزمن، تعرف خلالها على زعيم تنظيم الدولة أبي بكر البغدادي.
"أبو الفرج المصري"
ويظهر إلى يمين الجولاني (يسار القارئ) القيادي المعروف في تنظيم
القاعدة سابقا، وعضو مجلس شورى "جبهة النصرة"، أحمد سلامة مبروك، المعروف بـ"أبي الفرج المصري".
ويُعد "أبو الفرج المصري" أحد أبرز قضاة التنظيم الشرعيين، وكان له دور في التحكيم بين خلافات جبهة النصرة مع الفصائل.
وعمل أبو الفرج المصري مع زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري لعقود، وظهر أول مرة مع جبهة النصرة في الجزء الثاني من إصدارها "ورثة المجد"، في حين يتوقع أنه عضو في "مجلس شورى" جبهة النصرة بسبب دوره الأساسي.
وهاجم أبو الفرج المصري في المقطع المصور حكام الخليج، معتبرا أن الديمقراطية لا تصلح في دول المنطقة، كما أضاف أن "الديمقراطية التي أوصلت مرسي للحكم، انقلب عليها الغرب الذي يروج ويتغنى بها، وساعدوا في إسقاطه مقابل تنصيب السيسي".
اقرأ أيضا: إصدار جديد لـ"النصرة" يظهر فيه قادة بارزون لأول مرة
وكان أبو الفرج المصري اعتقل في مصر بعد اغتيال الرئيس المصري أنور السادات عام 1981، ونشرت مجلة "المجلة" عنه تقريرا في عام 1991، قالت إنه حكم بسبع سنوات بالسجن، ثم أطلق سراحه في الثمانينات وسافر إلى أفغانستان في عام 1989، ومنها إلى اليمن في بداية التسعينات، بحسب موقع "لونج وار جورنال"، الذي كتب مسبقا عن أبي الفرج، مشيرا إلى أنه قضى وقتا في السودان في منتصف التسعينات.
واستمر أبو الفرج بالعمل مع الظواهري، ففي كانون الأول/ ديسمبر 1996، اعتقل مع الظواهري على الحدود الروسية، حيث كانوا متوجهين إلى منطقة "داغستان"، ضمن بحث الظواهري عن مناطق آمنة للجماعة الإسلامية المصرية، وجهاديي القاعدة، لكنها أطلقت سراحهم، إلا أنه اعتقل بعد عامين في أذربيجان.
ويروي الصحفي لورانس رايت، صاحب كتاب "البروج المشيدة" أن اعتقال مبارك حينها كان في حملة للمخابرات الأمريكية، حيث اختطفته المخابرات الأمريكية في باكو، في أذربيجان، واصفة جهازه المحمول حينها بأنه "صخرة روزيتا القاعدة"، لما احتواه من معلومات تفصيلية عن القاعدة.
وتم ترحيله إلى مصر، حيث تمت محاكمته بقضايا مرتبطة بالإرهاب، كما وصفته السلطات المصرية، في تقرير لصحيفة "الحياة" عام 1999 بأنه "الذراع اليمنى للظواهري"، كما وصفته صحيفة "الدستور" المصرية عام 2011 بأنه "الكاتب الأكثر أهمية لـ"المراجعات القانونية" للجهاديين.
وأطلق سراح مبروك بعد اندلاع الثورة المصرية، وأصبح شخصية بارزة في "أنصار شريعة مصر"، التي عملت تحت القاعدة، وظهر لجانب محمد الظواهري، شقيق زعيم تنظيم القاعدة الذي أطلق سراحه بعد الثورة كذلك، قبل أن يظهر الجهادي المخضرم أخيرا في مقطعي جبهة النصرة، ومقطع تشكيل "جبهة فتح الشام" الأخير.
"أبو عبد الله الشامي"
وإلى يسار الجولاني (يمين القارئ)، يظهر عضو اللجنة الشرعية، وعضو مجلس الشورى السابق، في جبهة النصرة عبد الرحيم عطون، المعروف باسم "أبي عبد الله الشامي".
وبرز دور "أبي عبد الله الشامي" في بداية الخلاف مع تنظيم الدولة، حينما باهل المتحدث الرسمي باسم تنظيم الدولة "أبا محمد العدناني" بداية العام 2014.
وقال الشامي في شريط صوتي بعنوان المباهلة: "لقد أمهلْنا العدناني، وقدمنا العديد من الشهادات لعله يرجع لما لم يصله من علم".
وأوضح الشامي أن ما باهله فيه العدناني ينقسم إلى ثلاثة أقسام؛ حقائق تاريخية، وحقوق في الدماء والأموال، وأمور اجتهادية، مؤكدًا أن الحقوق لا تسقط بالمباهلة بل بالمحاكم الشرعية.
كما أشار الشامي إلى أن العدناني طلب المباهلة في بعض الحقائق دون البعض للفت الأنظار عنها أهمها إرسال المفخخات على المجاهدين من الفصائل المقاتلة.
وأكد المسؤول الشرعي في جبهة النصرة على أننا نباهلك "أننا رفعنا أمر الخلاف بيننا إلى الشيخ الظواهري، وقد رضينا به حكمًا وتواترت إلينا من كلامكم أنكم رضيتم به كذلك مثل البغداديِّ ونائبه أبي علي الأنباري والعدناني والمسؤول الشرعي أبي بكر القحطاني وغيرهم".
وتابع" أباهلكم أنكم تستخدمون الكذب والتدليس لتستدلوا به على صحة منهجكم وعلى التشويه على قادة الجهاد، وعلى رأسهم الظواهري".
كما تصدّر "الشامي" جبهة النصرة في الكشف عن مواقفها في قضايا هامة مثل الموقف من التدخل التركي في ريف حلب الشمالي، بالإضافة لرده مؤخرا على عضو مجلس الشورى الآخر أبي فراس السوري، حينما هاجم الأحرار واتهمهم بالكفر.
وقال الشامي في مقاله: "لقد بينّا للإخوة الأحرار في كل جلسة ما عندنا تجاههم، وما نراه خطأ في مسيرتهم، بمعزل عن حجم ذلك الخطأ حسبما نرى، وبالمقابل بينوا لنا ما عندهم تجاهنا، وما يرونه فينا، ولكن كل هذا مكانه الجلسات الخاصة، دون تناوله في الإعلام، وسيأتي اليوم الذي يكتب فيه هذا للتاريخ".
وأضاف: "ولكن فرق بين أن نكتب لعبرة التاريخ، وأن نكتب كلاما يؤثر في الحاضر والواقع تأثيرا سلبيا، لأننا لا نتكلم عن تجربة مضت، بل عن تجربة لا تزال قائمة مستمرة".
وأوضح "الشامي" أن بعض الاختلافات بين "جبهة النصرة" و "أحرار الشام" منعتهم من التوحد في جماعة واحدة، مضيفا: "الخلاف الذي بيننا وبينهم لم يرق إلى المستوى الذي جاء في مقالة الشيخ أبي فراس، ولم يرق إلى مستوى الحديث عن المآلات، إذ إنه لا يُحكم على الشيء إلا بوقوعه لا بتوقعه".