صحافة دولية

لوبوان: تنظيم الدولة واستراتيجية التكلفة المنخفضة للإرهاب

تقول الصحيفة إن منفذي هجمات فرنسا يتبعون نصائح العدناني - أرشيفية
تقول الصحيفة إن منفذي هجمات فرنسا يتبعون نصائح العدناني - أرشيفية
نشرت صحيفة "لوبوان" الفرنسية تقريرا، تحدّثت فيه عن تطور مفهوم "الجهاد" لدى تنظيم الدولة، وبلورة التنظيم استراتيجية جديدة تهدف إلى التخفيض من تكلفة العمليات التي ينظمها.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن اعتبار أن منفذ هجوم نيس، محمد بوهلال، مختل عقلي أو يعاني من اضطرابات نفسية لن يغير أي معطى، فالعملية التي نفذها تستجيب، تماما وعلى جميع المستويات، لـ"شرائع الإرهاب منخفض التكلفة"، التي سنها المتحدث الرسمي باسم التنظيم، أبو محمد العدناني.

وذكرت الصحيفة أن هذا الأخير كان دعا "جنود الخلافة" إلى الجهاد، قائلا: "إذا لم تتمكن من تفجير قنبلة أو إطلاق النار، حاول أن تكون وجها لوجه مع كافر فرنسي أو أمريكي، ثم قم بتحطيم جمجمته بحجر، أو قم بقتله بسكين، أو بدهسه بسيارتك، أو برميه في الهاوية، أو خنقه، أو تسميمه".

كما كان هذا المتحدث الرسمي نصح الموالين للتنظيم، في تسجيل فيديو ترجم ونشر على عدة مواقع إلكترونية سنة 2014، قائلا: "لا تتشاوروا مع أحد، ولا تبحثوا عن أي فتوى، فلا يهم إذا كان الكافر محاربا أو مدنيا، فكلاهما عدو ودماؤه مستباحة".

وذكرت الصحيفة أن مثل هذه الخطابات ما زالت ذوات وقع، ومؤثرة في النفوس الضعيفة الباحثة عن "الشهادة".

وبينت الصحيفة أن "الجهاد" اليوم قد تحول إلى عمليات فردية، يقوم منفذوها بالانتقال إلى أكثر المناطق كثافة سكانية، لإسقاط أكبر عدد من الضحايا، في أقصر وقت ممكن، ولذلك يجب التفكير في "الجهاد" كنموذج اقتصادي بناء على قول "هوغو ميشرون"، صاحب رسالة دكتوراه في العلوم السياسية، ومتخصص في الجهادية الفرنسية، الذي أوضح أن "انتشار الخطاب المتطرف على شبكة الإنترنت هو الذي أدى إلى ارتفاع نسبة الهجمات المنفردة في فرنسا".

كما أوضحت الصحيفة أن "الجهاد" لم يعد مرتبطا بالمنظمات المعقدة والخلايا النائمة الخاضعة لمركز تنظيم الدولة، وإنما صار مشروعا "ذاتيا". فبمجرد أن يعلن الشخص الذي استقطبه التنظيم ولاءه، يخوَل بتنفيذ العملية القادمة.

وقد مكن هذا التغيير في مفهوم "الجهاد" تنظيم الدولة من تجنب مخاطر وتكاليف التنقل إلى المناطق التي سينفذ فيها هجماته، مستغلا في ذلك الظروف النفسية والمشكلات العقلية لبعض الأشخاص؛ لبث الخوف والرعب في أنحاء مختلفة من العالم.

وأضافت الصحيفة أن الخطاب المتطرف، الذي يهدف إلى حث "جنود الخلافة" على "الجهاد"، يتضمن نصائح عملية. فقد نشرت صحيفة "إنسباير" الإنجليزية، سنة 2010، خطابا لتنظيم القاعدة يحمل تقريبا نقاط خطاب تنظيم الدولة ذاتها، وقد ورد فيه الآتي: "استخدموا الشاحنات مثلما تستخدمون آلة قص العشب. انتقلوا إلى أكثر الأماكن اكتظاظا، واعملوا على إلحاق أكبر ضرر ممكن في أقصى سرعة. وإذا كنتم تحملون معكم بندقية استعملوها لإنهاء مهمتكم".

وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذا ما نفذه، حرفيا، منفذ هجوم نيس، محمد بوهلال، الذي عمد، بعد دهس الناس المتجمهرين، إلى إطلاق النار على رجال الشرطة.

وتستنتج الصحيفة، على هذا المستوى، أن تسميات المنظمات الإرهابية تختلف، لكن نزعتها الإجرامية التي تؤصلها في خطاباتها واحدة.

وأشارت الصحيفة إلى أن كتاب "إدارة التوحش"، لصاحبه أبي بكر ناجي، ونشر سنة 2004 ، هو الذي وضع أسس هذه الاستراتيجية "الجهادية"، التي تعمل على استخدام وسائل متاحة ومنخفضة التكلفة، دون الحاجة إلى وسائل لوجستية مُكلفة. كما أنه كان مرجعا لقيادي التنظيمات المتطرفة، خاصة بعد أحداث 11 أيلول/ سبتمبر 2001.

وأضافت الصحيفة أن هذا الكتاب يدعو إلى "استنفاد قوى العدو"، ويفسر كيفية استقطاب العمليات "النوعية" لعدد كبير من الشباب، وقدرتها على إقناعهم بالجهاد". ولم تعد نسخ هذا الكتاب متوفرة، إلا أنه متاح، وبطريقة سهلة، على شبكة الإنترنت، ويمكن لأي شخص تحميله، ما يزيد من خطورة رواج الأفكار التي يتضمنها.

وربما لم يكن سائق الشاحنة في هجوم نيس قد قرأ، أو حتى سمع، عن "إدارة التوحش". ولكنه كان قادرا على اكتشاف مبادئ "الجهاد" الكبرى التي تروج لها مواقع إلكترونية عديدة تعمل على تحريض الفئة الشبابية، حيث تهدف هذه المواقع إلى استقطاب أكبر عدد ممكن من الأشخاص عن طريق نشر خطابات مماثلة. فقد أشار هوغو ميشرون إلى أن " التواصل صار سهلا بفضل تبادل الأفكار عبر "التغريدات" أو أشرطة الفيديو أو رسائل "التلجرام". فالعمل الدعائي لتنظيم الدولة ينتج بإتقان خطابات قادرة على الوصول إلى أدمغة أشخاص ذوي مستوى تعليمي بسيط أو حتى كبار المثقفين".

وشدد ميشرون على أن "عمل تنظيم الدولة مدروس بدقة. فهو يعد أوامره ويجهز تعليماته، المتعلقة سواء بالسلوك اليومي للجهاديين أو بالقتال، بطريقة محكمة جدا. لذلك فمن المؤكد أن انتشار قوات الشرطة في الأماكن العامة لا يكفي لمحاربة هذا الفكر الجهادي الجديد".

وقالت الصحيفة إن هذه الهجمات المنفردة بدأت منذ سنة 2013، حين قام رجلان في لندن بمهاجمة جندي بريطاني بسيارتهما، ثم دهساه، قبل أن يقوما بقتله باستعمال ساطور وسكاكين.

ونقلت الصحيفة عن عاصم الدفراوي، المتخصص في الحركة الجهادية الدولية ومكافحة سياسات التطرف، والحاصل على الدكتوراه في العلوم السياسية في باريس، قوله إن الدولة الفرنسية تتقدم بخطى بطيئة جدا، سواء في مجال فهم ظاهرة الإرهاب أو آليات نشر التطرف، وأن الأمر يزداد خطورة، خاصة مع الاستراتيجيات الجديدة التي يتبعها التنظيم.
التعليقات (1)
محمد
الأربعاء، 27-07-2016 11:07 ص
هدف تنظيم الدولة جر الدول الغربية الى سوريا لتحقيق ما جاء في الحديث النبوي و هو ينجح في ذلك- ربما لا نتفق معه في قتل العزلظو لكنه تدبير الهي في ظل سكون المسلمين عن العمل عن الجهاد و لا ننسى ان الله كان يبيد اقواما مارسوا الرذيلة في السابق رغم انهم مدنيون.