نشرت مجلة الأتلنتك الأمريكية، تقريرا تحدثت فيه عن “الاختراع الثوري” في عالم الطب، وهو جِلّ مائي، أو مادة يمكن حقنها في الموضع المصاب؛ تقلل من الالتهابات المزمنة، وتساعد في عمليات زرع الأطراف.
وقالت المجلة في تقريرها الذي ترجمته “عربي21”، إن الباحثين صنعوا مادة توضع على موضع الالتهاب، وتمرر الدواء بشكل بطيء؛ تعمل على مقاومة تشكيلة واسعة من الأمراض، “فعلى سبيل المثال لا الحصر؛ يعالج الجل التهاب القولون التقرحي، والتهاب المفاصل، والتهاب الغشاء المخاطي”.
وأضافت أن الالتهابات جزء من الاستجابة المناعية للجسم، وتنقل كميات إضافية من الدم للمكان المصاب، ولكن يصبح هذا مشكلا كبيرا في حالات الالتهاب المزمن، والحرارة، والألم والتورم، مشيرة إلى أن “الجل الذي طُور في مختبر تعجيل الابتكار الطبي في بريغهام، وفي المستشفى النسائي؛ يحمل الدواء، ويسربه بالقدر المطلوب، بحسب مستوى الالتهاب”.
وتابعت: “مثلا؛ عندما يحقن الجل في مفصل المريض المصاب بالتهاب المفاصل؛ يسرب الجل مضادات الالتهاب، وذلك عندما يشعر المريض بألم مفاجئ أو تورم، ولكن عندما يواجه الجل أنسجة سليمة؛ يحافظ على موقعه، ولا يسرب مضادات الالتهاب”.
ونقلت المجلة عن جاف كارب، الباحث الرئيس في المشروع، قوله وهو يشرح عمل الجل: “يوجد الكثير من الإنزيمات في موضع الالتهاب، وهي قادرة على امتصاص الجل، وهذا ما يتسبب في تسريب الجل للدواء الذي يحمله في الموضع المستهدف”.
وأضاف أنه “يمكن استخدام الجل في العلاج الإشعاعي لسرطان الرأس والرقبة، وذلك من خلال العمل على تهدئة قرح الفم المؤلمة، التي تسمى بالتهاب الغشاء المخاطي، والتي غالبا ما تتكون من خلال التعرض للجسيمات ذات الطاقة عالية الإشعاع”.
وأوضح كارب أن التهاب الغشاء المخاطي هو من أكبر شكاوى المرضى، وغالبا ما تؤدي شدة الألم إلى تخفيض جرعة العلاج، مؤكدا أنه “إذا تم تخفيف الآثار الجانبية؛ فسيتمكن المزيد من المرضى من إتمام حصص العلاج المجدولة بأمان وبجرعات أعلى، وهكذا يمكن أن تزيد معدلات البقاء على قيد الحياة”.
وذكرت المجلة أن “الجل لا يعمل على إيصال الدواء فحسب، بل يعمل بسهولة أكبر على الوصول إلى موقع الالتهاب من بين الأنسجة السليمة المحيطة به”، ونقلت عن كارب قوله: “يوجد في التقرحات شحن موجبة أكثر من باقي الأنسجة، لذا فإن المواد التي نستخدمها بها شحنات سالبة أكثر”.
وأشارت المجلة إلى أن المكان المستهدف سيتقلص بنسبة الخُمس أو أقل، ويصبح الدواء لا يوضع إلا في الموضع الذي توجد به الإصابة، وبهذا يصبح تركيز الجسم على الموضع المحدد، وليس على كامل الجسم. كما أن امتصاص الجسم لكامل الدواء له مضاعفات جانبية.
وقالت إن جرعات الدواء يمكنها أن تتمدد داخل مجالات واسعة، وبهذا يصبح الدواء أكثر فاعلية وأقل سمّية، مضيفة أنه “بالنسبة لمريض مصاب بالتهاب الأمعاء؛ فهذا يعني له تعويض الحقنة الشرجية اليومية؛ بحقنة واحدة أسبوعيا تستهدف الموضع المشحون إيجابيا في القولون المصاب”.
وأكدت المجلة أن “الجل يستخدم في حمل وتسريب الدواء بشكل أفضل من مضادات الالتهاب”.
وتابعت: “كانت آخر تجربة قام بها كارب هي زرع الأعضاء، حيث يرفض الطرف الخلفي للفئران السوداء أن يتأقلم بعد الزراعة؛ مع الفئران البيضاء، وتكون النتيجة سلبية، وتعرف عادة بعد حوالي 11 يوما، ولكن بالعلاج القامع المناعي المتكرر بانتظام؛ يتم تمديد هذه الفترة إلى 33 يوما، ولكن مع حقن الجل المحمل بالدواء القامع المناعي نفسه؛ تصبح المدة 150 يوما”.
وأشارت المجلة إلى أن مجموعة مدينة بيتسبرج أخذت هذا البحث إلى أبعاد جديدة من خلال عملها مع الجيش الأمريكي، حيث طبقته على نموذج الخنزير، “فكثيرا ما تستخدم الخنازير في مثل هذه الاختبارات والإجراءات الطبية؛ لأن استجابتها شبيهة، وتحاكي الاستجابة البشرية” على حد قولها.