كتاب عربي 21

انتبه.. إنه ليس مجرد انقلاب!

حمزة زوبع
1300x600
1300x600
قل ما شئت وحلل كيفما بدا لك، لكن والعهدة على الكاتب سيظل هناك الكثير مما يقال . فالأيام حبلى وما كشف من أوراق ليس سوى قطرة في بحر سر الدولة السرية للعسكر أو الجنرالات ليس في تركيا في العالم بأسره. لا تتعجب. 
 
 فأعداد الجنرالات المتورطين في الانقلاب الأخير في تركيا 15/7/2016 يعطيك فكرة عن حجم الاستعدادات التي تمت على مدار شهور إن لم تكن سنين. 
 
 انظر إلى ما كشف النقاب عنه من قوائم الموعودين بالوزارات وادارة المحافظات ورئاسة الشركات ومنها خطوط الطيران التركية والبنوك وغيرها?—?حال نجاح الانقلاب?—?لتكتشف أن الأمر ليس انقلابا عاديا أو عابرا أو محاولة تم اجهاضها بل مؤامرة كبيرة جاري اجهاضها ولم ينته الأمر بعد. 
 
 انظر إلى خبر القاء القبض على المساعد العسكري للرئيس اردوغان لتعرف أين وصل الانقلابيون وأسأل نفسك: كيف وصلوا إلى هذه المناصب؟ ومن الذي مهد لهم الطريق ؟ هل دول بعينها؟ أم استخبارات عابرة للقارات؟ وما دور رأس المال في الموضوع ؟ أو ما دور عصابات الجريمة المنظمة في الأمر؟ لا تستبعد شئ فقط فكر معي كيف يتآمر قادة الجيوش التركية جميعا إلا اثنين فقط أحدهما قائد الجيش الأول الجنرال “أوميت دوندار” والذي ابلغ الرئيس بموعد الانقلاب قبل ساعة من اقتحام الانقلابيين لفندق الرئيس حيث كان يقضي عطلة قصيرة. كيف التقت ارادة هؤلاء مع ارادة رئيس المحكمة الدستورية مع قادة ميدانيين في الجيش للتآمر على سلطة منتخبة ومنجزة استطاعت أن تغير وجه تركيا الحضاري والانساني قبل السياسي والاقتصادي والأخير خصوصا شهد به القاصي والداني؟ 
 
 هل قرأت خبر القاء القبض على قادة عسكريين أتراك يعملون في قاعدة انجيرليك ؟ وهي قاعدة أمريكية تنطلق منها القوات الأمريكية للحرب في الشرق الاوسط تحت ما يعرف بالحرب على داعش وتنظيم الدولة وأي تنظيم آخر لا يروق لأمريكا والناتو . ماذا يعني لك مثل هذا الخبر؟ 
 
 ثم دعني أطرح أسئلة مختلفة نوعا ما مثل من الذي وفر لهم درجة الأمان التي تسمح لهذا الخليط المتباين من جيش وقضاة ومستشارين لكي يخططوا ويدبروا وينفذوا لولا ستر الله؟ 
 
 كيف تواصل هؤلاء مع بعضهم البعض ؟ لا تقل لي أنهم يتواصلون عبر وسائل التواصل العادية فحسب ، أو ربما كانوا يلتقون في شقة الفنانة التي قامت بدور معشوقة “مهند” في المسلسلات التركية ! 
 ثمة من وفر لهم وسائل اتصال حديثة عبر تكنولوجية متقدمة . أليس كذلك؟ 
 
 لا تشغل نفسك بالاجابة على اسئلتي السابقة وفكر في التالي : 
 
 هل تركيا تحت حكم حزب العدالة والتنمية دولة فاشلة اقتصاديا؟ 
 
 هل تركيا اليوم دولة مستقرة سياسيا ؟ أم دولة استبداد فساد؟ 
 هل تركيا تقوم بدور محوري في المنطقة التي تعج بالمشكلات والحروب؟ 
 
 إذا كانت البلاد مستقرة والديمقراطية تتطور والاقتصاد ينمو والدور الاقليمي يتعاظم فما الحاجة إلى انقلاب؟ 
 
 انها شروط اللعبة الجديدة، أو النظام العالمي الجديد والذي يجب أن يخضع فيه الجميع لخطة التقسيم ومن لا يرضى فسيدفع الثمن عبر شبكة العملاء في هذا البلد أو ذاك.
 
 تركيا رفضت فكرة اقامة نواة لدولة تركيا على حدودها يحميها جيش من الاكراد التابعين سرا لبشار الأسد؟ كما رفضت المشاركة في توجيه الضربات التي لا تسمن ولا تغني من جوع على ما يسمه الغرب تنظيمات ارهابية بعضها في الحقيقة يدافع عن ثورة الشعب السوري بل ويرسل مفاوضين إلى جنيف للتفاوض عبر الوسيط الدولي. 
 
 تركيا على موعد مع المستقبل ليس بسبب اقتصادها الواعد ، بل لأن لديها ثروة بشرية شابة هائلة وهي تجاور بلدان غربية شاخ سكانها وانعدم نسلها وباتت على المحك ديموجرافيا. 
 
 تركيا على موعد مع المستقبل بعد انسحاب بريطانيا من الشراكة مع الاتحاد الأوربي، وهي على موعد مع الاستثمارات التي هربت من مصر ولبنان وسوريا والعراق ودول الاقليم. 
 
 تركيا على موعد مع التاريخ الذي بات يؤرق أوربا كما يؤرقها المستقبل تماما، لذلك فلس غريبا أن تخرج فرنسا وعلى لسان وزير خارجيتها تطالب اردوغان الذي نجت دولته للتو من حالة انقلاب غير مسبوقة بألا يفرط في اقامة العدل وليس ببعيد أن يطالب ارذوغان بالسماح للقتلة بالخروج كلاجئين إلى أوربا . 
 فرنسا لم تندد بالانقلاب حتى وإن فعلت فإنها بدت كما لو كانت راغبة في نجاحه للتخلص ليس من أردوغان بل من كابوس تركيا الجديدة. 
 
 أمريكا وعبر سفارتها في تركيا كانت على استعداد للترحيب بالانقلاب حين أطلقت عليه انتفاضة uprising، بل إن ال cnn كانت نموذجا سيئا للإعلام الغربي المنحاز حين استضافت خبراء من المخابرات الامريكية المركزية CIA ليتحدثون بحزن عن فشل الانقلاب، ويقدمون توصيات ونصائح مجانية للانقلابيين على الهواء . أنا هنا أتحدث هنا عن cnn وليس فوكس نيوز fox news التي تشبه في تغطياتها اعلام الانقلاب في مصر الآن. 
 
 لن أتحدث عن اللاعبين الصغار الذين يحكمون شبه الدول سواء في مصر أو ايران أو بعض دول الخليج العربي ولا حتى عن دولة الكيان الذي على ما يبدو كانت على علم بوقوع انقلاب وشيك وسارعت إلى استدعاء وزير خارجية الانقلاب المصري لتبلغه كي يعد العدة اعلاميا ، وهو ما حدث وحدثت معه الفضيحة حين استعجل القوم النتائج فغنوا ورقصوا في الاستديوهان وقبل أن يغادروا مواقعهم في مدينة الانتاج جاءهم النبأ السيئ: “فشل الانقلاب”. 
 
 انتهت مرحلة من عمر الانقلاب الفاشل لكنني على يقين بأن الحكومة التركية ستظل في وضع تأهب لفترة ليست بالقصيرة أو هكذا يجب أن تكون، فالذين خططوا للانقلاب وانفقوا المليارات من الدولارات لن يقبلوا بالاستسلام بسهولة، وهنا أتحدث عن ممولي الانقلاب ورعاته، وهي فرصتهم الأخيرة كما عنها وبوضوح أحد المحللين الاستراتيجيين لقناة فوكس نيوز رالف بيتزر في مقاله السيئ “موت آخر فرصة لتركيا” يعني بها الانقلاب. 
 
 سنواصل حديثنا عن الانقلاب الدموي الفاشل وتأثيراته المباشرة وغير المباشرة على تركيا والمنطقة في المقال المقبل إن شاء الله.
0
التعليقات (0)