الطريق 443 الإسرائيلي - القدس - الضفة الغربية - المستوطنات
حذر خبير تخطيط المدن والديمغرافيا الفلسطيني، البروفيسور راسم خمايسي، من خطورة تسريب منازل وعقارات الفلسطينيين في مدينة القدس المحتلة، مؤكدا أن “إسرائيل تسعى من خلال ممارسة الفكر الصهيوني على أرض الواقع؛ إلى شرذمة المجتمع المقدسي، وزيادة عدد المستوطنين داخل الشق الشرقي من القدس، وخاصة البلدة القديمة والأحياء العربية”.
تزوير الوثائق
وبيّن خمايسي في حوارخاص مع “عربي21”، أن الاحتلال “عمل منذ احتلال مدينة القدس على إحاطتها بالمستوطنات اليهودية، عبر سيطرته على الأرض والإنسان، كما اعتمد على استراتيجية التغلغل داخل الأحياء الفلسطينية والبلدة القديمة”.
وأضاف أن “هذا يتم بواسطة أدوات مختلفة؛ منها إغراء بعض المنتفعين والانتهازيين وغير المدركين لأهمية واقع القدس؛ لتسريب تلك العقارات (منازل وأراض)، إضافة لاعتماد الاحتلال والجمعيات الاستيطانية اليهودية على تزوير الوثائق بطرق مختلفة، في ظل إعاقة تسوية الأراضي وبيوت المقدسيين، وغياب التسمية التي يتيه معها العنوان، وخاصة في مرحلة التوريث”.
وقال إن “المهم والخطير جدا؛ أن تسوية غالبية الأراضي والعقارات غير موجودة في السجل العقاري القانوني المنظم”، داعيا كل من له علاقة “بالمبادرة لتعديل السجل العقاري”.
وأشار خمايسي إلى وجود “استراتيجية إسرائيلية قديمة هدفها السيطرة على الأرض؛ يطلق عليها (زرع الود ونقطة زيت)”، موضحا أن هذه الاستراتيجية “تقوم على وضع نقطة استيطانية محددة في منطقة ما، ومن ثم تبدأ بالتوسع على شكل دوائر لحماية تلك النقطة”.
الصراعات الفلسطينية
وحذر أستاذ التخطيط في جامعة حيفا، من “خطورة هذه التسريبات الموقعية”، لافتا إلى أن “إسرائيل تمتلك القوة والقدرة على التوسع أكثر فأكثر، وتهويد المنطقة تدرجيا، وتغيير الطابع المكاني الديمغرافي والإثنوقومي”.
وأشار خمايسي إلى أن “التخطيط الحضري الإسرائيلي لمدينة القدس المحتلة، يستخدم كأداة سيطرة، بالرغم من وجود محاولات فلسطينية لتأمين الحق الإسلامي والعربي الفلسطيني داخل القدس؛ بهدف تنمية تلك المناطق”.
وقال إنه “للأسف الشديد؛ ما زال الوعي التخطيطي لدينا كمجتمع عربي فلسطيني غير كاف”، مضيفا أنه “في ظل وجود صراعات فلسطينية داخلية؛ هناك حالة من الخوف لدى بعض الأطراف الفلسطينية، من أن يكشف التخطيط الحضري وإعداد التسوية والمخططات الهيكلية؛ حقيقة عمليات تسريب العقارات التي تجري في القدس”.
وبين خمايسي أن “الكثير من العقارات في مدينة القدس المحتلة؛ تخضع لقانون حارس أملاك الغائبين الإسرائيلي، وعملت إسرائيل على نزع الهوية المقدسية من العديد من ملاك العقارات الفلسطينيين، وهو ما يتيح لها إمكانية التدخل السلبي للسيطرة على تلك العقارات”.
ورهن إمكانية منع عمليات تسريب العقارات “الخطيرة جدا” داخل مدينة القدس؛ “بوجوب وجود حضور عربي وفلسطيني واع، يعمل على تأمين الحقوق والأملاك الفلسطينية، وحفظ الطابع التراثي والثقافي والتاريخي لمدينة القدس”، مؤكدا أن “إسرائيل لديها العديد من الأدوات للسيطرة على عقارات المقدسيين”.
طوق استيطاني
ونبه خمايسي على غياب وجود إحصائية رسمية دقيقة منظمة معلنة؛ حول عدد العقارات المسربة في مدينة القدس، موضحا أن هناك “ما لا يقل عن 76 موقعا (عمودي وأفقي) تم تسريبه في الحي الإسلامي، الواقع في البلدة القديمة بالقدس المحتلة”.
وأضاف: “يجب أن نكون حذرين في عرض الأرقام والإحصائيات، وذلك من أجل عدم خلق إحباطات في الشارع المقدسي، كي لا نوجد نبوءة تحقق ذاتها”.
وقال خمايسي إن “إسرائيل”، عملت على إنشاء “عدة دوائر استيطانية حول مدينة القدس المحتلة، وذلك من أجل اعتماد الشطر الغربي المحتل من مدينة القدس كعاصمة لإسرائيل”، موضحا أن الدائرة الأولى تتمثل في إنشاء أحياء استيطانية في الحيز القريب من الجهة الشمالية لمدينة القدس مثل “التلة الفرنسية”، و “جفعات زئيف”، وغيرها من المستوطنات.
وأوضح أنه “من الجهة الجنوبية؛ هناك مستوطنات جبل أبوغنيم (هارحوماه) وجيلو وغيرها، ويوجد خارج تلك الدائرة دائرة أقيمت على أراضي الضفة الغربية المحتلة؛ بالقرب من مدينة بيت لحم”، كاشفا عن أن الاحتلال “يسعى الآن إلى إقامة طوق استيطاني صغير حول البلدة القديمة؛ يمتد داخل حي الشيخ جراح ومصرارة ومنطقة رأس العمود”.
خطورة كبيرة
وبين خمايسي أن تواصل الهجمة الاستيطانية داخل مدينة القدس المحتلة؛ سيؤدي إلى وجود “إسقاطات ديمغرافية وحيزية، وتغيير الطابع والموارد الرمزية؛ كأسماء الشوارع، وطريقة البناء، والألوان”.
ولفت إلى “الخطورة الكبيرة” المترتبة على سعي الاحتلال المستمر لـ”شرذمة المجتمع الفلسطيني المقدسي؛ من مجتمع متكامل تجمعه المصالح الجمعية، إلى مجتمع تسود فيه الصراعات الفردية، ويتقلص معه الهم والاهتمام الجمعي”.
وأكد خمايسي أن “عملية التحرير السياسي للقدس؛ يجب أن يسبقها بناء رائد ورشيد للمؤسسات الفلسطينية، بعيدا عن الفساد، وذلك من أجل أن تساهم هذه المؤسسات في بناء الإنسان الفلسطيني الواعي، الذي يُعد بمثابة المورد المركزي لأي عملية بناء مجتمع قوي؛ يطمح للتحرر من الاحتلال، وبناء دولته المستقلة”.