نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للصحافي روبرت فيسك، علق فيه على ردود فعل السياسيين والصحافيين لنتائج التصويت في
الاستفتاء على بقاء
بريطانيا أو مغادرتها للاتحاد الأوروبي.
ويقول الكاتب: "كانت هناك عبارات مثل (بريطانيا تغيرت للأبد)، و(الأوروبيون لا يضحكون الآن، أليس كذلك؟)، و(الكابتن
كاميرون لن يقود السفينة بعد)، مع أنها بدأت تغرق، حيث جاءت هذه الكلمات خلال الأسبوع الماضي مطابقة للحالة البائسة التي وصلت اليها المملكة (التي من المفروض أنها) المتحدة".
ويشير فيسك إلى استخدام تعابير، مثل كان بريكست "الاستفتاء حول خروج بريطانيا"، "زلزالا كبيرا"، و"لحظة زلزالية"، و"صدمة زلزالية"، و"بركانيا"، أو مجرد "إنذار".
ويبين الكاتب أن "تعبير (الزلزال) ورد على لسان عضو البرلمان عن حزب العمال كيث فاز، وجاء تعبير (الإنذار) على لسان وزير التجارة في حكومة الظل تشوكا أمونا، كما أن الجميع تقريبا من أعضاء البرلمان المحافظين إلى مراسل الـ(بي بي سي) في شمال أيرلندا، تحدثوا عن دخول (مياه مجهولة) أو (أراض غير مرسمة)، دون توضيح لماذا لم يقم كاميرون وجونسون وأزبورن وفاراج برسم خرائط لتلك المحيطات والأراضي غير المكتشفة، التي هي نهاية العالم، أضف إلى ذلك ما أعلنه ديفيد دمبلبي على الـ(بي بي سي)، عندما قال بعد الاستفتاء بـ12 ساعة: (لقد بزغ فجر يوم جديد)".
ويعلق فيسك متسائلا: "نعم، لكن ما الذي يجعلنا نتفوه بهذه التفاهات في وجه المأساة أو المهزلة؟".
ويلفت الكاتب إلى أن "ديان أبوت، من حكومة الظل العمالية، قال: فلمست من التصويت (زمجرة تحد ضد وستمنستر)، ثم عادت لتقول إننا دخلنا (وضعا فيه تحد كبير)، الذي يحتاج منا – حمانا الله – إلى(الارتقاء إلى مستوى التحدي)".
ويقول فيسك: "عندما سمعت ذلك استعنت بنسخة من (قاموس واتسون لكلمات المراوغة والكليشيهات الحديثة ومصطلحات العجز والإدارة)، وهو عبارة عن دليل أسترالي نشر في أستراليا قبل 12 عاما، وهو ضروري للقراء والمشاهدين كلهم".
ويضيف الكاتب: "بالتأكيد وجدت كلمة (التحدي) في صفحة 61، التي من المفروض أن تعني عمل شيء لهزيمة أسامة بن لادن، أو حل كلمات متقاطعة، لكنها في الواقع مجرد كليشيه لأهل الإتيكيت والشركات الكبيرة، مثل (تحد مالي)، (كما هو وضع المملكة المتحدة الآن)، أو الحاجة لفعل شيء لتحقيق (طلبات الزبائن، التي تشكل تحديا)".
وينوه فيسك في مقاله، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن "(جيرمي) كوربين، الذي يواجه طلبات تشكل تحديا من كثير من العملاء، فتحدث في رد فعله على التصويت عن (مجموعات المهارات) للمهاجرين، فمن كتب له هذا الكلام في خطابه؟ فيمكن أن تكون هناك مهارات لدى الناس بحسب قاموس واتسون، لكنها لا تأتي في مجموعات، لكن واتسون يستشهد بنص من وثيقة استشارية تحث الموظفين على (تطوير مجموعات مهارات أعرض مما يتمتعون به الآن)".
ويذكر الكاتب أنه "كان من المريح تقريبا أن أسمع المسكين جيرمي يتحدث عن حاجة الفقراء بأن يحصلوا على (فرصة عادلة في استخدام السوط)، (كناية عن توفير الفرص للفقراء)، لكن لماذا لم يكتف بالقول (فرصة عادلة)؟ أو إن كان يريد أن يكون مبدعا يمكنه استخدام التعبير الأسترالي (مصة عادلة من قنينة الصلصة)، أي شيء غير السياط".
ويرى فيسك أن "الكليشيهات شتيمة؛ لأنها توحي بأننا (عامة الشعب) أغبى من أن نفهم شيئا، ما لم تتم تغذيتنا بخلطة مبسطة ومستهلكة، وتفتقر إلى أي شكل من أشكال الإبداع".
ويلاحظ الكاتب أن "السياسيين والأحزاب بالتأكيد أصيبوا بالفزع وسيطرة الأحداث مع كلمة (قطعا)، فقد تكررت يوم 24 حزيران/ يونيو فقط 40 مرة، والفائز الأصلي في استخدام كلمة (قطعا) هو بالطبع اللورد بلير لكوت العمارة، الذي دائما ما كان يضيف إليها كلمة (كليا)، مثل (أنا متأكد قطعا وكليا)، وفي الواقع يجب علينا ألا نثق قطعا وكليا بأي شخص يستخدم كلمة (قطعا)".
ويفيد فيسك بأنه "عندما تبدت النتائج المروعة للاستفتاء، رأينا رؤساء يتحدثون، فإن كانوا مؤيدين للبريكست تحدثوا عن نتيجة (مثيرة)، وأن (الناس تحملوا بما فيه الكفاية)".
ويقول الكاتب: "طلع علينا رئيس بنك إنجلترا الكندي، ليقول إن مؤسسته (لديها الأدوات) للتعامل مع الأزمة، (التي لم يستطع أن يقول إنها أزمة)، وهذا ما جعل من الضرورة العودة إلى قاموس واتسون، حيث إن كلمة (أداة) هي كلمة استشارية أخرى، وتعني آلة تم إنتاجها باستخدام جهاز لغرض ناجح، (لاستخراج الأعشاب من الحديقة مثلا)، وما دام هذا مصحوبا بـ(الهدوء والتأمل)، وهذه سمعتها 12 مرة على الأقل، كما أنه علينا أن (نتقدم)، وهو ما قاله وزير خارجيتنا العزيز، ونبحث عن (الطريق الصحيح للأمام)، وهو ما قاله كوربين".
ويتابع فيسك قائلا: "أما مراسل الـ(بي بي سي) في وارسو، فقال إن البولنديين يعانون من (شعور واضح بعدم الارتياح)، ويمكن أن يكون الأمر كذلك، لكن لماذا (واضح)؟ أما الدكتورة سارة وولستون (عضو البرلمان عن حزب المحافظين، التي كان لديها الحس الصحيح بمغادرة معسكر المغادرة للانضمام لمعسكر البقاء)، فقد سعت إلى (طريق إيجابي للأمام) بعد (حملة أدت إلى الانقسام)".
ويتساءل الكاتب: "انقسام؟ لماذا؟ شركاؤنا (الأوروبيون الذين قلنا لهم ليذهبوا للجحيم) سيكون لديهم (القول الفصل) في النتائج التي ستبعث (برسالة واضحة جدا) لـ 130 ألف موظف في قطاع الصحة العام، أما سكرتير الحكومة غس أودونيل، فقال لنا: (تحتاج لشخصين لترقص التانغو)، هذا التعبير الطفولي الذي استخدمه ريغان، عندما ادعى أن الروس لا يريدون التفاوض، وإيهود باراك عندما حاول أن يقنع العالم بأن الفلسطينيين لا يريدون التفاوض لتحقيق السلام، وهو التعبير الذي يردده في العادة من لم يرقص التانغو في حياتهم، (مع أني أظن أن البارون أودونيل يعرف كل خطواته)".
ويستدرك فيسك قائلا: "لكننا مدينون للديمقراطي الليبرالي تيم فارون، ليوضح لنا كم كان (مدمرا وقلبه محطما)، وكان تعبير تحطم القلب دون ما سبقه أجمل، وانتهى بالقول إن (الوقت حان للوحدة)".
ويجد الكاتب أن "الآن، ودون شك، يجب على الرجال الطيبين كلهم أن يتكاتفوا لإنقاذ الحزب، حيث قال ديفيد إيدس من الـ(بي بي سي) إن البريكست تسبب (بغصة كبيرة في الحلق)، ربما كيس أو مشكلة غدد، لكثير من الأوروبيين، ومع ذلك فإن البريطانيين هم من سيعانون من (أسوأ سيناريو)، بحسب إريك بيكلز".
ويقول فيسك: "في الوقت المناسب سنسمع من (أناس حقيقيين، أناس عاديين، أناس محترمين) وهي قمة ما تحدث به فاراج، بالإضافة إلى سخريته من (البنوك التجارية الكبيرة، والشركات الكبيرة، والسياسة الكبيرة)، التي يبدو فيها مثل العريف ذي الشوارب قبل أن يكسب السلطة لنفسه قبل 80 عاما. وخرج علينا ساسة بعد البريكست ووصفوا كم هم متحمسون لآرائهم".
ويخلص الكاتب إلى القول: "لكن جائزة العام قطعا وكليا للمراسل الفصيح، الذي لم يستخدم الكليشيهات، تذهب لمراسل (الجزيرة) الإنجليزية في لندن لروانس لي، حيث قال إنه في الوقت الذي كان فيه واقفا خارج مقر رئاسة الوزراء في داونينغ ستريت، تحدث عن (الفوضى التي صنعها (كاميرون) بنفسه)، وبعد خطاب الاستقالة البائس الذي ألقاه كاميرون، أعلن المراسل أمام الكاميرا مبتهجا: (حسنا، إنه ذهب.. أليس كذلك؟)".