سجل مخيم الرقبان الصحرواي، الواقع على الحدود الأردنية السورية، حالات هجرة عكسية للداخل السوري؛ بسبب نقص مياه الشرب و الطعام، بعد إغلاق السلطات الأردنية بوابات الإغاثة على خلفية مقتل سبعة جنود أردنيين وإصابة 14 آخرين في تفجير بسيارة مفخخة تبناه تنظيم الدولة قبل أسبوع.
وقال الناشط من داخل المخيم، عبد الله التدمري، إن "ما بين 15 إلى 20 عائلة سورية بدأت بالنزوح يوميا إلى داخل مناطق يسيطر عليها تنظيم داعش، بعد توقف التزويد بالمياه والطعام، ما قد يعرض حياتهم للخطر".
ويصف التدمري، في حديث لـ"عربي21"، الوضع الإنساني بـ"المأساوي"، قائلا إن "صهاريج المياه توقفت عن التزويد منذ يوم الجمعة الماضي من الجانب الأردني، لتعود يوم الأحد لتزويد
اللاجئين بالمياه بشكل محدود جدا من خلف الساتر الترابي، الأمر الذي تسبب بحالة فوضى كبيرة بسبب ملء خزان واحد من أصل 14 خزانا يخدم ما يقارب 60 الف لاجئ".
وأكد أن المخيم "يعاني من نقص شديد في الرعاية الصحية أيضا"، مناشدا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني والحكومة الأردنية إعادة النظر في قرار منع الإغاثة من الدخول إلى المخيم الذي "لا يضم معارضين أو جماعات مسلحة"، على حد قوله.
وحسب الناشط التدمري، فقد "سجّل المخيم وفاة طفلة سورية غير مصحوبة بأهلها؛ بسبب الحرارة الشديدة في المنطقة الصحراوية".
وكانت منظمة العفو الدولية دعت الأردن إلى إبقاء حدوده مفتوحة أمام اللاجئين السوريين، وقالت إن "الإغلاق التام للحدود، ومنع وصول المساعدات الإنسانية إلى المنطقة سيؤدي حتما إلى معاناة شديدة لأولئك غير القادرين على العثور على ملجأ، وسيعرض حياتهم للخطر"، في ظروف مناخية قاسية ودرجات حرارة عالية مع حلول شهر رمضان.
اقرأ أيضا: لاجئو الرقبان يتضورون جوعا وعطشا بعد غلق الحدود (شاهد)
توقف المساعدات بعد حادث الرقبان
وسمحت السلطات الأردنية في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015، رسميا، لمنظمات أخرى بالدخول إلى منطقة الساتر الترابي، وسلمت اللجنة الدولية للصليب الأحمر مهام إيصال الغذاء إلى برنامج الغذاء العالمي، ومهام إيصال المياه إلى منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف)، فيما واصلت اللجنة الدولية تقديم الغذاء والمياه عند الساتر الترابي، إلى حين توقف ذلك، بعد التفجير الذي استهدف حرس الحدود الأردني.
وحسب اللجنة الدولية للصليب الأحمر، كانت المنظمات الدولية توزع كل ثلاثة أشهر ما يقارب 25,500 متر مكعب من مياه الشرب في شاحنات نقل المياه و 1,1 مليون وجبة جاهزة، إلى جانب مساعدات أخرى.
وقالت المتحدثة باسم الصليب الأحمر، هالة شملاوي، في تصريحات صحفية لوكالة رويترز: "دخول العاملين في الإغاثة لا يزال ممنوعا، ونشعر بقلق؛ لأن هؤلاء الناس المحاصرين لهم احتياجات أساسية".
ليست مشكلة أردنية وإنما دولية
من جهته، قال وزير الدولة لشؤون الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة، محمد المومني، إن "المجموعة الموجودة على الحدود الشمالية ليست مشكلة أردنية وإنما دولية"، وذلك ردا على تصريحات منظمة العفو الدولية، التي طالبت الأردن بإدخال اللاجئين السوريين للأردن.
وأضاف المومني أن "على المنظمات الدولية إيجاد طريقة لمساعدتهم"، وقال إن "الأردن سيعمل مع هذه المنظمات وسيتعاون معها، إلا أن أمن الأردن واستقراره فوق كل اعتبار".
المناطق العازلة بحاجة لقرار دولي
قانونيا، يرى الناشط الحقوقي والمتخصص بالاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق اللاجئين، رياض صبح، أن "إنشاء مناطق حدودية عازلة للاجئين مطلب مشروع تقوم به الدول، وخاصة في ظل تنامي تدفق اللاجئين، لكن هذا بحاجة إلى قرار دولي من مجلس الأمن؛ حتى يستطيع تنفيذ ذلك".
ويقول الصبح لـ"عربي21" إن "الأردن يحاول أن يكون هنالك توجه دولي لإيجاد منطقة عازلة داخل المناطق السورية لتقديم المساعدات"، منوها لوجود سابقة قدم فيها الأردن الخدمات الإنسانية خلال السنوات الماضية لمخيم للاجئين العراقيين كان يقع داخل الأراضي العراقية، بالقرب من الحدود الأردنية".
مجلس عشائر تدمر
من جهته، دعا مجلس عشائر تدمر والبادية السورية الحكومة الأردنية للتنسيق المشترك؛ لضمان تأمين وصول المساعدات الإغاثية للاجئين في مخيمي الرقبان والحدلات، مؤكدا أن الوضع الإنساني في مخيم الحدلات لا يقل سوءا عن مخيم الرقبان.
ووجه منسق العلاقات الخارجية للمجلس، ماهر العلي، في حديث لـ"عربي21"، رسالة للمملكة الأردنية "شعبا وقيادة"، بأن "الوضع صعب جدا، ولا يوجد مياه شرب وغذاء"، مشيرا إلى "انتشار الأمراض، خصوصا مرض "أبو صفار" الذي ينتشر في المخيم".
وأكد العلي أن "المجلس جاهز للتعاون مع حرس الحدود وتقديم ضمانات، ووضع خطة أمنية مشتركة لضبط المخيم وحماية حدود المخيم"، مشددا على أن "أغلب قاطني المخيم هم من مناطق تدمر والبادية السورية".
ويبلغ عدد اللاجئين في مخيمي الركبان والحدلات الحدوديين، حسب الأرقام الحكومية الأردنية، 102 ألف لاجئ، أكثر من 60 ألفا منهم يقيمون في مخيم الرقبان، بينما يستضيف الأردن حسب التعداد السكاني الأخير ما يقارب 1.200 مليون سوري على أراضيه.