ملفات وتقارير

تعرف على الأهمية الاستراتيجية لـ"منبج" وتأثيرها على تركيا

قوات سوريا الديمقراطية تحاصر مدينة منبج السورية من ثلاث جهات- أرشيفية
قوات سوريا الديمقراطية تحاصر مدينة منبج السورية من ثلاث جهات- أرشيفية
تحاصر قوات سوريا الديموقراطية مدينة منبج السورية في ريف حلب، من ثلاث جهات، وباتت على بعد نحو خمسة كيلومترات فقط من شمال المدينة التي يسيطر عليها تنظيم الدولة، وكيلومترين من الجنوب، بالإضافة إلى سيطرتها على محيط المدينة من الجهة الشرقية، بحسب ما أكده مصدر ميداني لـ"عربي21".

وقال المصدر السبت، إن قوات سوريا الديمقراطية أو ما تعرف بـ"قسد" اختصارا، أطبقت حصارها على المدينة في ريف حلب (شمال البلاد) بعد غارات كثيفة للتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة على مواقع تنظيم الدولة في المدينة ومحيطها. 

واختلفت الروايات حول أرقام المحاصرين في المدينة، فالنظام السوري يروّج بأن المحاصرين عددهم 10 آلاف فقط، في حين أكد المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، لـ"عربي21" أن نحو مئة ألف شخص باتوا محاصرين الآن داخل منبج، وذهب ناشطون إلى أن أعدادهم تجاوزت الـ50 ألفا.

ووقوفا على الأهمية الاستراتيجية، قال الخبير العسكري هشام خريسات، لـ"عربي21"، إن منبج تعد قاعدة مهمة لاستقبال وتصدير مقاتلي تنظيم الدولة، مشيرا إلى أن عدد المقاتلين الأجانب في التنظيم بلغ سبعة آلاف شخص، دخل أغلبهم عبر هذه المدينة القريبة على الحدود الشمالية لسوريا. 

وأهمية هذه المدنية بحسب خريسات هي كالآتي:

- طريق استراتيجية يربط بين معقل تنظيم الدولة في الرقة وقلب أوروبا.

- طريق إمداد رئيس لتنظيم الدولة ومن أبرز معاقلها في سوريا.

- قاعدة لاستقبال المقاتلين الأجانب للتنظيم وتدريبهم وتصديرهم للخارج.

- موقعها الجغرافي الحساس القريب من الحدود الشمالية مع تركيا.

- الاهتمام الأمريكي بها ودعمها لقوات سوريا الديمقراطية ضد التنظيم.

ويحظى هجوم قوات "قسد" ذات الأغلبية الكردية من المقاتلين، بإسناد جوي كثيف من التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة.

الضغط على تركيا

ويرى العميد المتقاعد خريسات أن الدعم الأمريكي لهذا القوات الكردية جاء للضغط على الدولة التركية، موضحا أن العلاقات الأمريكية التركية متوترة وهشة جدا جراء الدور التركي في سوريا الذي عقّد الوضع الأمريكي، إلى جانب الخلافات حول مصير رئيس النظام السوري بشار الأسد، لافتا إلى أن أمريكا توقفت عن استخدام قاعدة "أنغرليك" التركية، واستأنفت طلعاتها من البحر المتوسط.

وكشف أن الأتراك عرضوا على أمريكا إرسال قوات خاصة بالإضافة إلى قوات مارينز أمريكية إلى المدينة عوضا عن دعم قوات سوريا الديمقراطية، إلا أن الأخيرة رفضت، بنية الضغط على تركيا التي تعتبر هذه القوات "معادية".

وتقوم الطائرات الحربية الأمريكية بدور كبير في معركة منبج إلى "جانب المستشارين والخبراء العسكريين الأمريكيين"، بحسب خريسات الذي لفت إلى أن 700 من قوات المارينز الأمريكية متواجدون هناك، وفق قوله.

يشار إلى أن القيادة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط، قالت في وقت سابق، إنه تم شن أكثر من 100 ضربة جوية على أهداف تنظيم الدولة، دعما للهجوم على منبج، موضحة في بيان أن هذه الجهود العسكرية تندرج في إطار "طرد داعش من الحدود التركية، والحد من تدفق المقاتلين الأجانب، واحتواء تهديد داعش لتركيا وأوروبا والولايات المتحدة"، وفق تعبيرها.

لكن الناشط السوري من ريف حلب، أحمد أبو الطيب، وافق ما ذهب إليه خريسات، وقال لـ"عربي21" إن سيطرة القوات الكردية على المدينة بمساعدة القوات الجوية الأمريكية، يشكل نقطة تهديد أخرى لتركيا، بهدف الحد من نفوذها في سوريا والمنطقة، من خلال دعمها مثل هذه القوات التي تصنفها تركيا بأنها "إرهابية".

وقال إن سيطرة قوات "قسد" على هذه المدينة "يجهض مساعي الثوار السوريين ويحرمهم من طرق الإمداد، ووصول المساعدات إلى ريف حلب الشمالي".

وأشار مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان، رامي عبد الرحمن، بحسب الوكالة الفرنسية، إلى أن "قوات سوريا الديموقراطية قطعت الجمعة الطريق الأخيرة بين منبج والحدود التركية".

وتابع بأن "قوات سوريا الديمقراطية تمكنت من تحقيق تقدم استراتيجي، ومحاصرة مدينة منبج بشكل كامل بعد سيطرتها ناريا على طريق منبج-الغندورة شمال غربي المدينة".

من جهتها، ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، الخميس الماضي، بحسب تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، أن واشنطن تجاهلت مظاهر القلق التركية المرتبطة باستمرار تقديم الدعم للأكراد في سوريا، وقررت منحهم فرصة أوسع، وأدارت ظهرها لتركيا. 

ولا يزال تنظيم الدولة يسيطر على شريط حدودي وطرق فرعية مؤدية إلى تركيا، لكنها أكثر خطورة وصعوبة، وفق المرصد السوري.

ولكن الخبير العسكري خريسات، استبعد في حديثه لـ"عربي21" سيطرة قوات "قسد" على منبج، وقال إنها محافظة على مسافتها من المدينة، مشيرا إلى صعوبة ذلك على هذه القوات فهي "غير مؤهلة عسكريا".

وتساءل في حال دخولها إلى مدينة منبج: "هل ستتحمل قوات قسد تكلفة قرار الدخول، وخسارتها المئات من مقاتليها؟"، موضحا أن عددهم بلغ سبعة آلاف مقاتل، يحاصرون المدينة التي تعد مكانا مفخخا، إلى جانب أن مقاتلي تنظيم الدولة لم يهربوا أو يتخلوا عنها، فالفاتورة ستكون مكلفة جدا في حال خسارته هذه المدينة.

وكانت قوات "سوريا الديموقراطية" تمكنت في الأيام الأخيرة بغطاء جوي من التحالف الدولي، من قطع الطريق التي تربط منبج بمعبر جرابلس (شمالا)، المستخدم لعبور الأسلحة والتمويل إلى تنظيم الدولة.

وبات على التنظيم ليتنقل بين الرقة والحدود الشمالية -بحسب الناشط السوري أبو الطيب- سلوك طريق أكثر خطورة بالنسبة، "لأن قوات النظام السوري التي تدعمها روسيا، قريبة منها".

يشار إلى أن هجوم قوات "سوريا الديموقراطية" بدأ بدعم من التحالف الدولي بقيادة واشنطن في 31 أيار/ مايو الماضي، للسيطرة على منبج، وقد تمكنت من السيطرة على أكثر من 79 قرية ومزرعة في محيط المدينة.

الجدير بالذكر أن قوات سوريا الديموقراطية، تضم فصائل كردية وعربية أهمها وحدات حماية الشعب الكردية، وتقوم بتطويق مدينة منبج التي يسيطر عليها تنظيم الدولة.
التعليقات (0)