كتب ديفيد غاردنر تقريرا في صحيفة "فايننشال تايمز"، عما أسماه التحالف بين أنقرة والرياض، الذي وصفه بغير المريح، مشيرا إلى محاولة الطرفين الحفاظ على هذا التحالف.
ويقول الكاتب إن "
تركيا والسعودية دولتان سنيتان مهمتان في منطقة الشرق الأوسط، وقامتا بدور مؤثر خلال الخمسة أعوام الماضية لتوفير الدعم للمعارضة ضد نظام بشار الأسد في دمشق، وفي معظم الحالات بعيدا عن رادار الولايات المتحدة، بدرجة اتهم فيها البلدان بدعم الجهاديين".
ويضيف غاردنر أنه "بعد التدخل الروسي في
سوريا العام الماضي لمساعدة نظام الأسد، الذي كان يواجه مخاطر الانهيار أمام قوات المعارضة، أطلقت تركيا والسعودية تهديدات مبطنة حول إمكانية التدخل العسكري المباشر أيضا، ورغم اتفاق الدولتين السنيتين في الملف السوري، إلا أن التشابه ينتهي عند هذا الحد".
ويشير التقرير إلى التاريخ القديم الذي فرق البلدين، حيث كانت الخلافة العثمانية، التي تدخلت في القرن التاسع عشر لتدمير الدولة
السعودية الأولى والثانية، اللتين أنشأتهما العائلة السعودية في الرياض، لافتا إلى أن الدولة السعودية الحالية هي ملكية مطلقة، وينطلق آل سعود في شرعيتهم من تعاليم الحركة الوهابية.
وتذكر الصحيفة أنه في المقابل، فإن تركيا بعد 14 عاما من حكم رجب طيب
أردوغان، رئيسا للوزراء أولا ومن ثم رئيسا، وفي ظل حزبه، العدالة والتنمية، شهدت تغيرات متتابعة، أولا بصفتها دولة مسلمة مقابلة للديمقراطية المسيحية ومتحالفة معها، ثم انزلقت نحو نظام رئاسي سلطوي، يحاول من خلاله أردوغان الحصول على حكم الرجل الواحد الموازي للسلطان، مستدركة بأنه رغم تعرض مؤسسات القضاء المستقلة وحرية الإعلام للتأثر من سياسات أردوغان، ومحاولاته بناء نظام رئاسي، إلا أن تركيا لا تزال دولة علمانية.
ويلفت الكاتب إلى أن السعودية، التي تشهد في ظل ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، نجل الملك الشاب البالغ من العمر 30 عاما، إصلاحات اقتصادية ذات أبعاد اجتماعية، ليست لديها خطط لتحويل ممتلكات العائلة الحاكمة إلى المواطنين، مشيرا إلى أن تركيا والسعودية ترغبان بتعزيز نفوذهما الإقليمي على المستوى الإقليمي، حيث أبقت الدولتان على خطوط التعاون فيما بينهما مفتوحة.
وينوه التقرير، الذي ترجمته "
عربي21"، إلى أن تبني السعودية قيادتها للأمة الإسلامية؛ باعتبارها حارسة الحرمين الشريفين في مكة والمدينة، ويحمل ملوكها لقب خادم الحرمين الشريفين، هو أقرب شكل للخلافة التي ألغاها مؤسس تركيا الحديثة مصطفى كمال أتاتورك في عام 1924، مشيرا إلى أن تركيا، في ظل حكم أردوغان، أكدت ماضيها العثماني وقيادتها في المنطقة.
وتبين الصحيفة أن المظهر الوطني لكل من السعودية وتركيا لم يؤد إلى النتائج المرجوة، ففي السعودية، تأثرت قيادتها بتراجع أسعار النفط، وبربط الفكر الوهابي بتغذية الحركات الجهادية السلفية، مشيرة إلى أنه في حالة تركيا، فإن طموحاتها الإقليمية في مجال السياسة الخارجية لم تتحقق، بل جعلتها في مواجهة مع جيرانها كلهم تقريبا.
ويورد غاردنر أنه "من أوجه التماثل بين تركيا والسعودية تحالفهما مع الغرب، حيث إن كليهما حليف قديم للولايات المتحدة، كما أن تركيا هي بلد عضو في حلف الناتو، لكن علاقات البلدين شهدت في السنوات الأخيرة توترا مع أوروبا وأمريكا، إلا أن ردهما كان مختلفا على عودة روسيا فلاديمير بوتين إلى مسرح المنطقة، ومع ذلك فإن أرودغان، الذي وصفه أحد مساعديه قبل عامين بأنه وبوتين الزعيمان الحقيقيان للعالم، في مواجهة مع موسكو بعد إسقاط الطائرة الروسية العام الماضي".
ويفيد التقرير بأنه في المقابل، فإن الأمير محمد بن سلمان أقام علاقة، وصفها أحد المسؤولين العرب بـ"العملية والجوهرية"مع بوتين، رغم موقف البلدين المختلفين من مجريات الحرب الأهلية السورية، وقال مسؤول إن ولي ولي العهد أخبر الزعيم الروسي في تشرين الأول/ أكتوبر: "لا نهتم كثيرا بعائلة الأسد، لكن
إيران هي التي تهمنا"، مستدركا بأن تركيا، التي تقف في مواجهة مع إيران، وهي الدولة التي تحمي نظام بشار الأسد، طورت علاقة جيدة مع إيران تقوم على المصالح التجارية.
وبحسب الصحيفة، فإن موقف تركيا يختلف عن موقف السعودية فيما يتعلق بمصر، حيث كان أردوغان داعما لحكم الإخوان المسلمين، الذي أطاح به الجنرال عبد الفتاح السيسي في منتصف عام2013، أما السعودية، بالإضافة إلى حلفائها الخليجيين، فهي معادية للإخوان المسلمين، وجهزت 8 مليارات دولار للسيسي بعد 24 ساعة من انقلابه.
وتختم "فايننشال تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن خلافات تركيا والسعودية لم تؤد إلى قطع العلاقات بينهما، بل إنهما أبقتا على خط من التعاون، كما اتضح من زيارة
الملك سلمان الأخيرة إلى تركيا، لافتة إلى أنه سواء عملت سياسات البلدين، معا أو منفصلة، على تخفيف التوتر في المنطقة، فإن هذه مسألة أخرى.