بدأت تبعات
التفجيرات الدامية التي ضربت مناطق في الساحل السوري، وكان أولها قيام مسلحين بحرق خيام في مخيم "الكرنك" للنازحين السوريين (من مناطق أخرى)، في
طرطوس، بحجة أنه يحتضن ذوي أحد الانتحاريين الذين نفذوا تفجيرات طرطوس وجبلة الساحليتين الاثنين.
وحسب شهود من السكان، فإن الأمر لم يقتصر على الاعتداء على مخيم النازحين، بل تعداه لتتزايد عمليات إطلاق النار تجاه أحياء للسنّة في كل من مدن
جبلة وطرطوس، خلال الساعات الماضية. وقد سُجلت في مدينة جبلة أربع حالات إطلاق نار باتجاه الأحياء السنية بشكل مباشر، وتبعها تخريب ممتلكات في سوق "العمارة" الذي تملك محلاته غالبية من السنّة، ضمن المدينة.
وقال أبو عمر الجبلاوي لـ"
عربي21": "أغلقت المساجد، وعُطلت الأسواق، ذهبنا إلى منازلنا ولم ننم الليل لأن إطلاق النار لم يتوقف حتى ساعات الفجر"، مضيفا: "لم يستطع أحد من المدنيين التوجه إلى المسجد خوفا من رصاصة غادرة"، بحسب وصفه.
وأكد أن "هناك مسلحين علويين فرضوا حظرا للتجول في المدينة، وهم لم يكونوا من قوات الأمن الاعتيادية، وشهدت المدينة عمليات اعتقال تعسفية، واقتيد العديد من الشبان بطريقة مهينة". ورأى أبو عمر أنه "أصبح كل سني إرهابيا بنظر العلويين" في هذه المناطق، وفق تعبيره.
من جهة أخرى، شهدت المدينتان انتشارا مكثفا للحواجز في اليوم التالي للتفجيرات، حيث يتم تفتيش كل سيارة مغلقة أو تحمل لوحات أرقام لمدن أخرى، مثل إدلب أو حلب أو دمشق، كما أن المشفى الوطني في جبلة ما زال مغلقا بسبب وقوع أحد التفجيرات داخله.
ويقع المشفى الوطني في جبلة على بعد ثلاثة كيلومترات من القاعدة الروسية في مطار حميميم، فيما يشهد طريق جبلة - حميميم إجراءات أمنية غير مسبوقة.
أما في طرطوس فلا يوجد إلا حي سني واحد، يسمى شارع المينا، إلا أن هناك الآلاف من السكان النازحين من مدن إدلب وحلب ودير الزور، وهؤلاء باتوا يخشون من تزايد الاعتداءات عليهم.
ونشر المعارض بسام يوسف، ابن مدينة طرطوس، على صفحته الشخصية "شكرا" لشبان الطائفة العلوية الذين أعربوا عن تضامنهم مع النازحين ومنعوا عمليات الاعتداء عليهم.
ومن ناحيتها، نشرت "حركة أحرار العلويين" بيانا اتهمت فيه مخابرات النظام السوري بالوقوف وراء التفجيرات، على الرغم من تبني تنظيم الدولة التفجيرات، قائلا إنها نُفذت عبر 10 من عناصر التنظيم استطاعوا اختراق الحواجز الأمنية والوصول إلى أكثر الأماكن ازدحاما في طرطوس وجبلة.
واتهم "الأحرار العلويين" من سمتهم "العلويين الكلازيين بالوقوف وراء الاعتداءات التي أعقبت التفجيرات"، وطالبت الحركة أبناء العلويين "الحيدريين والماخوسيين" بضرورة عدم انجرار أبنائهم وراء قوات النظام ومليشياته.
ويقول سكان إن معظم المحلات التجارية في طرطوس مغلقة، فيما فُرض حظر التجول خلال ساعات الليل، فلم يستطع أحد الخروج من منزله، خصوصا الفتيات اللواتي يرتدين الحجاب لأنهن أصبحن عرضة للتحرش والاعتداء.
وفي هذا السياق، تقول أم عامر، وهي نازحة من إدلب، لـ"
عربي21": "ابنتي تدرس في الجامعة وهي ترتدي الحجاب.. لم أعد أتوقع بأنها ستكمل دراستها، فنظرات العلويين إليها يوم أمس فقط كافية لتجعلنا نغادر.. إلى أين؟ صدقني لا أعرف"، وفق تعبيرها.
ووقعت ثلاثة تفجيرات في محطة للحافلات في طرطوس، التي عادة ما تكون مكتظة في ساعات الصباح، حيث انفجرت سيارة مفخخة ثم فجر انتحاريان نفسيهما، فيما شهدت جبلة أربعة تفجيرات، حيث انفجرت سيارة مفخخة في محطة للحافلات وأخرى أمام مكتب لشركة الكهرباء، وثالثة أمام مشفى الأسعد ورابع فجره انتحاري في قسم الطوارئ في المشفى الوطني في جبلة. وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، فقد قتل 100 في جبلة و48 في طرطوس.
اقرأ أيضا: تراجع مظاهر الحياة بالساحل السوري بعد تفجيرات طرطوس وجبلة