جلست في إحدى المقاهيمع صديقي الشاب، الذي تخرج من الجامعة الأمريكية، ويعمل في إحدى الشركات متعددة الجنسيات، ونجل ضابط جيش سابق، ، فوجه لي سؤالا بعد أن ارتشف رشفة من (الآيس شوكلت)، قائلا "يعني عاوزنا نؤيد داعش ونهاجم السيسي " ؟!
صمتُّ برهة من الوقت، وتناولت كوب الشاي وارتشفت أنا أيضا رشفة بصوت عال، فنظر إلي، فقلت له: حاش لله هل أطلب منك تأييد مجرمين !
هنا ابتسم صديقي وأصبح وجهه العرض عرضين، وقال، إذا فقد تركت أوهامك، وأصبحت تؤيد السيسي؟
انقلب وجهي وظهر الغضب عليه، وقلت له: أنا لا أؤيد مجرما قاتلا كاذبا، قتل بدم بارد الآلاف في مجرزة فض رابعة، واعتقل الآلاف من الشباب والنساء، وباع أرضنا وتنازل عنها.
كانت نبرة صوتي عالية، فقال لي اهدأ اهدأ، ونادى على النادل (الجرسون) لندفع الحساب ونخرج من المقهى.
خرجنا، ثم وجدته يصيح في وجهي: "إيه يا عم، هتودينا في داهية "! قلت له "هوديك في داهية ليه"؟قال لي: "كلامك يا عم بالصوت العالي ده في الكافيتريا". قلت له: "وأنت خايف من إيه، ده حتى أبوك رتبته كذه في الجيش"؟ قال لي: "أبويا طلع معاش، وبعدين أنت فاكر يعني هيسموا عليه ده هتنفخ زيكم".
ضحكت عليه بقهقه عالية، وقلت له: يا جبان، فقال لي: "جبان جبان بس متنفخش" !
صمتنا للحظات، ونحن نتمشى في هذا الشارع الهادئ، في ذلك الوقت المتأخر، فقال لي صديقي فجأة، إذا أنت ترى أن " السيسي وداعش واحد "، قلت له " نعم، هما وجهان لعملة واحدة، أقولها لك بملء فمي: هما واحد، مجرمون ".
قال لي كيف ذلك ؟!
قلت له: أنا أرى أن داعش عصابة مجرمة، تقتل كل من يخالفها الرأي حتى ولو كان مسلما (حدث ذلك في سوريا)، ومن لا يبايع داعش ويكون تحت طوعها فدمه مباح، فهم يرون أن هذا البغدادي هو خليفة المسلمين، وهم يستبيجون دماء المدنيين الأبرياء، ولو افترضنا أنهم بجهادون ضد الأمريكان في العراق وضد بشار في سوريا، (هناك روايات أنهم يتعاونون مع بشار وينسقون أمنيا معه)؛ لماذا يقومون بتفجيرات في بلاد ليس لها علاقة بالحرب هناك (تفجير بروكسل على سبيل المثال)، لماذا يقومون بتفجيرات داخل تركيا وهي أكبر دولة تستقبل لاجئين من سوريا والعراق بسبب الحرب الدائرة هناك.
ما تفعله داعش يخدم من؟ هل يخدم الإسلام؟ هل الصورة التي تقدمها داعش ليل نهار من ذبح للمدنيين والصحفيين والعاملين في (سوريا والعراق وليبيا ) هذا هو الإسلام؟ هل تصدير صورة أن الإسلام دين دموي يقتل بشكل بشع، هو من يجذب غير المسلمين إلى الإسلام، أو حتى سيتعاطف الشعب العادي من أبناء هذه الدول مع قضيتك، حتى ولو كانت حكوماتهم متواطئه؟!
سكت صديقي، فتابعت قائلا له: هذا قليل من كثير لو تحدثت عن إجرام داعش، ولكن يكفي ذلك، وسأحدثك عن المجرم الآخر السيسي ونظامه.
السيسي، خائن، فقد انقلب على أول رئيس منتخب جاء بعد ثورة، تمنيت فيها أنا وأنت وملايين من الشباب بوطن يمتلك سلاحه وغذاءه، تمنينا وكانت أحلامنا أن تصبح مصر دولة ذات قيمة، يتمنى أي إنسان في العالم أن يحمل جنسيتها أو جواز سفرها.
فجأه جاء هذا العسكري (السيسي) على ظهر دبابته، ومعه شخصيات تنتنمي للأزهر والكنيسة، وشخصيات سياسية كنا نظنها شريفة ووطنية، وهدم كل هذه الأحلام، واعتقل الآلاف، وأغلق القنوات، والصحف، واعتقل أي مخالف ورافض لما حدث من انقلاب عسكري.
قام هذا المجرم (السيسي) بارتكاب أكبر مجزرة في تاريخ مصر، وقتل الآلاف عن طريق قناصة وطائرات ومجنزرات داهمت اعتصام رابعة.
اعتقل خيرة علماء هذه الأمه، واعتقل مئات الشباب الذين خرجوا في مظاهرات 15 و25 أبريل 2016 ضد بيع أراضي مصر، بل اعتقل من البيوت والشوارع والمقاهي عشوائيا العشرات.
أصبحت تهمة الانتماء لجماعة إرهابية أسهل التهم، التي توجهها محاضر الشرطة والنيابات التي تأتمر بأوامر نظام مجرم.
تابعت وقلت له: كل يوم نرى شخصا يموت داخل سجون السيسي ومعتقلاته بسبب الإهمال الطبي ومنع العلاج والأدوية، كل يوم نرى أمين شرطة أو ضابط شرطة يطلق النار على المواطنين ويقتلونهم.
سكت للحظة، وتابعت وقلت له: الاقتصاد، غلاء أسعار لم يسبق له مثيل، انهيار للجنية المصري أمام كل العملات الأجنبية.
قلت له: "أقول لك كمان ولا كفاية كده" ؟!، قال لي: "كفاية كده ".
قلت له: يا صديقي هما وجهان لعملة واحدة، وهي الإجرام.
فداعش عصابة مجرمة، تحمل السلاح وتقتل الناس وتدمر الأوطان، ولكن بشكل غير رسمي.
والسيسي ونظامه، عصابة مجرمة، تحمل السلاح وتقتل الناس وتدمر الأوطان، ولكن تحت غطاء رسمي، وأنه يحمي مصر، ولكن الواقع أنه يدمر مصر ويقتل شعبها.
صحفي ومدون مصري