لا أعرف دراسة علمية متخصصة واحدة تمت حول تاريخ حياة «عبد الفتاح السيسي»، قائد الانقلاب، وأقصد بعلمية فنية في التحليل النفسي، والدراسة الاجتماعية، وسر الخلل في هذه الشخصية، والأمر يحتاج عددا كبيرا من الدراسات، فيما يبدو، لا دراسة واحدة كما نفتقد!
هل لأنه تم زرعه بعناية من قبل العدو في "قلب الجيش" المصري، كما يقول البعض ويستشهد بحادثة الطائرة الأمريكية في 31 من أكتوبر 1999م التي تحطمت أمام "ساحل ماستشوستس" الأمريكي بعد نحو ساعة من طيرانها، وكان على متنها عدد من كبار القيادات العسكرية المصرية الذين تم تدريبهم في الولايات المتحدة الأمريكية، ونجا من الحادث السيسي، وقد كان مكلفا بأداء المهمة التدريبية نفسها، وقيل أيضا إنه تلقى تليفونا من مسؤول ينصحه فيه بألا "يركب" الطائرة مع الراكبين، ثم سقطت الطائرة "البوينج 767" في المحيط الأطلنطي، وبقية الملابسات المعروفة من وفاة 217 مصريا، دون معرفة سبب حقيقي لإسقاط الطائرة سوى ادعاءات الجانب الأمريكي بأن مساعد الطيار "جميل البطوطي" قال، غفلة: توكلت على الله ونوى الانتحار، وهو الذي قطع آلاف الكيلومترات طيرانا من قبل، والأب المسؤول عن خمسة أطفال، وقال ابن شقيقته "وليد البطوطي" آنذاك:
ـ إن الطائرة التي أقلعت من نيويورك، ولم تصل إلى القاهرة كانت مستهدفة لوجود 33 عسكريا رفيع المستوى، و3 من علماء الذرة، و7 من علماء النفط.
والشاهد أن الحادث أكبر من أن يمر مرور الكرام، وقد كان السيسي رقم 34 للوفد الذي مات كله، قيل بسبب صاروخ تم إطلاقه عليها.
وفي حياة السيسي ما هو أكثر من مجرد أن تكتب المواقع المتخصصة في السير الذاتية، إنه ولد في "حي الجمالية" لأصول منوفية، وإن أباه كان صاحب محل أو بازار في الموسكي، وإنه من أصول تنتمي إلى محافظة المنوفية، ودخل المدرسة العسكرية عام 1970م، وتخرج من الكلية الحربية عام 1977م. وهلم جرا.
إن الرئيس محمد مرسي حين عين السيسي وزيرا للدفاع في 12 من أغسطس 2012م، لم تكن لديه صورة واضحة لديه عن السيسي، والأخير هو مدير المخابرات الحربية حتى قبل تعيينه بدقائق، أي سيحول دون أية معلومة مخابراتية حقيقية تصل إلى الرئيس، والمخابرات العامة متواطئة ضد الأخير حتى أن رؤساؤها كان يقولون عن القسم أمام الرئيس مرسي، سنصوم 3 أيام ونعتبر أنفسنا في إجازة مفتوحة، وأسباب ترقية السيسي لن تجدها تزيد، رقى الرئيس مرسي السيسي ترقيتين مرة واحدة ليصير وزيرا للدفاع بدلا من المشير محمد حسين طنطاوي، خلال خطوتين: من لواء إلى فريق، ومن فريق إلى فريق أول، أما الدراسة الحقيقية عن تاريخ السيسي فلم تتوفر للرئيس، وقيل إن علاقة نسب بعيدة بين السيسي وأحد قيادات الإخوان خارج مصر، وقيل إنه كان يدعي صيام الاثنين والخميس أمام الرئيس، وإنه كان يتصل بزوجته بحضور الرئيس ليطمئن أن الولاد صلوا وقرأت لهم قرآنا كريما.
الحقيقة أن الرئيس مرسي لم يتبين جيدا قبل أن يرقيه، وإن دفن السيسي لرأسه في الأرض حين كان يحدث الرئيس مرسي، وادعائه الخجل المبالغ فيه، لم يكن مؤهلا لاأول لشيء، وبقية «الحركات» التي لا داعي لذكرها هنا، وكان السيسي يجيدها، ويعرفها السادة العلماء الذين كانوا حول الرئيس.
كما أن تقريرا لتقصي الحقائق حول شهداء الثورة تم الكشف عن انه ورد الرئيس مرسي في 31 من ديسمبر 2013م يقول بوضوح إن السيسي مسؤول عن شهداء ومصابي الثورة، وخطط لاحتلال الطوابق العليا من الفنادق حول ميدان التحرير، بل صعود القناصة فوق العمارات بالميدان وقتل الثوار، ووصل التقرير ومهما قيل عن إنه استشاري إلا أنه وصل للرئيس بالفعل، وعلم أن السيسي انقلابي قاتل قبل الانقلاب وتركه من أسف وهو أمر ثابت ..لم يكن ليحدث.
إنني لا أعتب على الرئيس مرسي في موقفه الذي يؤلم كل حر، ولكن الكلمات السابقة والتالية تسير في منظومة واحدة، إن جماعة الإخوان المسلمين، مع التقدير، ترشحت للرئاسة دون خطة أو دراسة واضحة على الأقل لنفسية الشعب الذي يريد حكمه، ورغم احترامي لها ولنضالها، إلا أن الأمر نفسه استمر في الاختيار غير المُوفق للسيسي، وأي شيء منتظر ممن لم يحسن الدخول إلى مكان من آسف؟
ثم ها نحن بعد مجيء الانقلاب واستشهاد الآلاف وإصابة أكثر واعتقال أكثر وأكثر ومطاردة أكثر وأكثر وأكثر، نجد أنفسنا أسبوعياً مساقين خلف مصيبة، بليّة كبرى، من مصايب وبلايا السيسي، وليس أمر جزيرتي "تيران وصنافير" إلا أحد المآسي، لا قمتها ولا نهايتها، وما خفي كان أعظم، والجزيرتان مع التسليم بتاريخهما والدم المصري الذي سال لتحريرهما، ولمكانتهما الاستراتيجية، وبكون السيسي حدث أمريكا وإسرائيل قبل إعطائهما للسعودية، هنا، في النقطة الأخيرة مربط الفرس، مع التسليم بأهمية سابقيها.
كنا هذا الأسبوع مع حدث الجزيرتين، والأسبوع القادم لدينا حدث آخر يخرجه لنا الانقلاب من جرابه، أو من "قعر الزبالة" بحسب رأي الرئيس مرسي، فك الله أسره، ولا يظن ظان أن حادث بيع الجزيرتين، وتسريب الأمر الملكي السعودي بالهدايا الفاخرة التي نالت السيسي كرشوة هو ورئيس حكومته الانقلابية.. ورئيس الوزراء .. ورئيس البرلمان .. ووزراء وبرلمانيون، وموظفون بالرئاسة ومجلس الشعب، ولا عجب فكم من المصائب لم تظهر إلى السطح بعد حول الجزيرتين وأماكن أخرى في مصر بيعت ماديا ومعنويا؟
إنني مع الرأي القائل إن السيسي باع مصر كلها، وقتل أثمن ثرواتها الإنسان الطاهر الشريف وأصابه ونفاه، ولم يبق بها إلا مؤمن يكتم إيمانه أو مُغيب وتابع ذليل له، ولكنني أتساءل بوضوح:
ـ أين الدراسة العلمية الفنية المتخصصة والتتبع لتاريخ حياة السيسي؟
إذا كان إعلام الشرعية بمراكز دراساته وشاشاته لم تعطنا بعد الانقلاب بقرابة ثلاثة سنوات معلومات وافية مكتملة عن السيسي، أو دراسة متكاملة متخصصة من جميع جوانب حياته، من أين وإلى أين؟ وما سر شخصيته التابعة الذليلة للدكتور مرسي والإخوان ثم ذبحه لهم؟ ليس لدينا متخصصون يتصدون للأمر بعد، وليس لدينا فيلم وثائقي أو تسجيلي عن الرجل الذي جاء ليمرغ أنف مصر في التراب أكثر مما فعل بها المخلوع حسني مبارك، ويطفىء حلم التحرر واستعادة الذات والتوهج والإبداع من نفوس ملايين المصريين.
لماذا ننشغل بأفعال السيسي الحقيرة، مع تبعاتها الخطيرة أعرف تماما، لكن ماذا عن الانشغال بالأهم مصدر تلك المشكلات، وتتبع شخصيته بصورة احترافية بدلا من ترك ذلك للتفاهات والأمور المهمة التي يصدرها لنا بين الحين والآخر، وهو يشغلنا بها عنه.
ألم تكفنا أوهام الانتصار والعودة خلال أيام من الانقلاب لنأخذ بالطريق الجدي لنعرف من عدونا وبالتالي طريقنا لمعاملته، أيا ما تكون المعاملة طالما تصدر عن مخلصين شرفاء، أم أننا سنظل محرك سر طويلا؟!
1
شارك
التعليقات (1)
احب مصر واهواها
السبت، 16-04-201603:44 م
بعد هذا المقال ألم تقل في خاطرك او اتت الفكرة مرورا امامك
الله يرحم ايامك يا حسني-!