قالت مديرة مكتب منظمة "هيومن رايتس ووتش" في
إسرائيل وفلسطين، ساري بشي، الاثنين، إن "
الأطفال الفلسطينيين يُعاملون بأساليب كفيلة بإرهاب البالغين وإصابتهم بالصدمة"، مؤكدا أن "الصراخ والتهديد والضرب ليس طريقة مناسبة لمعاملة الشرطة لطفل، أو لانتزاع معلومات دقيقة منه".
ووثقت المنظمة الدولية في تموز/ يوليو 2015، ست حالات لانتهاكات لحقوق أطفال اعتقلتهم قوات الأمن الإسرائيلية في القدس ومناطق أخرى بالضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل. وفي ردها، أنكرت الشرطة والمؤسسة العسكرية الإسرائيلية وقوع الانتهاكات، وقالت إن "القوات نفذت
الاعتقالات والاحتجاز بموجب القانون".
وأفاد ثلاثة أطفال فلسطينيين لم تتجاوز أعمارهم الـ17 عاما، بأنهم تعرضوا للعنف بلا ضرورة أثناء التوقيف والاحتجاز عند الشرطة الإسرائيلية، وفي حالتين من الثلاث استجوبت الشرطة الأطفال دون حضور أب أو ولي أمر، وفي الحالة الثالثة تمكن ولي الأمر من الحضور بعد بدء الاستجواب، كما ذكر الأطفال أنهم أمضوا ساعات خارج الزنازين في البرد، في ساعات الصباح الأولى وفي الليل.
وبحسب تقرير للمنظمة، اطلعت عليه "
عربي21"، فإن "الحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فرع فلسطين"، قالت إن عدد الأطفال الفلسطينيين المعتقلين في الضفة الغربية منذ تشرين الأول/ أكتوبر، وقت تصعيد العنف، زاد بواقع 150 بالمائة مقارنة بالعام السابق.
وقالت بشي: "تزايد أعداد هجمات الأطفال الفلسطينيين أمر مقلق. على قوات الأمن احترام القانون ومعاملة الأطفال المحتجزين بشكل إنساني يحفظ الكرامة، وهو ما يستحقه كل الأطفال".
فايز (15 عاما)
اعتُقل فايز أمام متجر كان يرتاده أحيانا للعمل في القدس الشرقية، في السابع من تشرن الأول/ أكتوبر. قال لـ"رايتس ووتش" إن عناصر الشرطة الإسرائيلية اقتربوا منه وسألوه عما إذا كان معه سكين، ووضع أحدهم يده في جيب الصبي في حين دفعه آخر. قال فايز إنه دفع الضابط ثم دخل المتجر الذي يعمل فيه ليعطي هاتفه الخلوي لصاحب المتجر، وقد توقع اعتقاله.
وأضاف فايز أن عناصر الشرطة دخلوا وراءه وبدأوا بضربه إلى أن سقط أرضا. قال إنه وهو راقد على الأرض ضربه رجال الشرطة بين ساقيه ولطموا رأسه بالأرض، ثم جرجروه لينهض وهم يصفعونه، ثم وضعوا يديه في الأصفاد. مالك المتجر محمد الشويكي كان موجودا، وأكد هذه الرواية وقال إن الشرطة ضربته بدوره على رأسه وركبتيه.
واستدلت "رايتس ووتش" بمقطع فيديو سجلته كاميرا المتجر، وقد أرسله الشويكي إلى وسائل الإعلام بعد الاعتقال بقليل، ويظهر فيه فايز وهو يدخل المتجر ووراءه ضابط شرطة يرتدي زي مكافحة الشغب، ثم يظهر الشرطي وهو يجره على الأرض ويصفعه، ثم يأخذه إلى مدخل المتجر، رغم أن فايز يظهر متعاونا معهم.
أحمد (16 عاما)
اعتقل الجنود أحمد في 27 تشرين الثاني/ نوفمبر، في حديقة صديقه عيسى عامر، قرب بيته في الخليل. وقال إن المحققين اتهموه بحيازة سكين، فأنكر، ثم أخذوه إلى مجمع عسكري في شارع الشهداء، لافتا إلى أنهم ما إن وصلوا حتى أجبره ستة أو سبعة جنود على الرقاد على الأرض وبدأوا في لطمه وركله.
وقال أحمد لـ"هيومن رايتس ووتش": "ضربوني على ظهري وساقي، ولكموني على رأسي. لا أعرف كم من الوقت مر، لكن كنت أشعر بالألم، والوقت يمر بطيئا".
وأشار إلى أنه قضى الليلة على مقعد في الفناء، في هواء الليل البارد، وأعطوه قنينة ماء وقطعة جبن أصفر جافة. نُقل إلى منشأة احتجاز في اليوم التالي، وخرج بعد ستة أيام دون اتهامات، بعدما أخفق اختبار الحمض النووي في كشف صلته بسكين تم العثور عليه.
وفي المقابل، قال مركز قوات الشرطة الإسرائيلية في الضفة الغربية لـ"هيومن رايتس ووتش" في رسالتها، إن قوات الأمن اعتقلت أحمد بسبب تشابهه مع أوصاف مشتبه يُزعم حيازته لسكين فر من الجنود. ورد في الرسالة أن محققا مدرّبا على التعامل مع الأحداث هو الذي استجوبه".
ولم ترد الرسالة على ادعاءات ضرب وركل رجال الشرطة لأحمد، لكن أحالت "رايتس ووتش" إلى آلية تقديم الشكاوى ضد "أعوان السجن"، الذين يُزعم ارتكابهم لانتهاكات، رغم أن أحمد يزعم تعرضه للضرب في حيازة الشرطة قبل بلوغه مركز الاحتجاز. ولم ترد الرسالة على سؤال حول ما إذا كان أحد أبوي الصبي قد وقع استمارة تؤكد إخطاره بالاعتقال، حسبما ينص قانون الأحداث.
صهيب (14 عاما)
الصبي الثالث، صهيب إدريس (14 عاما)، قال لـ"راتيتس ووتش" إن الشرطة أوقفته في بيته في حي الثوري في القدس الشرقية في تشرين الأول/ أكتوبر. وقال صهيب إن عناصر الشرطة ضربوه على رأسه وسبوه وهم في الطريق إلى مركز شرطة عوز.
وأكد أحمد أنه أُجبر على الجلوس على مقعد وقد تم ربط يديه وقدميه خارج خيمة بمجمع الشرطة من الساعة الخامسة صباحا إلى الظهيرة. ثم أخذه المحققون إلى الداخل وبدأوا في استجوابه عن تورطه المزعوم في رمي زجاجات على قوات الأمن.
وأفادت منظمة "اليونيسف" التابعة للأمم المتحدة، بأن 168 من بين 208 شهادات موقعة من أطفال تم جمعها عامي 2013 و2014، قال بشأنها الأطفال المعنيون إنهم لم يُخطروا بحقهم في حضور محامي أو التزام الصمت أثناء الاستجواب. قال الأطفال إنهم "تعرضوا للعنف البدني" في 171 حالة.
ومع تزايد أعداد اعتقالات الأطفال إبان تصعيد العنف في الشهور الأخيرة، فقد زادت أعداد وقائع انتهاك تدابير الحماية الدولية المكفولة للأطفال، حسبما أفادت به منظمات حقوقية فلسطينية وإسرائيلية.
وفي تشرين الثاني/نوفمبر 2015، مرر الكنيست الإسرائيلي قانونا يصرح بإنزال عقوبات بالسجن لفترات أطول على الأطفال المدانين برمي الحجارة، ويسمح للحكومة بتجميد مدفوعات الرفاه الاجتماعي المقدمة لعائلات الأطفال الذين يقضون عقوبات بالسجن.