سياسة عربية

الأسد يحدد كلفة الحرب ومن سيعمر ومفهومه لـ"الانتقالية"

القواعد الروسية في سوريا لا تعد احتلالا كما أن مفاوضات جنيف لا تعني انتقال الحكم ـ نوفوستي
القواعد الروسية في سوريا لا تعد احتلالا كما أن مفاوضات جنيف لا تعني انتقال الحكم ـ نوفوستي
نفى بشار الأسد وجود مرحلة انتقالية في سوريا، مسجلا أن هذه المرحلة الانتقالية لابد أن تستمر تحت الدستور الحالي، بما يعني استمراره على رأس السلطة في سوريا، مشددا على أن إعادة الإعمار يجب أن تقوم به الدول الثلاث التي ساعدت سوريا وهي روسيا، إيران والصين.

وتابع بشار الأسد في مقابلة مع وكالة "نوفوستي" الروسية، نشرت الأربعاء، أن القواعد الروسية في سوريا لا تعد احتلالا، كما أن مفاوضات جنيف لا تعني انتقال الحكم.

المرحلة الانتقالية

وسجل بشار أنه "لا يوجد تعريف للمرحلة الانتقالية، نحن بالنسبة لنا في سوريا نعتقد بأن تعريف مفهوم الانتقال السياسي هو الانتقال من دستور إلى دستور آخر، والدستور هو الذي يعبر عن شكل النظام السياسي المطلوب في المرحلة المقبلة".

وأوضح أن "المرحلة الانتقالية لابد أن تستمر تحت الدستور الحالي، وننتقل للدستور المقبل بعد أن يصوت عليه الشعب السوري، حتى ذلك الوقت ما نستطيع أن نقوم به، بحسب تصورنا في سوريا، أن تكون هناك حكومة. هذه البنية الانتقالية، أو هذا الشكل الانتقالي، هو حكومة مشكلة من مختلف أطياف القوى السياسية السورية، معارضة، مستقلين، حكومة حالية، وغيرها".

وشدد على أن "الهدف الأساسي لهذه الحكومة هو العمل على إنجاز الدستور، ثم طرحه على السوريين من أجل التصويت، ولاحقا الانتقال للدستور المقبل، لا يوجد شيء في الدستور السوري، ولا في أي دستور دولة من دول العالم اسمه هيئة انتقالية، فهذا الكلام غير منطقي وغير دستوري. ما هي صلاحيات هذه الهيئة؟ كيف تدير الشؤون اليومية للمواطنين؟ من يقيمها؟ اليوم هناك مجلس شعب ودستور يدير الحكومة والدولة، لذلك الحل هو في حكومة وحدة وطنية تهيئ لدستور جديد".

وأفاد أن "صياغة الدستور ربما تكون جاهزة خلال أسابيع، الخبراء موجودون، هناك مقترحات جاهزة يمكن أن تجمع، ما يستغرق وقتا هو النقاش. يبقى هنا السؤال، ليس كم تستغرق من الوقت لصياغة الدستور، السؤال هو ما هي العملية السياسية التي سنصل من خلالها لمناقشة الدستور".

وزاد: "نحن كدولة نستطيع اليوم أن نقوم بصياغة دستور وطرحه على المواطنين، ولكن عندما نتحدث عن قوى سياسية، من هي هذه القوى السياسية؟ نحن لا نعرف. نسأل هذا السؤال لـ "دي ميسورا"، هو لا يعرف، حتى الأمريكيون لا يعرفون".

وخلص: "الغرب أحيانا، أو بعض الدول وخاصة السعودية تريد أن تختصر كل الطرف الآخر بمعارضة الرياض التي فيها إرهابيون، إذاً يجب أن تظهر صورة واحدة للمعارضة —هذه غير موجودة- عندها نتفاوض معهم على دستور، عدا عن ذلك شهر آب/أغسطس هو زمن جيد وكاف".

ورقة المبادئ

قال بشار الأسد: "لا نستطيع أن نقول بأن هناك شيئا أُنجز في محادثات جنيف، ولكن بدأنا الآن بالأشياء الأساسية، وهي وضع مبادئ أساسية تبنى عليها المفاوضات، لأن أي مفاوضات بدون مبادئ تستند إليها تتحول إلى مفاوضات فوضوية لا يمكن أن تنتج شيئا، وتتيح لكل طرف بأن يتعنت، وتسمح للدول الأخرى بأن تتدخل بشكل غير موضوعي".

وأضاف: "الآن بدأنا بورقة مبادئ كان عملنا الأساسي فيها مع السيد دي ميستورا، وليس مع الطرف الآخر الذي سنفاوضه، وسنتابع النقاش والحوار حول هذه الورقة في الجولة القادمة. أستطيع أن أقول الآن بأن ما تم إنجازه في الجولة الماضية، هو بداية وضع منهجية لمفاوضات ناجحة، إن استمرينا بهذه المنهجية، ستكون أيضا باقي الجولات جيدة، أو منتجة".

مفاوضات جنيف

أكد بشار الأسد أن "الهدف من جنيف، هو حوار سوري ـ سوري نتفق فيه على شكل هذه الحكومة، طبعا نحن الآن لم نضع تصورا نهائيا، لأن الأطراف الأخرى السورية لم توافق على المبدأ بعد، وهناك من وافق، ولكن عندما نتفق جميعا على المبدأ سوف نقول كيف يكون التنفيذ".

وقال: "المنطق أن يكون هناك تمثيل للقوى المستقلة، وللقوى المعارضة، وللقوى الموالية للدولة، هذا مبدئيا بشكل سريع، أما كيف يتم التوزيع من الناحية التقنية، كما تعرف، هناك وزارات بحقيبة، وأخرى من دون حقيبة، هناك وزراء سيدخلون إلى الدولة ليس لديهم أي خبرة بالعمل الحكومي، فكيف يديرون الشؤون اليومية للمواطنين".

وتابع: "هناك الكثير من الأسئلة التفصيلية التي لابد أن تخضع للنقاش بيننا في جنيف، ولكن هذه القضايا ليست معقدة، أنا لا أراها معقدة، كلها قابلة للحل، ومجلس الشعب ليس له دور في هذه العملية، هي عملية تتم بيننا وبين المعارضة في الخارج، ومجلس الشعب يشرف على عمل الحكومة، ولكنه لا يعين الحكومة في سورية".

روسيا والانتصارات

وقال الأسد: "هناك من يتهمنا نحن وروسيا بذلك، حيث يتم تصوير وقوف روسيا ضد الإرهاب على أنه وقوف مع الرئيس أو مع الحكومة السورية، وبالتالي هو عقبة في وجه العملية السياسية، ربما كان ذلك صحيحا لو أننا كنا غير مرنين منذ البداية، لو أننا كنا فعلا متعنتين، ولكن لو عدت إلى سياسة الدولة السورية منذ خمس سنوات، نحن استجبنا لكل المبادرات التي طرحت من دون استثناء ومن كل الاتجاهات، حتى ولو لم تكن صادقة، الهدف هو أننا لا نريد أن نترك فرصة إلا ونجربها من أجل حل الأزمة".

وتابع: "أستطيع أن ألخص الجواب حول هذه النقطة بأن الدعم العسكري الروسي ودعم الأصدقاء لسوريا والإنجازات العسكرية السورية كلها ستؤدي لتسريع الحل السياسي وليس العكس".

وأضاف: "نحن لم نغير مواقفنا لا قبل الدعم الروسي ولا بعده، ذهبنا إلى جنيف ومازلنا مرنين، ولكن في الوقت نفسه، سيكون لهذه الانتصارات تأثير على القوى والدول التي تعرقل الحل، لأن هذه الدول وفي مقدمتها السعودية وتركيا وفرنسا وبريطانيا تراهن على الفشل في الميدان لكي تفرض شروطها في المفاوضات السياسية، فهذه الأعمال العسكرية، والتقدم العسكري، سوف يؤدي لتسريع الحل السياسي وليس لعرقلته".

قواعد روسيا ليست احتلالا

وأضاف: "إذا تحدثنا عن المرحلة الحالية، مرحلة الإرهاب، نعم، بكل تأكيد نحن بحاجة لوجودها لأنها فاعلة في مكافحة الإرهاب، حتى ولو عاد الوضع في سورية من الناحية الأمنية مستقرا، فعملية مكافحة الإرهاب ليست سريعة أو عابرة، الإرهاب انتشر عبر عقود في هذه المنطقة وبحاجة لفترة طويلة لكي تتم مكافحته، هذا من جانب".

وأوضح: "من جانب آخر، هي لا ترتبط فقط بمكافحة الإرهاب، هي ترتبط بالوضع الدولي العام، فمع كل أسف، الغرب خلال الحرب الباردة وبعدها وحتى اليوم لم يغير سياسته، هو يريد أن يهيمن على القرار الدولي، مع كل أسف لم تتمكن الأمم المتحدة من القيام بدور في حفظ السلام في العالم. إذا حتى ذلك الوقت، حتى تستعيد الأمم المتحدة دورها الحقيقي، القواعد العسكرية ضرورية، لنا، لكم، للتوازن الدولي في العالم، هذه حقيقة سواء اتفقنا معها أم لم نتفق، ولكنها الآن هي حالة ضرورية".

وشدد: "أنا أتحدث فقط عن روسيا، لا توجد دولة أخرى، لأن علاقتنا مع روسيا عمرها أكثر من ستة عقود وهي مبينة على الثقة والوضوح، ومن جهة أخرى، لأن روسيا تستند في سياساتها إلى المبادئ، ونحن نستند إلى المبادئ، لذلك عندما تأتي قواعد عسكرية روسية إلى سوريا فهي ليست احتلالا، بل على العكس هي تعزيز للصداقة وللعلاقة، وتعزيز للاستقرار والأمن، وهذا ما نريده".

الفيدرالية

قال بشار الأسد: "من ناحية الجغرافيا، سوريا صغيرة جدا لكي يكون فيها فيدرالية، هي ربما أصغر من معظم الجمهوريات الموجودة في روسيا، من الناحية الاجتماعية، الفيدرالية بحاجة لمكونات اجتماعية قد لا تتمكن من العيش مع بعضها البعض، وهذا ليس موجودا في التاريخ السوري".

وأفاد فـ"المبدأ الأساسي لا أعتقد بأن سوريا مهيأة لفيدرالية، لا توجد عوامل طبيعية لكي يكون هناك فيدرالية، طبعا، بالمحصلة، نحن كدولة نقول بأن ما يوافق عليه الشعب هو ما نوافق عليه، موضوع الفيدرالية مرتبط بالدستور، والدستور بحاجة لموافقة شعبية".

وزاد: "لكن هناك مفهوم، بحاجة لتصحيح، بالنسبة لفيدرالية كردية، معظم الأكراد يريدون أن يعيشوا في ظل سوريا موحدة، بنظام مركزي بالمعنى السياسي وليس فيدراليا، فعلينا ألا نخلط بين بعض الأكراد الذين يريدون النظام الفيدرالي وكل الأكراد، وهناك ربما مكونات أخرى غير كردية، صغيرة بالحجم جدا، تسعى لهذا الشيء أيضا".

وشدد على أن "فكرة أن فيدرالية فهي ليست طرحا عاما في سوريا، لذلك لا أعتقد بأن هذا الطرح، في حال طرح على التصويت، سيحظى بموافقة الشعب السوري".

الانتخابات

وأوضح بشار الأسد، أن نتائج الانتخابات المزمع إجراؤها في الشهر المقبل، تعتمد على الناخبين في سوريا، حيث قال: "هل سيكون هناك ألوان جديدة في المجتمع السوري؟ أي أنه لا يكفي، كما حدث في الانتخابات البرلمانية عام 2000، أن يكون لديك أحزابا جديدة، تستطيع أن تشكل 100 حزب، لكن ذلك لا يعني أنهم سيمثلون جميعاً في الانتخابات، ما هو الشكل الذي يقبله المواطن السوري لكي يذهب ويصوت؟".

واعتبر: "هذه الأمور كما تعلم لا تحصل بشكل سريع، هي بحاجة لوقت، أي حزب جديد بحاجة لكي يثبت وجهة نظره وبرنامجه السياسي بين المواطنين، وفي مثل هذه الظروف الصعبة ربما الناس بطبيعتها لا تريد أن تجرب الكثير من الأشياء الجديدة وربما عندما يتحسن الوضع الأمني سوف نرى هذا الشيء بشكل أفضل".

وتابع: "سيكون هناك هموم سياسية للمواطن أكثر من الهموم المعاشية، اليوم المواطن يفكر أولا في حياته، في أمنه، ثانيا يفكر في معيشته، في دراسة أولاده، في صحته، تأتي الهموم الأخرى لاحقا، لذلك في هذه الظروف لا أتوقع أن نرى تبدلا جذريا حقيقيا".

إعادة الإعمار

 وبخصوص عملية إعادة الإعمار قال بشار، هي عملية رابحة بجميع الأحوال بالنسبة للشركات التي ستساهم فيها، وخاصة إن تمكنت من تأمين قروض من الدول التي ستدعمها، طبعا نتوقع في هذه الحالة أن تعتمد العملية على ثلاث دول أساسية وقفت مع سوريا خلال هذه الأزمة، وهي روسيا والصين وإيران.

وتابع: "لكن أنا أعتقد بأن كثيرا من الدول التي وقفت ضد سوريا، وأقصد الدول الغربية بالدرجة الأولى، ستحاول أن ترسل شركاتها لتكون جزءا من هذه العملية، لكن بالنسبة لنا في سوريا لا شك بأن التوجه الأساسي سيكون باتجاه الدول الصديقة، بكل تأكيد لو سألت هذا السؤال لأي مواطن سوري سيكون جوابه سياسيا، عاطفيا، بأننا نرحب أولا بشركات هذه الدول الثلاث وفي مقدمتها روسيا، وعندما نقول بنية تحتية، فهي تشمل ربما ليس عشرات المجالات والاختصاصات، بل المئات منها، لذلك أعتقد بأن المجال سيكون واسعا جدا لكل الشركات الروسية للمساهمة في إعادة إعمار سوريا".

اللاجئون

نفى بشار الأسد وجود "أرقام دقيقة حول الذين هاجروا من سوريا أو الذين هجروا داخل سوريا، الأرقام تقريبية لأن هناك أشخاصا ينتقلون داخل سوريا ولكن لا يسجلون أنفسهم كمهجرين، يذهبون إلى قرى فيها أقرباء لهم، ويجلسون عند عائلات صديقة. معظم هؤلاء يأتون من المناطق التي يوجد فيها إرهابيون إلى المناطق التي تسيطر عليها الدولة بحثا عن الأمان".

وتابع: "لكن لا أعتقد أن المشكلة تكمن بالرقم، المشكلة أنه حتى الآن لا يوجد عمل جدي من قبل كثير من دول العالم لحل مشكلة هؤلاء، هم يتعاملون مع قضية الهجرة وكأنها تخصّ الخارج فقط، يريدون أن يستقبلونهم في بعض الدول الأوروبية ليؤمنوا لهم المأوى والمساعدات، وربما يرسلون بعض المساعدات للمهجّرين داخل سوريا. هذا لا يحل المشكلة".

وسجل: "المشكلة الأساسية هي الإرهاب، فيجب أن نقوم بمكافحته على المستوى الدولي، لأن الإرهاب ليس مرتبطاً فقط بسوريا، هو موجود في العراق، هو مدعوم بشكل مباشر من تركيا، هو مدعوم بشكل مباشر من العائلة السعودية المالكة، وجزء من الدول الغربية وخاصة فرنسا وبريطانيا، وباقي الدول تنظر، تشاهد، لا تقوم بعمل جاد، أعتقد أنه هنا تكمن المشكلة أكثر من مشكلة الأرقام بحد ذاتها".

الأضرار

وقال بشار بخصوص الأضرار الاقتصادية وفيما يتعلق بالبنى التحتية، أنها تتجاوز 200 مليار دولار. الجوانب الاقتصادية يمكن ترميمها مباشرة عندما تستقر الأوضاع في سوريا، ولكن البنية التحتية تستغرق وقتا طويلا".

وشدد: "نحن بدأنا بعملية إعادة الإعمار حتى قبل أن تنتهي الأزمة لكي نخفف قدر الإمكان من الأضرار الاقتصادية وأضرار البنية التحتية على المواطن السوري، وبالوقت ذاته نخفف من الهجرة إلى الخارج. ربما هناك من لديه الرغبة بالعودة عندما يرى بأن هناك أملاً بأن الأمور ستتحسن".

وتابع: "الهجرة ليس سببها فقط الإرهاب والوضع الأمني، وإنما الحصار والعقوبات الغربية المفروضة على سوريا. كثير من الأشخاص هاجروا من مناطق آمنة، ليس فيها إرهاب، بسبب الوضع المعاشي، المواطن لم يعد قادراً على تأمين احتياجاته. فإذا، بالنسبة لنا كدولة، لا بد من القيام بأعمال ولو أولية من أجل تحسين الوضع الاقتصادي والخدمي في سوريا، وهذا ما نقوم به الآن بالنسبة لإعادة الإعمار".
التعليقات (1)
عمر السوري
الخميس، 31-03-2016 11:17 ص
بشار الأسد الذي ما زال يعتبر نفسه أنه قادر على إدارة سوريا بعدما أنهك العباد وشردهم وأدخل القاصر والداني من كل بقاع الأرض من شذاذ الأفاق وغيرهم ... وما زال يعتبر نفسه أنه يستطيع الصمود في وجه شعب أبى الذل ورفع راية العزة والكرامة. هذا الأبله المجرم لا يكفي أنه مختل علقلياً وحسب بل في كل مرة يفاجئ الصحفيين بتعريفات جديدة وفلسفات لم يسمع من قبل ... الشعب السوري الحر سوف يعمل ما بوسعه لخلع هذا المتشرمذ من مكانه