سياسة دولية

خبراء أمريكيون: الانسحاب الروسي يشكل ضغطا على الأسد

رجح خبراء أن يكون الكرملين يخطط بذكاء أن يترك الأسد تحت رحمة الجهاديين بسوريا - ا ف ب
رجح خبراء أن يكون الكرملين يخطط بذكاء أن يترك الأسد تحت رحمة الجهاديين بسوريا - ا ف ب
شكل قرار الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بانسحاب قواته جزئيا من سوريا، "مفاجأة" أدهشت الكثيرين، فيما رأى خبراء أمريكيون، في هذه الخطوة، ممارسة ضغط على رئيس النظام بشار الأسد، وتقويض للصلاحيات الممنوحة له، من قبل العاصمة الروسية، موسكو.

وقال جيمس كولينز، سفير أمريكي سابق في روسيا للفترة الممتدة بين 1997 و2001، ويشغل حاليا منصب كبير الباحثين في مؤسسة "كارنيغي للسلام الدولي": "إن قرار الانسحاب الجزئي، كشف أن الالتزام الروسي لدعم الحكومة السورية، غير محدود، وإن كان ثابتا".

واعتبر كولينز في تصريحات، القرار، رسالة مبطنة وجهتها موسكو للأسد، تفيد بأنها لم تمنحه "شيكا على بياض"، لمواصلة سياساته وانتهاكاته.

وأشار الدبلوماسي المخضرم إلى أن "التحرك الروسي، يرمي للحد من العمليات القتالية من جهة، ويحث الطرفين، المتمثلين بالنظام والمعارضة السورية، للتحلي بالجدية خلال المفاوضات المقبلة وصولا إلى تسوية، من جهة أخرى".

وأعلنت وزارة الدفاع الروسية، أن الدفعة الأولى من طائراتها الحربية أقلعت أمس الثلاثاء من قاعدة "حميميم" الجوية في سوريا متوجهة إلى روسيا، وذلك بعد يوم من إيعاز بوتين، لوزير دفاعه، سيرغي شويغو، بسحب قوات بلاده الرئيسية من سوريا، بحسب ما أوردته قناة روسيا اليوم.

وأكدت روسيا مواصلة أنشطة عسكرييها في القاعدة البحرية في محافظة طرطوس، وفي قاعدة حميميم بمحافظة اللاذقية غربي سوريا، إضافة إلى حمايتها أنظمة صواريخ "إس -400" الجوية، عبر الجو والبر والبحر.

وفي هذا الصدد، أكد جيفري مانكوف، خبير بالشؤون الروسية في مركز للدراسات الاستراتيجية الدولية، مقره واشنطن، أن "بوتين أثبت لنظام الأسد، أنه لن يستمر بتقديم دعم غير محدود".

وأضاف مانكوف، أن موسكو تصف الأسد بـ"العنيد جدا، والكثير المطالب"، وخاصة في ظل استمرار دعمها له، موضحا أن التدخل الروسي كان يرمي "لتعزيز مصالح بلاده بالدرجة الأولى، أكثر منه لدعم بقاء الأسد في السلطة".

وأكد مانكوف، أن "الروس متأكدون من عدم إمكانية الأسد استعادة السيطرة على البلاد التي مزقتها الحرب، إلا أنهم يرون في تدخلهم العسكري، خطة تضمن لهم تسوية سياسية، تخدم مصالحهم".

ورأى مانكوف في تحرك روسيا الأخير، ممارسة ضغط على الأسد، خلال جولات محادثات السلام المقبلة في جنيف.

وكانت روسيا أحد رواد سلسلة مباحثات السلام الأخيرة، التي عقدت بإشراف المبعوث الخاص للأمم المتحدة، ستيفان دي ميستورا، فيما كانت طائراتها تقصف جماعات المعارضة في الأجزاء الغربية من البلاد، في ظل دعم قوات الأسد للاستيلاء على المزيد من الأراضي.

من جانبه، قال دانييل سروير، أستاذ ومدير لبرنامج إدارة الصراع، في كلية "جونز هوبكنز" للدراسات الدولية المتقدمة، إن "موسكو تريد دفع الأسد إلى تقديم بعض التنازلات، على طاولة المفاوضات، وصولا لاتفاق سياسي".

وأشار سروير، إلى أن موسكو كانت تعتزم الاحتفاظ ببعض القواعد البحرية والجوية، في ظل مخاوف روسية من ازدياد تورطها في الشأن السوري.

واستقبلت واشنطن إعلان الكرملين ببعض الدهشة، فيما أوضح بوتين أن التدخل العسكري "حقق الأهداف المرجوة منه، وانتهت المهمة بنجاح".

ولم تحدد روسيا، بشكل واضح، هدفها الرئيسي من تدخلها العسكري، الذي بدأ في أواخر أيلول
/سبتمبر  الماضي، فيما يسود الاعتقاد لدى كثيرين أنه بغية دعم نظام الأسد، ومنعه من السقوط في خضم المفاوضات.

وفي السياق ذاته، قال جون هربست، مدير مركز "دينو باتريسيو أوراسيا"، التابع لمجلس الأطلسي، مقره واشنطن: "رغم أنه لا يزال من المبكر تقييم ماذا سيحدث لاحقا، إلا أن الصورة ليست واضحة بعد، كما أوضح بوتين مؤخرا".

وأضاف هربست أنه "في حال دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ، واستمراره بشكل دائم، يمكن للأسد الاحتفاظ بمنصبه، دون التدخل العسكري الروسي". 

ورجح هربست أن "الكرملين قد يكون يخطط بذكاء، أن يترك الأسد تحت رحمة الجماعات الجهادية القوية في سوريا، التي لم يكن يُعنى باستهدافها". 

ولفت هربست إلى أن "الاقتصاد الروسي يعاني ضغوطا كبيرة في الوقت الراهن، نتيجة لانخفاض أسعار النفط العالمية، والعقوبات المفروضة عليه من قبل الاتحاد الأوروبي وأمريكا، الأمر الذي لعب دورا رئيسيا في خطوتها الأخيرة". 

وأفاد تقرير صدر عن المعهد الملكي للخدمات المتحدة في بريطانيا، في كانون الأول/ ديسمبر الماضي، أن التكلفة اليومية التي كانت روسيا تتكبدها على حملاتها السورية، تقدر بنحو 4 ملايين دولار أمريكي، وذلك حتى وقوع حادثة إسقاط المقاتلات التركية، طائرة حربية روسية من طراز "سوخوي-24"، في تشرين الثاني/
نوفمبر الماضي، لدى انتهاك الأخيرة المجال الجوي التركي عند الحدود مع سوريا بولاية هطاي. 

وأكد التقرير ذاته، أن "التكاليف اليومية، ارتفعت بعد الحادث إلى 8 ملايين دولار أمريكي، لليوم الواحد، في ظل تكثيف روسيا غاراتها الجوية على الجماعات المعارضة، المدعومة من تركيا وشركائها في التحالف".

وقال عبد القادر أوستون، مدير فرع واشنطن لمؤسسة الأبحاث الاجتماعية والاقتصادية والسياسية "سيتا"، إن "روسيا قد تعاود ضرباتها العسكرية في سوريا، حال شعورها بأن مصالحها الإستراتيجية باتت مهددة، وذلك بغض النظرعن الظروف الاقتصادية".

وأوضح أوستون، أن الخسائر التي تكبدتها موسكو، من خلال تدخلها العسكري في سوريا، "لا تذكر مقارنة بالخسائر التي تكبدتها في أوكرانيا".
التعليقات (1)
الزنكلوني
الأربعاء، 16-03-2016 09:17 م
بوتين وماذا يستفيد من سوريا المدمرة كلياً ومقومات الحياة شبه معدومة في هذا البلد بوتين اكتشف عن قرب انه لا فائدة من اللهاث خلف بشار ودعمه وهو لا يدير سوى 10% من سوريا