النظام الانقلابي في مصر لا ينتج إلا الأشياء الكريهة، فهو يعيد إنتاج الفساد والخراب والدمار، وهو أمر لا يحتمل حتى من أناس أيدوا الانقضاض على الشرعية وثورة يناير، وهذا ما ظهر حتى على شاشة التلفزيون المصري الرسمي.
مشكلة هذا الانقلاب وزعيمه عبدالفتاح السيسي أنه لا يقف عند حدود في الانهيار والسقوط في الهاوية، وكان آخر ما تفتفت عنه عبقريته هو ترشيح أحمد أبو الغيط، وزير خارجية المخلوع حسني مبارك ليكون أمينا عاما لجامعة الدول العربية.
صحيح إن ما يسمى جامعة الدول العربية كيان تخريبي، أنشئت بقرار من بريطانيا الاستعمارية من أجل منع قيام أي شكل من أشكال الوحدة العربية، أو حتى أي شكل من أشكال التقارب، وهذه الجامعة لم تكن يوما في صف الشعوب العربية، فهي جامعة "الحكومات"، كما قال أحد مسؤوليها، وليست جامعة الشعوب، وبالتالي فإن أي شخص رأس أو سيرأس هذا الكيان سيمثل حالة الخراب العربي الشامل، التي تعبر عنه هذه الجامعة التي أفضل أن أطلق عليها اسم "مفرقة أو مشتتة"، فهي في تاريخها كله لم تستطع أن تجمع شيئا.
الآن وبعد 5 سنوات على اندلاع الثورات العربية والإطاحة بالتونسي زين العابدين والمصري مبارك والليبي القذافي واليمني علي صالح، أعاد النظام القديم في كل هذه الدول إنتاج نفسه من جديد، رغم عدم عودة رأس النظام نفسه، وهذا ينطبق على مصر التي انقلب فيها الجنرالات الفاسدون وأركان الدولة العميقة على الثورة ونتائجها، وانقض الجنرالات على كل ما تحقق للشعب من آمال قليلة، وأعادوا عقارب الساعة إلى الوراء.
هذا النظام الانقلابي الذي يقوده الجنرال عبدالفتاح السيسي أعاد للعمل كل منظومة الفساد السياسية والاقتصادية، وأعاد إنتاج أشرس حالة أمنية عرفتها مصر في تاريخها الحديث، وحول مصر إلى سجن كبير، واعتقل أكثر من 100 ألف مصري خلال عامين ونصف العام فقط، في واحدة من أشرس الحملات الفاشية ضد من يعارض الانقلاب.
لا يريد نظام السيسي الانقلابي الوقوف عند هذا الحد، فهو يريد إعادة إنتاج الحالة الخارجية المتردية التي كان يمثلها نظام مبارك، بالتحالف مع نظام بشار الأسد المجرم الإرهابي في سوريا ضد الشعب السوري، وهذا ما كشف عنه الإرهابي الأسد في لقاء مع قناة المنار التابعة لحزب الله، وإعادة إنتاج الحالة القذافية في ليبيا عبر العقيد خليفة حفتر، الهارب من حرب تحرير شريط أوزو الليبي الذي احتلته تشاد، إلى أحضان المخابرات الأمريكية.
الآن يريد الانقلابي عبدالفتاح السيسي ونظام الجنرالات، إعادة إنتاج "عفن" رجال مبارك على رأس جامعة الدول العربية، فاختار أحمد أبو الغيط، الذي كان واحدا من أسوأ رجال مبارك، وهو الرجل الذي لا يعرف سوى العلاقات الاستراتيجية مع الكيان الإسرائيلي، وهو من أشد أعداء الشعب الفلسطيني، وهو عدو لا يبارى لقطر، ومواقفه معروفة، عندما تبجح وأعلن إفشال قمة الدوحة حول غزة، وهو الذي تبجح بذلك علنا على شاشات الفضائيات، وهو الذي طالب بخنق غزة وشعبها.
ترشيح أبو الغيط لرئاسة "جامعة الدول العربية" يكشف عن الردة الكبرى التي يقودها نظام السيسي الانقلابي، ضد الثورات العربية وضد الربيع العربي وضد فلسطين وقطر تحديدا، وضد الحرية والعدالة والكرامة التي طالبت بها الشعوب العربية، وهو إعلان للعداء لمن يدعم قيم الحرية في الوطن العربي وفي مقدمتها دولة قطر.
عن صحيفة الشرق القطرية