تناولت صحيفة الموندو الإسبانية تجدد
المظاهرات السلمية في
سوريا بالتزامن مع حالة الهدوء النسبي التي عمت البلاد، واعتبرت أن هذه التحركات أعادت أجواء
الربيع العربي في سنة 2011، ولكنها حذرت في الوقت ذاته من أن الأسد لا يتعامل مع هذه التحركات إلا بالقوة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن السوريين لم يحتاجوا لأكثر من هدنة هشة ليعودوا للتظاهر السلمي في الشوارع، ويطالبوا برحيل نظام بشار الأسد، ويلوحوا بعلم الثورة السورية الذي كان معتمدا في سوريا قبل استحواذ البعثيين على السلطة.
وأضافت أن يوم الجمعة شهد تجمع أعداد من السوريين والتعبير عن مواقفهم التي لم تكن فقط معارضة للنظام، بل معارضة أيضا للتطرف والمجموعات المتشددة، وهو ما أحيا آمال السوريين بأن الثورة التي اندلعت في سنة 2011 ما زالت حية ولم تمت، وذلك في أول فرصة تتاح لهم خلال خمس سنوات للتعبير عن آرائهم في الشوارع دون الخوف من قصف طائرات النظام.
وأشارت الصحيفة إلى بعض المطالب والشعارات التي تم ترديدها من سكان بلدة الأتارب في محافظة حلب يوم الجمعة، التي تمثلت خاصة في "حرية... حرية"، و"الموت ولا المذلة"، و"الثورة مستمرة". كما تم رفع الشعارات ذاتها في عدة مناطق على امتداد البلاد، رغم أنه لم يعد من السهل تقدير أعداد المشاركين في هذه التحركات ونسبة الدعم الشعبي لهذه المطالب، بعد أن تعرض جزء كبير من الشعب للتهجير.
وذكرت الصحيفة أن سنتي 2011 و2012 شهدتا احتجاجات شعبية كبيرة، كانت تخرج خاصة في أيام الجمعة من كل أسبوع، وكان يقودها في بعض الأحياء أئمة المساجد، وفي مناطق أخرى نشطاء إسلاميون ومسيحيون، مثل الناشط مارسيل شهوارو في حي قصر بستان في حلب.
وقالت الصحيفة إنه مع بداية تلك الاحتجاجات في سنة 2011، كان بشار الأسد قد استنجد مباشرة بالقناصة والمجموعات المسلحة غير النظامية التي تعرف بالشبيحة، لإطلاق النار على المتظاهرين واعتقالهم وممارسة التعذيب في المعتقلات. وهو ما أدى لموجة من الانشقاقات في الجيش السوري، والتجاء المعارضة لتسليح نفسها أمام بطش النظام، لتأخذ الأمور منحى أكثر دموية بعد ذلك باعتماد النظام على الطيران لمعاقبة المناطق الخارجة عن سيطرته.
وأشارت الصحيفة إلى أن مظاهرات الجمعة الماضية، تركزت في المناطق المفتوحة. ففي محافظة درعا في الجنوب تجمع المتظاهرون في المسرح الروماني في بصرى الشام، المصنف في قائمة التراث العالمي من قبل منظمة اليونيسكو، كما ظهرت تسجيلات مصورة لتحركات مماثلة في معرة النعمان وإدلب.
وذكرت الصحيفة أن
الهدنة الهشة التي توصلت إليها الولايات المتحدة وروسيا خلال الأسبوع الماضي، أدت لانخفاض ملحوظ في عدد ضحايا عمليات القتال والقصف الجوي. وقد أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان أن 135 شخصا قتلوا منذ دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ في المناطق التي يفترض أن الاتفاق يشملها، من بينهم 32 مدنيا.
وأشارت الصحيفة إلى أن مظاهرات الجمعة الماضية شهدت أيضا حضور عناصر من جبهة النصرة، حيث إن بعض نشطاء المعارضة السورية تذمروا من وجود أفراد يحملون أعلام سوداء، ويرددون شعارات معادية للديمقراطية والعلمانية.
كما شهدت هذه المظاهرات عودة عدد من المنشدين الذين برزوا خلال بدايات الثورة السورية، مثل الشاب رائد حمود الملقب "بالعندليب"، الذي قاد هتافات الأهالي في إدلب ضد النظام. كما ردد المتظاهرون أغنية "يلا ارحل يا بشار" التي اشتهر بها إبراهيم قاشوش، الذي قاد الاحتجاجات في حماة في سنة 2011، ثم عثر عليه مقتولا في تموز/ يوليو من العام نفسه، بعد أن قامت قوات النظام بذبحه واقتلعت حنجرته.