.. لا، لحظة، نجيب هنا ليس أنا. والدليل على كلامي أني سعودي، أتكلم العربية. ونجيب المقصود هندي يتكلم "المالالايامية" لغة في جنوب الهند.
صدر كتاب بالمالالايامية اسمه "أيام العنز" وبطل القصة اسمه نجيب. والقصة انتشرت كانتشار الفقع هذه الأيام.. لكن في الهند، وبين الجاليات الهندية في الخليج، وقرضتها جريدة هندية كبرى بأنها تمثل الدراما السوداء لهجرة الشبان الهنود للعمل في الخليج، حيث لا يكون الفرق بينهم وبين الحيوانات واضحا- أي في التعامل من قبل أصحاب الأعمال الخليجيين- والمفارقة الساخرة، أن كاتب القصة نفسه واسمه "بنيامين" يعيش في البحرين مبسوطا.
أعترف لكم أن القصة مشوقة تقرأها في جلسة واحدة، أهديت لي من الأخ الحبيب أبي زيد، عثمان العثمان ـــ ربما بنية حسنة لأن اسم البطل نجيب ـــ ترجمها أخونا بنيامين إلى إنجليزية دارجة، شاذة عن طبيعة إنجليزية الكتاب الهنود المرصوفة بالتقعر اللفظي، والجمل الشكسبيرية. القصة تصف حال وبيئة العامل نجيب "وقد دخل كلية الطب كما يقول، وقبل وظيفة عامل أو راع بالمملكة؟! عجيب!" الذي قدم للمملكة ليعمل مع مربي وبائع أغنام سعودي.
نجيب هذا مؤلف الكتاب صار له موقف مع "أرباب"، وأرباب كلمة متفق عليها بين الهنود لرب العمل، وأخذت من الفارسية والأردية. وأما الموقف فهو أن نجيبا انغمس بعمله بالبر مع العنز والخراف، إلا أنه أحب "تيسا"، حبا جما، واعتبره ابنا له، وأعطاه اسما هو "نبيل". وخفف نبيل حدة العيش في الصحراء على نجيب الذي صار يرعى نبيلا رعاية الأب الحنون المتعلق بابنه. "أرباب" كان يخصي التيوس التي لا يتوقع منها نسلا أنثويا (عنزا) تدر الحليب فيخصيها لإعدادها للمسالخ. ويصف الكاتبُ على لسان بطله عملية الخصي التي تتم كما يقول بوحشية دموية، وتنجو التيوس الفحول وتعيش حتى تكبر لتواصل عملية الإنجاب.
في يوم أشار "أرباب" إلى تيس بعينه ليخصيه، ووقع قلب نجيب من الخوف والهلع، فقد كان واضحا أنه يشير لتيسه نبيل- ابنه الذي ولده بنفسه ورباه ـــ فغالط نجيب أربابا بتيس آخر، ولكن هيهات فقد كانت عينا أرباب كعيني صقر فأعاد التيس وطلب نبيلا مرة ثانية، وأيضا غالطه نجيب بتيس آخر، فما كان من "أرباب" إلا أن ضرب نجيبا بعصاه، وقال له: "أنت واحد حمار"، وأحضر نبيلا لمصيره. وما هي إلا خطفة عين حتى طارت ذكورة نبيل. كان حزن نجيب حزنا كظيما ونبيل يثغي ألما ينظر إليه وتحته نقعة دماء.
منذ فقدان نبيل لذكورته نهائيا، فقد أيضا نجيب ذكورته نهائيا!
العبرة من القصة رسالة لكل المجتمع؛ نحن سيرة مفتوحة أمام من يعملون لدينا.. فلننتبه، رفقا بنا وبسمعتنا. لو أن "أرباب" السعودي ترك التيس "نبيل" ليعيش، لما أخبر نجيب قصته للعالم، التي كتبت عنها "الأنديان تايمز" إنها تدل على العبودية، ومعاملة الإنسان كحيوان.. حتى مع أن "أرباب" لم يكن يقصد ذلك ولم يرده.
فرجاء لا نريد نجيبا آخر يكتب.. وكما أوضحتُ لست أنا المقصود!
عن صحيفة الاقتصادية السعودية
1
شارك
التعليقات (1)
محمد المصري
الإثنين، 29-02-201609:43 م
والله ربنا يسترعليك وعلى عيلتك وفعلا ماتكون انت المقصود.