ملفات وتقارير

قضاة في مصر من المنصة إلى القفص

مراقبون:  هناك نهج لإقصاء القضاة الذين يعارضون النظام (أرشيفية) - أ ف ب
مراقبون: هناك نهج لإقصاء القضاة الذين يعارضون النظام (أرشيفية) - أ ف ب
انتقد قضاة وحقوقيون قرار المجلس الأعلى للقضاء، القبض على المستشار أمير عوض أثناء نظر محاكمته في القضية المتهم فيها بالتوقيع على ما يسمى بيان اعتصام ميدان رابعة العدوية.
  
وكان المستشار عوض قد اعترض على قرار تأجيل القضية ليوم؛ نظرا لسفره لمدينته المنصورة (شمال الدلتا)، وكشف المستشار وليد شرابي، المتحدث باسم قضاة من أجل مصر، أن "عوض" انتظر لمدة 12 ساعة للتحقيق معه، وعندما اعترض أصدر رئيس مجلس تأديب القضاة المستشار جمال الدين عبد اللطيف قرارا لقوات أمن دار القضاء باحتجازه.
 
وأضاف "شرابي" على حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك"، أن المستشار أمير عوض تم حبسه أربعة أيام على ذمة التحقيق، في بلد لا يملك فيها قاضي حر أن يأمن على حريته من بطش قضاة الظلم".
  
قصة بيان رابعة المزعوم
 
وبشأن بيان رابعة، قال وزير العدل الأسبق، المستشار أحمد مكي، لـ"عربي21": "أطلق عليه اسم بيان رابعه تجاوزا للحقائق، وأن القضاة أذاعوه في الاعتصام، وهو مالم يحدث، ولكنه صدر بمناسبة الاعتصام"، مضيفا: "قرأت البيان، وهو كلام ليس فيه أي خروج عن التقاليد القضائية، ولا اشتغال بالسياسة، كما يزعمون".
 
وأكد المستشار "مكي" أن هناك "هجمة يتعرض لها القضاة الحريصون على استقلاله، الذين سعوا لأن تكون مهمته تحقيق العدل، وغرز الطمأنينة في نفوس الناس، في حين أن النظام يستخدم القضاة كأداة من أداة الردع والتخويف، وعكس كل أهداف القضاة".
 
وتابع: "اليوم أصبح الاستثناء، والفتك بالقواعد، هو الأصل في القوانين"، مشددا على أنه "لا عدالة مع استثناءات التي تعني الخروج عن قواعد المساواة"، معتبرا أن القضاء "يمر في أسوأ عصوره، ويستعمل في غير غايته".

 نية مبيتة
 
وتذكر التحقيقات أن عددا من غير القضاة، من بينهم المستشار هشام جنينه، رئيس الجهاز المركزي للمحاسبات، والمستشاران أحمد مكي وزير العدل الأسبق، وشقيقه محمود مكي نائب رئيس الجمهورية الأسبق، كانوا قد حرضوا على إعداد هذا البيان".
 
بدوره، كشف القاضي عماد أبو هاشم، رئيس محكمة المنصورة الابتدائية، أن هناك "نية مبيتة للزج بالمستشار عوض في أي اتهام ملفق".
 
وقال لـ"عربي21: "كان ذلك بسبب لقاء جمعنا بحامد عبد الله، رئيس مجلس القضاء الأعلى السابق، حيث وجه عوض حديثه إليه قائلا: "إذا كنتم تتهموننا بالاشتغال بالسياسة، فبماذا تسمي اشتراكك في الانقلاب، أليس ذلك هو الاشتغال بالسياسة الذى يستوجب محاكمتك"، وكان ذلك في حضور رئيس مجلس القضاء الحالي الذي أسرها في نفسه منذ سنتين".
 
 وأضاف أن "ما تبقى من القضاء في مصر هو قضاء مسيس، وأن "السيسي" ليس في حاجة إلى تسيسه، إلا ما رحم ربك"، وأن المرحلة الحالية من أخطر المراحل في حياة مصر والمصريين.
 
سابقة خطيرة
 
بدوره، قال الباحث في الملف الحقوقي المصري بجنيف، أحمد مفرح، لـ"عربي21": "واقعة احتجاز القاضي أمير عوض سابقة خطيرة في تعامل النظام العسكري مع القضاة"، مضيفا أنه "بمثابة تقدم خاطئ في مسلسل الانتهاكات بحق عدد من القضاة".
 
واعتبر أن "استمرار النظام المصري في عزل قضاة بتهم مختلقة لا أساس لها، تنم على نهج واضح للسلطة التنفيذية للسيطرة على السلطة القضائية، ما يسهل شرعنة الانتهاكات التي يرتكبها النظام العسكري في مصر بحق الحقوق والحريات".
 
وأكد الناشط الحقوقي "أن واقعة عزل القضاة تحت زعم الاشتغال بالسياسة تتعارض مع المعايير الدولية -التي اعتمدتها الأمم المتحدة- والتي تنص في البند رقم 8 على أنه "وفقا للإعلان العالمي لحقوق الإنسان، يحق لأعضاء السلطة القضائية كغيرهم من المواطنين، التمتع بحرية التعبير والاعتقاد وتكوين الجمعيات والتجمع، ومع ذلك يشترط أن يسلك القضاة دائما، لدى ممارستهم حقوقهم، مسلكا يحفظ هيبة منصبهم ونزاهة واستقلال القضاء".
 
قضاء نظام لا قضاء شعب
 
أما المحامي، تامر علي، بمركز هشام مبارك للقانون، فاعتبر أن هناك نهجا لإقصاء القضاة "الذين يعارضون سياسة النظام، أو يكون لهم رأي مستقل فيما يتعلق بمحاكمة المعارضين، ويقعون تحت ضغوط السلطة".
 
وأكد أن وجود المستشار أحمد الزند على رأس وزارة العدل يهدف إلى "تسييس ما تبقى من القضاء، وجعله قضاء دولة، وليس قضاء شعب، في إصدار أحكام قمعية ضد المعارضين والقضاة الذين لا يرضخون لإملاءات النظام".
 
وحذر من أن يفقد المواطن ثقته في العدالة، ما يدفع البعض "إلى الانتقام من الدولة، وأخذ حقه بيده، ما يكرس لمرحلة خطيرة قد تأتي بالوبال على البلاد"، مشددا على أن "القضاء لن يحمي النظام من الملاحقة القانونية، وتحمله مسؤولية ما يجري، من خلال التستر بمنصة العدالة".
التعليقات (0)