تنذر قضية انهيار سد الموصل شمال العراق، بحدوث كارثة إنسانية قد تؤدي إلى مقتل وتشريد أكثر من مليوني عراقي، وفيما وجهت الحكومة العراقية باتخاذ الإجراءات اللازمة لصيانة السد والحفاظ عليه، فقد حذر التحالف الدولي ضد "تنظيم الدولة" بقيادة واشنطن، العراقيين من خطر محدق بسد الموصل.
وقال المتحدث باسم التحالف ستيف وارن في لقاء بثته قناة "السومرية العراقية" الأربعاء: "نحن قلقون جدا حول سد الموصل وصيانته، والسفارة الأمريكية في بغداد تحدثت عن هذا الموضوع".
وأضاف وارن، في حديثه: "إننا نجهل حاليا توقيت انهيار السد"، لافتا إلى أن "على العراقيين أن يفهموا أن هناك خطرا محدقا في سد الموصل".
أصل المشكلة
بدأت مشكلة سد الموصل بعد الانتهاء من إنشائه عام 1986، عندما بدأت عمليات تقوية الأسس عبر التحشية عن طريق الحقن بالكونكريت وبشكل يومي، بسبب تآكل الأرضية التي أنشئ عليها والتي تعدُّ غير صالحة لإنشاء السدود عليها، إذ إن عملية التحشية هي التي تحافظ على جسم السد والمنشآت الملحقة به حتى الآن.
وأنشأت سد الموصل شركة ألمانية إيطالية مشتركة، على بعد 30 كم شمال غرب مدينة الموصل، فيما قدرت الشركة عمر السد بنحو 80 عاما. وتقع مدينة الموصل، مركز محافظة نينوى، على مسافة 50 كم إلى الشمال من العاصمة بغداد.
ويُعدّ سد الموصل المشيد على نهر دجلة أكبر سد في العراق، ورابع أضخم سد في الشرق الأوسط، وتم تدشينه في عام 1986، وبلغت كلفة إنشائه أكثر من مليار دولار، ويصل ارتفاع السد إلى 113 مترا، ويبلغ طوله نحو 3.4 كم، ويحتجز السد خلفه بحيرة شاسعة وخزانا ضخما يضم نحو 8 مليارات متر مكعب من المياه.
حجم الكارثة
وبحسب دراسة أعدها مركز بحوث السدود والموارد المائية في جامعة الموصل، عام 2009، وقدمها في المؤتمر العالمي الثالث عشر لتكنولوجيا المياه الذي عقد في مصر، فإنه في حالة انهيار السد فإن 207632 مترا مكعبا من المياه سيتدفق بسرعة 3.5 كلم في الثانية وبارتفاع 25.3 متر في الساعات التسعة الأولى من الكارثة، معرضا أكثر من نصف مدينة الموصل إلى الغرق بمياه يصل ارتفاعها إلى 20 مترا.
وتؤكد الدراسة أن الكارثة البشرية والاقتصادية سوف لا تشمل الموصل فحسب، فالأرقام تشير إلى أن حصيلة الكارثة ستؤدى إلى مقتل وتشريد أكثر من مليوني عراقي، فضلا عن اكتساح مياه السيول على مسافة 500 كم ضمن امتداد مجرى نهر دجلة، كل ما على الأرض. وستغمر المياه أجزاء كبيرة من العاصمة بغداد تصل إلى ارتفاع أربعة أمتار.
من جهتهم، حذر مختصون في مجال البيئة، الثلاثاء 26 كانون الأول/ يناير 2015، من إمكانية انهيار سد الموصل في حال عدم الحرص على تدعيم أساساته، ورأوا أن انهياره يشكل أكبر كارثة في تاريخ العراق الحديث، فيما توقعوا أن يغرق الطوفان الناجم عن الانهيار مدينة الموصل بأسرها ويقتل مئات الآلاف من سكانها، وإن المحافظات الجنوبية -ومنها البصرة- لن تكون بمنأى عن مخاطر جسيمة.
تدابير حكومية متأخرة
من جهته، حمل النائب في البرلمان العراقي أحمد سليم الكناني في بيان له، الأربعاء، الحكومة العراقية، ولا سيما وزارة الموارد المائية التي أكد أنها "الجهة ذات الاختصاص بتقدير حجم خطورة الموضوع والإجراءات المتخذة بصدده، والذي يعد أسوأ كارثة بشرية تحدث على مدى تاريخ العراق".
وكان عضو برلمان إقليم كردستان العراقي آري هرسين، الاثنين 25 كانون الثاني/ يناير 2016، أعرب عن مخاوفه من انهيار سد الموصل، محملا الحكومة العراقية مسؤولية انهياره.
وقال هرسين، في حديث مع "رووداو" العراقية: "بعد التحقيقات تبين أن هناك مخاوف على سد الموصل من الانهيار"، مشددا على أن "من واجب الحكومة العراقية تصليح الأماكن المعرضة للانهيار".
وأضاف هرسين بأن "سد الموصل يحتاج إلى تصليحات سنوية، ولكنه أهمل في الفترة الأخيرة ما زاد من مخاوف انهياره"، مشيرا إلى أن "سد الموصل يحتاج إلى 250- 500 مليون دولار".
وأكد هرسين أن "الأمريكان شعروا بالمخاوف، لذلك فهم يبحثون الآن عن شركات مختصة لتصليح الأماكن المعرضة للانهيار".
بدوره، ناقش رئيس الحكومة العراقية حيدر العبادي، الثلاثاء 26 كانون الثاني/ يناير 2016 في اجتماع مجلس الوزراء، "الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة لمعالجة مشكلة سد الموصل ووضع الخطط اللازمة من قبل اللجان المختصة المشكلة لهذا الغرض".
وقال بيان لمكتبه، إن "المجلس أكد مضي الحكومة بإجراءاتها وإيلاء موضوع السد أهمية بالغة لدرء أي خطر محتمل، والاستعانة بالخبرات الدولية في هذا المجال".
وكان رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، وجه السبت 16 كانون الثاني/ يناير 2016، الحكومة باتخاذ الإجراءات اللازمة لإتمام أعمال صيانة سد الموصل والحفاظ عليه.
يذكر أن الحكومة العراقية، أعلنت في 10 كانون الثاني/ يناير 2016، استمرارها باتخاذ الإجراءات والتدابير اللازمة لإصلاح سد الموصل، مشيرة إلى أن السد يعاني منذ تشغيله من مشكلة في الأسس بسبب احتوائها على طبقات ملحية قابلة للذوبان في الماء، فيما بينت أنها تتعامل مع كل التحذيرات الدولية بـ"جدية" للحفاظ على سلامة المواطنين.