الأخبار القادمة من ليبيا تؤكّد أنّ البلد في المنعرج الأخير للمرور إلى مرحلة "الدّعشنة" الكلّية، خصوصا بعد أن أصبح التدخل العسكري الغربي لضرب المواقع التي يسيطر عليها الدواعش قضية وقت في ظل الاستعدادات الجارية من الدّول الغربية، وآخرها وصول فرق عسكرية أمريكية وبريطانية وروسية إلى ليبيا.
كلّ التّجارب السّابقة في أفغانستان والعراق وسوريا وغيرها من مناطق النّزاع تؤكّد أن التدخل الأجنبي مدعاة لانتشار الإرهاب والتطرف، وأنّ داعش تزدهر في أيّ بلد يتم التّركيز عليه من الغرب، بل إن الفرق التي تصل تباعا إلى ليبيا هي في الواقع "طلائع داعشية".
سيتنادى "الجهاديون" والمتطرفون من العالم أجمع إلى نصرة إخوانهم في ليبيا ضد الغزو الغربي. وسيتحول هذا البلد الفاشل إلى مصنع للإرهاب، يهدّد استقرار المنطقة بأسرها، كما حدث في القسم الشرقي من العالم العربي. والجزائر أكبر خاسر في المنطقة وهي التي واجهت هزّات عديدة، أخطرها ما حدث قبل خمس سنوات عندما تم فتح أكبر مخزن للسلاح في إفريقيا، أمام الحركات المتطرفة التي هربته نحو مالي، وأسست دولة متطرفة على الحدود مع الجزائر.
الدواعش يسيطرون الآن على الهلال النفطي الليبي الممتد من سرت إلى أجدابيا إلى راس لانوف، وهو ما يؤهلهم لضمان التمويل اللازم للتوسع والسيطرة على البلد كله، ولا ينقصهم سوى غطاء الشرعية التي سيوفّرها التّدخل العسكري الغربي ضدّهم خلال الأشهر المقبلة، لتتحول المنطقة إلى مركز استقطاب داعشي بديل عن سوريا والعراق، بعد أن اكتملت المهمة هناك وتم تفجير حروب طائفية لن تنتهي قبل سنوات.
وقد بدأت بالفعل الاستعدادات لذلك على مستوى التنظيم الدموي الذي تقول الأخبار، إنّ قادته ينتقلون تدريجيا إلى ليبيا، وإنّ عدد المقاتلين هناك يضاهي 5000 مقاتل، مدربين تدريبا جيّدا، ومع الإمكانات المالية للتّنظيم الذي يقال إنّه يضع يده على 4 مليارات دولار، جمعها في العراق وسوريا من بيع البترول ومن عمليات نهب البنوك في المدن التي تمت السّيطرة عليها.. وكلها معطيات تؤكد أنّ المنطقة مقبلة على سيناريو أسود، قد يفوق في خطورته ما حدث في العراق وسوريا.
أمّا حكومة الوحدة الوطنية التي تم الاتفاق عليها خلال الأيام الأخيرة، فلن تستطيع مواجهة داعش بسبب الشّرخ الكبير بين فجر ليبيا وجماعة حفتر. وأكثر ما يمكن أن تفعله الحكومة هو إعطاء الضّوء الأخضر للضّربات العسكرية الغربية ضدّ داعش... وذلك بيت القصيد!
عن صحيفة الشروق الجزائرية