سياسة عربية

السناوي: القمع بمصر غير مسبوق والسيسي لا يعرف من هو

قال السناوي إن هناك أخطاء فادحة يجب معالجتها لتجنب الأسوأ - أرشيفية
قال السناوي إن هناك أخطاء فادحة يجب معالجتها لتجنب الأسوأ - أرشيفية
حذر الإعلامي والكاتب الصحفي، عبد الله السناوي، من أن القمع الأمني في مصر قد بلغ مستويات لم تكن موجودة من قبل في دولة الرئيس المخلوع حسني مبارك، داعيا رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي إلى أن يكون لديه خطاب رؤية في افتتاح البرلمان، ليحدد من هو.

جاء ذلك في حوار للسناوي أجرته معه مجلة "روزاليوسف" الحكومية الورقية الصادرة هذا الأسبوع.

وأضاف السناوي أنه لا يستطيع أحد أن ينكر أن هناك تراجعا فادحا في صورة الأمن بمصر، وأن لدينا مأساة حقيقية بعد 30 حزيران/ يونيو 2013.

وأشار إلى أن هناك ممارسات ترتكب الآن، جعلت قطاعا كبيرا من الشعب يقول إن الإطاحة بالإخوان فتحت الباب لاستعادة الدولة البوليسية، واستنساخ آليات وزير الداخلية الأسبق حبيب العادلي.

وتابع: "هناك أخطاء فادحة، وعلينا أن نعترف بوجودها، ومن ثم معالجتها على وجه السرعة، لأن أي إهانة لمواطن أو تراجع للثقة في الأمن سوف يؤدي فورا إلى نزع الغطاء الشعبي عن "الأمن" في حربه الضارية مع الإرهاب".

واستطرد: "يبدو لي في كثير من الأحيان أن قطاعا من رجال الشرطة يشعرون بأن لهم ثأرا مع 25 يناير، وهذا أمر خطير للغاية، فليس مستساغا أن يكون لجهاز أمني ثأر مع شعبه".

وأردف: "ليس ممكنا أن أطالب مواطنا تعرض للتعذيب في قسم شرطة أن يقف مع الأمن في خندق واحد ضد الإرهاب، وتقديري أن لسان حاله يقول: "إن شاء الله.. تولع"، وهذا خطر كبير، ومن الضروري درؤه".

وحذر السناوي من أن إثارة الكراهية، والتنصل من تأسيس دولة العدالة الاجتماعية والمواطنة والكرامة الإنسانية، وعدم ردع ومعاقبة رجال الشرطة المتورطين في التعذيب، ومقترفي جرائم انتهاك حقوق المواطنين؛ كلها أمور تشكل خطرا على الأمن قبل غيره، على حد تعبيره.

أين رؤية السيسي؟

وعلى مستوى تقويم أداء عبد الفتاح السيسي، أعرب السناوي - في حواره مع "روزاليوسف" - عن اعتقاده بأن على "الرئيس" أن يحسم أمره.

وأضاف: "أتمنى أن يكون لديه خطاب رؤية في افتتاح البرلمان، ليحدد من هو؟ وماذا يريد؟ وما التزاماته الرئيسية في القضايا الأكثر جوهرية؟ أي في العدل الاجتماعي، بكلام محدد".

وطالب السناوي السيسي بأن يتحدث عن خطوات إجرائية ترفع المعاناة عن المواطنين في العلاقة بين العدل والأمن، وبين الأمن والحرية، وكذلك فيما يخص السياسة الخارجية.

وتابع: "المطلوب منه أن يقدم (خطاب انحيازات)، وخيارات كبرى، حتى يعرف من يريد أن يعارض لماذا يعارض؟ ومن يريد أن يؤيد كيف يؤيد؟".

وأضاف: "تنقصنا الرؤية والخطاب السياسي والبوصلة، ولقد تحدثت في هذا الكلام طويلا وكررته عشرات المرات، وأتمنى في النهاية، وقبل أن (ندخل في الحائط) أن ينتبه السيسي لمكامن الخطر في البلد".

وحول أداء السيسي في الملف الاقتصادي، قال السناوي: "هناك ولع بالمشروعات الكبرى على حساب الصغيرة والمتوسطة، والظاهر أن السيسي يريد أن يدخل التاريخ من باب البناء العظيم، وهذا أمر جيد، لكن هناك احتياجات أساسية تعتبر من ضمن الأولويات التي تستحق أن تراجع".

واستطرد: "مثلا.. نحن بحاجة لأن نراجع مشروع العاصمة الإدارية الجديدة، كما أن بعض المشروعات لا يصح أن نبالغ فيها حتى لا يصاب المواطن بالإحباط في مرحلة لاحقة، كما يجب أن نولي اهتماما أكبر بالصحة والتعليم وتشغيل الشباب".

وتابع: "هناك أولويات في مجالات الطاقة والكهرباء والطرق، وهي مسألة أساسية لأي نهضة، وهناك أيضا على الجانب الآخر مشروعات كلفت الدولة مبالغ طائلة دون أن يكون لها حصاد كبير في تحسين الوضع الاقتصادي".

وأضاف: "لدينا مشكلة العدل الاجتماعي، وكيف نحل هذه المشكلة؟ وكيف نحفز الاقتصاد وندعم الاستثمار من دون أن يدفع المواطنون العاديون أثمان الإصلاح الاقتصادي لمرة ثانية وثالثة ورابعة وخامسة؟".

وحذر من أن عدم تطبيق العدالة الاجتماعية "مسألة خطيرة جدا، ربما تؤدي إلى اهتزاز الأرض تحت أقدام الدولة التي لم تتعاف، ولم تثبت بعد"، وفق قوله.

وزاد: "أظن أن غياب العدل الاجتماعي أحد أسباب القلق من 25 يناير، وفي كل ذكرى لـ25 يناير ستظل هذه الحالة من القلق موجودة".

واستدرك: "هذا لا ينفي أن سيناريوهات الانفجار غير مستبعدة، وليس شرطا اندلاعها في ذكرى الثورة، والخوف الحقيقي ليس من ثورة، وإنما من فوضى".

وتابع السناوي: "ما دامت مفاهيم العدالة الاجتماعية غائبة، وأن هناك ممارسات من قبل جهاز الشرطة تميل إلى القمع والبطش، سيظل القلق مخيما على مصر، وربما تهتز الأرض تحت الدولة التي ما زالت غير مستقرة".

وأشار إلى أن هناك طرفين أساسيين يحاولان توسيع نطاق الرعب حاليا، هما: إعلام التعبئة، وأطراف أمنية، مضيفا أن الطرفين يرتبطان، وإن نظرة إلى الحقل السياسي في مصر، تكشف أنه مجرف، وفارغ، "والمؤكد أن غياب السياسة خطر على الأمن أيضا".

واختتم السناوي حواره بالقول إن الذين يريدون العودة إلى الماضي، والذين يريدون استنساخ نظام مبارك، والذين يطالبون بعودة الدولة البوليسية، هؤلاء يسعون لعودة زواج السلطة بالثروة، ومنهم قياديون بأجهزة الأمن، ونجوم في مجال الإعلام.

و"عبد الله السناوي" رئيس تحرير جريدة "العربي" الناصرية سابقا، وهو أحد أهم الصحفيين والمعلقين السياسيين بمصر حاليا، وانتقد العدوان على غزة سنة 2014، وله مقال أسبوعي في جريدة "الشروق" المصرية، كما نشرت له صحيفة "الخليج" الإماراتية مقالا أسبوعيا لعشرين عاما متصلة، وأهم كتبه: "يوميات جمال عبد الناصر في حرب فلسطين".
التعليقات (0)