صحافة دولية

مدير مسجد لكاميرون: لدينا ما نعلمه لك عن القيم البريطانية

كزبر: كاميرون يدعم أنظمة غير ديمقراطية مثل الإمارات والطاغية الذي يحكم مصر - أ ف ب
كزبر: كاميرون يدعم أنظمة غير ديمقراطية مثل الإمارات والطاغية الذي يحكم مصر - أ ف ب
نشر موقع "إنترناشيونال بزنس نيوز" مقالا لنائب رئيس الرابطة الإسلامية في بريطانيا ومدير مسجد فنزبري بارك محمد كزبر، انتقد فيه كاميرون؛ لأنه لم ينشر التقرير الكامل الذي قدمته اللجنة المكلفة بمراجعة أنشطة الإخوان المسلمين في بريطانيا.

ويقول كزبر: "إن الامتناع عن نشر التقرير، واعتباره (تقريرا سريا)، ونشر 11 صفحة عدتها الحكومة هي الاستنتاجات الرئيسية للجنة، أثار تساؤلات أكثر مما أعطى إجابات، وبذلك تصرفت الحكومة بشكل أقل شفافية وصراحة مما كان متوقعا".

ويضيف الكاتب: "برفضها الطلبات المتكررة لمحامي الإخوان المسلمين بالاطلاع على التقرير، فإن الحكومة قامت بفعل ما تتهم به الإخوان من (العمل بسرية)، وأثار هذا التصرف تساؤلات حول الدوافع السياسية، ومدى مصداقية عملية المراجعة برمتها".

ويتابع كزبر قائلا: "لم يكن مدهشا أن تختار المراجعة، التي أمر بها كاميرون، ونفذها السفير السابق للرياض السير جون جنكنز، عددا من المؤسسات في بريطانيا والمعاهد والمؤسسات الخيرية، أهمها الرابطة الإسلامية في بريطانيا". 

ويستدرك الكاتب بأنه "بالرغم من عدة سنوات من تقديم خدمات للمجتمع، إلا أن التقرير أعطى الرابطة صورة سلبية. ولم تقم الرابطة فقط بالتعاون مع الحكومة وشرطة لندن عام 2005؛ لإنهاء سيطرة الداعية المتطرف أبي حمزة على مسجد فنزبري بارك، بل نجحت أيضا في تحويل المسجد إلى منارة للمجتمع المسلم في شمال لندن، ومثالا يحتذى للمساجد الأخرى".

ويشير كزبر في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه "كان جزءا من جهد الرابطة لطرح صورة مضيئة للإسلام، قيامها بمشاريع رعاية، وتوفير السكن للمشردين والطعام للفقراء، في وقت أصبحت بنوك المواد الغذائية منتشرة في أنحاء البلاد، وسط تراجع النفقات الحكومية على الرعاية". 

ويورد الكاتب أنه "بينما كان الخبراء الجالسون على مقاعدهم الوثيرة في مكاتبهم الفخمة يبحثون نظريا في مخاطر التطرف، كانت الرابطة، وغيرها من المنظمات الإسلامية، تنظم الأنشطة الكشفية للشباب، وتطور مهاراتهم كي تبعدهم عن الوقوع في التطرف، ولكن لا ندري ما هو السبب الذي جعل كاميرون وجنكنز يغضان الطرف، ولا يشيدان بتلك المبادرات، بل لا يقران بها".

ويلفت كزبر إلى أن "التقرير يدعي بأن الرابطة عارضت باستمرار استراتيجية (برفينت)، (التي تقوم على استخدام أساتذة المدارس وموظفي الصحة للقيام بعمل المخبرين على المسلمين، الذين تظهر عليهم علامات التطرف)، وهذا صحيح، ولكن ليست الرابطة وحدها من يرفض هذه الاستراتيجية، بل هناك عدد متنام من الشخصيات البارزة والأكاديميين، الذين يشجبون هذه الاستراتيجية؛ كونها استراتيجية (سامة)، ومنهم رئيس لجنة الشؤون الوطنية في البرلمان كيث فاز، والقاضية المتقاعدة البارونة بتلر-سلوس". 

ويقول الكاتب: "بخصوص هذا الموضوع، فإنه لمن المقلق جدا أن ترى حكومة كاميرون ممارسة الحق الديمقراطي بمعارضة سياسة حكومية سببا في اعتبار المعارض هداما أو أسوأ من ذلك". 

ويجد كزبر أن "المشكلة في مسؤولي الحكومة والمصفقين لهم، هي أنهم من ناحية يتهمون الرابطة وغيرها من المنظمات الإسلامية بعدم الاندماج في المجتمع، ولكن عندما تقوم هذه المنظمات بمحاولة الاندماج يتهمونها بمحاولة (التسلل)". 

وينوه الكاتب إلى أن "التناقض، الذي تتعامل به الحكومة مع المجتمع المسلم في بريطانيا، برز جليا منذ فترة قصيرة، عندما استقبل كاميرون رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، وامتدحه واحتفى به أيما حفاوة. وكان ناريندرا مودي شخصا ممنوعا من دخول بريطانيا؛ بسبب عدم منعه وقوع مذبحة للمسلمين في الغجرات، قتل فيها أكثر من ألف مسلم عام 2002، حيث كان حاكما للمقاطعة".

ويستدرك كزبر بأنه "ولأسباب اقتصادية واضحة، قرر كاميرون أن يمنحه زيارة رسمية خاصة في تشرين الثاني/ نوفمبر 2015. وهناك طبعا مناسبات أخرى ضحت فيها الحكومة بالقيم البريطانية من تسامح وتناغم بين الثقافات المختلفة، وحماية المواطن، وسيادة القانون".

ويشير الكاتب إلى أن صحيفة "الغارديان" نشرت تقريرا خاصا، وصفت فيه كيف هددت الإمارات بوقف صفقة سلاح بمليار جنيه إسترليني مع بريطانيا، وبمنع الاستثمار وتوقف التعاون الاستخباراتي، إن لم يقم كاميرون بالتصرف ضد الإخوان المسلمين.

ويقول كزبر: "ليس سرا أن الإمارات هي الممول الرئيسي للطغمة العسكرية المصرية التي انقلبت على الرئيس محمد مرسي، وهو أول رئيس مدني منتخب. وأقدم الانقلابيون على قتل آلاف المدنيين، وزجوا بعشرات آلاف المعارضين والناشطين في السجون".

ويرى الكاتب أنه "في ضوء هذا، فإن أي مراقب عادل سيرى أن الرابطة تمثل القيم البريطانية أكثر مما يمثلها كاميرون، الذي يدعم أنظمة غير ديمقراطية، مثل الإمارات والطاغية الذي يحكم مصر". 

ويقول مدير المسجد إنه "بعد أن أنفقت أموال دافعي الضرائب لإجراء مراجعة في أنشطة الإخوان المسلمين، على الحكومة أن تكون شجاعة بما فيه الكفاية لنشر تقرير اللجنة كاملا، وكما كتبه جون جنكنز دون تعديلات، وإن لم تفعل ذلك وتعترف بأخطائها، فإنها لن تحقق إلا المزيد من الأجواء المسممة لعلاقة الحكومة مع المجتمع المسلم البريطاني، وتشجع أجواء الريبة والعداء تجاه المسلمين البريطانيين، كما حذرت الاستخبارات العسكرية البريطانية الداخلية (MI5) رئيس الوزراء، بحسب التقارير".

ويضيف كزبر: "لم يفت الوقت لأن يصحح كاميرون المسار، ويطبق القواعد التي ينادي بها، من أمانة وعدالة وعدم تحيز واعتدال. ومن المضحك أن رئيس الوزراء الأسبق توني بلير تبنى مقاربة استعلائية مع المسلمين، عندما احتجوا على غزو العراق، واتهمهم في وقتها بحملهم شعورا بـ(المظلومية الكاذبة). واعترف أخيرا بأن غزو العراق قد يكون تسبب بنشوء تنظيم الدولة وتنظيم القاعدة من قبله".     

ويخلص الكاتب إلى القول إن "على ديفيد كاميرون أن يتواضع ويقبل بأن المشورة المقدمة له بخصوص التعامل مع المسلمين البريطانيين، ومع الرابطة الإسلامية في بريطانيا بالذات، لم تكن مشورة حكيمة". 
التعليقات (0)