تتوقع الفلكية اللبنانية ماغي فرح لبوّاب عمارتنا "أبو عبدو" وللأمير الوليد بن طلال، كونهما من مواليد البرج نفسه "الحوت" فرصا مادية جديدة في سنة 2016، علما أن لجنة البناية أنذرت البوّاب بأنه مفصول من العمل ابتداء من أول شباط فبراير المقبل، حيث سيكون بلا مسكن له ولعائلته فضلا عن توقف راتبه، كما رأت "ماغي" أن يوم الخميس هو اليوم الأفضل لمواليد "الحوت"، ربما لأنه اليوم الذي يشطف فيه "أبو عبدو" درج البناية بطبقاتها العشر. وتختم "ماغي" بأن الجميع يثقون بالحوت... (نسيت أن أخبركم بأن سبب طرد أبو عبدو هو سرقته مازوت المولد الكهربائي)، محذرة إياه من غِيرة الزملاء.
فلكي لبناني آخر هو سمير طنب لم يتدخل في الشؤون الشخصية لسكان الأرض، وحصر توقعاته بأوضاع لبنان والشرق الأوسط راسما خرائط جديدة لسوريات أربع، ولبنانَين اثنين أحدهما روسي والآخر فرنسي، بالإضافة إلى بعض "الرؤى المستقبلية" التي قد تكون متطابقة تماما مع أي تحليل في أي جريدة سياسية.
ليلى عبد اللطيف، المنجّمة اللبنانية الأوسع انتشارا بسبب إطلالتها الشهرية على شاشة LBC المحلية، تتوسع في ألبوم توقعاتها للسنة الجديدة ليتداخل فيها الخاص مع العام، وهي تسمي أشخاصا بعينهم من سياسيين ورجال أعمال وكبار ضباط المخابرات، و"تتنبّأ" بإصدارات موسيقية جديدة للفنانين مع توزيعٍ مسبق لنسب النجاح التقريبية في السوق. وبمراعاة بالغة الدقة للمشاعر تنعي ليلى سلفا بعض المشاهير، لكنها تستعمل عبارات من مثل (أرى غيمة سوداء فوق بيت فلان) و(القرية الفلانية سوف تتشح بالسواد مع تحديد الشهر)، وعندما يصر المذيع المستنطِق على معرفة اليوم والساعة فتتحدث عن أول الشهر أو منتصفه أو آخره، مسدلة رأسها بوقار لأنها لا تريد أن تخبر الناس بكل ما تعرفه حتى لا تصعب عليهم حياتهم، أو بالأحرى ما تبقى من حياتهم. "ليلى" التي تعترف بأن سياسيين ومشاهير لبنانيين وعربا (لا تسميهم) يطلبون لقاءها بشكل دوري لتحدثهم عن مستقبلهم مقابل المال، لم تهمل الأبراج؛ فخصصت لها إصدارا مبكرا حتى يعرف متتبعوها كيف يتصرفون في العام القادم.
مايك فغالي، المنجّم الأكثر غرابة بشكله وطريقة تعبيره في إطلالاته المتكررة على شاشة OTV، أخذ على عاتقه في حلقاته التلفزيونية خدمة المتصلين لا سيما في ما يتعلق بصحتهم الجسدية، فهو بمجرد أن يسمع صوت المتصل عبر الهاتف يستطيع أن يكشف له عن وضع كليته اليمنى أو اليسرى أو الاثنتين معا، أو رئتيه أو شريانه التاجي ويقدم له النصائح مجانا، وبخدمة عالية السرعة بالمقارنة مع الأطباء الذين ما زالوا على الطريقة القديمة، يصرون على إجراء فحوص سريرية ومخبرية وتصويرية حتى يشخّصوا الداء ويَصفوا الدواء. وإذا لا يسمح وضع المريض بالاتصال على البرنامج، فبإمكان أي فرد من أسرته أن يتحدث على الهواء مع "مايك" ومن صوته تنكشف أسرار عائلته الصحية والمالية والعاطفية، وهو يدأب على تقديم الاستشارات حول الخطوبة والزواج والحمل والولادة. وقد حدّد "مايك" الشهور الأربعة الأخيرة من العام 2016 موعدا للقضاء على مرضَي السرطان والسكري.
أما ميشال حايك المنجّم الأعلى سعرا بين أقرانه، فيخاطب بإصداره الخاص حول الأبراج عزيزَه الحمل وعزيزَه الثور وسائر الأعزاء، لكنه يخصص توقعاته للشأن العام اللبناني والعربي والعالمي لسهرة رأس السنة على شاشة MTV التي تحصد لبنانيا أعلى نسبة من المشاهدين، ويحرص على ظهوره الأنيق والجاد والإيحاء بأنه يحمل هموم البشر، فهو يعرف أكثر مما ينبغي ولا يستطيع أن يوقف القدر. ويعترف "ميشال" بأن بعض شركات البورصة توظفه لديها كمستشار، وهو كغيره من أقرانه يرفض بشدة صفة المنجّم ويستعيض عنها بأنه شخص أوتيَ مَلَكة الرؤيا في اليقظة. ويعترض العرّافون بشدة على أي انتقاد لعملهم، رغم أنه يؤثر حتما وسلبا على حياة الكثير من الناس الذين يعانون من نقص في الإستقرار الداخلي.
في المقابل تعتبر الكنيسة المسيحية أنّ تصديق المنجّمين هو خطيئة ضدّ الإيمان بالله، فمن كان مؤمنا بالله لماذا يؤمن بتنبّؤات المنجّمين؟ وفي تعاليم العهد القديم من "الكتاب المقدّس" حول علم الغيب، فقد وُضِعت العرافة بمرتبة التمرد على الله.
وفي الإيمان الإسلامي فقد قال رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم: (من أتى كاهنا أو عرّافا فصدّقه بما يقول، فقد كفر بما أُنزِل على قلب محمد). وفي "حديث شريف" آخَر: (من أتى عرّافا فسأله عن شيء، لم تُقبَل له صلاة أربعين ليلة.).
إذن، بحسب النصوص الدينية، فإن توقعاتي الدقيقة وبالتواريخ المحدّدة للسنة الجديدة تبدأ من ليلة الأول من كانون الثاني يناير، فأعتقد أن الكثير من المسيحيين سيتمردون على الله في هذه السهرة بخطيئة تصديق المنجّمين. كما أن الكثير من المسلمين لن تُقبل صلاتهم – في أحسن الأحوال – قبل العاشر من شباط فبراير القادم، بفعل إصرارهم على التسلّي بالاستماع لمن ينازعون الله تعالى على علم الغيب.