ألقى رئيس
الجمهورية التركي رجب طيب
أردوغان، الاثنين، كلمة عقب اجتماع الحكومة في المجمع
الرئاسي في العاصمة أنقرة، خاطب فيها الشعب السوري قائلا إن "السوريين كتبوا
ملحمة بطولية بدمائهم وأرواحهم وأسنانهم وأظافرهم رغم كل الصعوبات، ولم ينحنوا
أبدا أمام الظلم والظالمين، ولم ييأسوا حتى في أصعب الأوقات". كما أكد أن
تركيا ستواصل دعم الشعب السوري بكل إمكاناتها في نضاله من أجل التنمية. وجدد
أردوغان، أمس الثلاثاء، في كلمته أمام رؤساء فروع حزب العدالة والتنمية، دعم بلاده
للشعب السوري، مشددا على أن "كل اعتداء على استقرار إدارة
سوريا الجديدة
وسلامة أراضيها سيجد تركيا إلى جانب الشعب السوري في مواجهته".
أنقرة في بداية
المظاهرات السلمية التي خرجت في سوريا كامتداد لرياح الربيع العربي، حاولت أن تقنع
بشار الأسد بضرورة الإنصات إلى صوت الشعب ومطالبه، وتقديم خطوات نحو الإصلاح، إلا
أن النظام السوري ظن أن بإمكانه أن يقمع تلك المظاهرات بالنار والحديد، كما فعل
قبل ذلك في حماة. ووقفت تركيا إلى جانب ثورة الشعب السوري منذ لحظاتها الأولى، كما
فتحت حدودها لتحتضن الملايين من اللاجئين السوريين الهاربين من الموت والتعذيب. ثم
جلست على الطاولة مع موسكو وطهران في مسار أستانا لإقامة مناطق خفض التصعيد،
لحماية ما تبقى من شعلة
الثورة.
سقوط النظام السوري بثورة شعبية ستكون له تداعيات على المستوى الإقليمي، كما سيلقي بظلاله على الداخل التركي. ومن المؤكد أن انتصار فصائل الثورة المدعومة من تركيا على قوات النظام المدعومة من روسيا وإيران، عزَّز مكانة أنقرة ودورها في التوازنات الإقليمية والحسابات الدولية. إلا أنه في ذات الوقت يضعها أمام تحديات بناء سوريا الجديدة وحماية وحدة ترابها
وشكلت محافظة
إدلب والمناطق الأخرى المحررة من قوات النظام وحلفائه، بما في ذلك وحدات حماية
الشعب الكردي التابعة لحزب
العمال الكردستاني، أرضية صلبة يكمل فيها الثوار
استعداداتهم، وينطلقون منها في الوقت المناسب لإسقاط النظام وتحرير سوريا من
دكتاتورية عائلة الأسد.
سقوط النظام
السوري بثورة شعبية ستكون له تداعيات على المستوى الإقليمي، كما سيلقي بظلاله على
الداخل التركي. ومن المؤكد أن انتصار فصائل الثورة المدعومة من تركيا على قوات
النظام المدعومة من روسيا وإيران، عزَّز مكانة أنقرة ودورها في التوازنات
الإقليمية والحسابات الدولية. إلا أنه في ذات الوقت يضعها أمام تحديات بناء سوريا
الجديدة وحماية وحدة ترابها، في ظل محاولات يتوقع أن تقوم بها أنظمة الثورة
المضادة لعرقلة إنشاء سوريا جديدة تكون نموذجا ناجحا للشعوب العربية، كما أن أي
فشل للثوار، لا سمح الله، سيسجل في صفحة تركيا، بالإضافة إلى صفحة الثورة. ولذلك،
لن يكون مفاجئا توظيف تركيا ثقلها السياسي والدبلوماسي والاقتصادي وحتى العسكري
لإنجاح التجربة السورية.
تركيا حققت مكاسب
كبيرة بوقوفها إلى جانب الشعب السوري في ثورته على الظلم والطغيان، أولها تحرير تل
رفعت ومنبج من وحدات حماية الشعب الكردي، دون أن يحتاج الجيش التركي إلى القيام
بعملية عسكرية. وهناك فرصة لا تعوض أمام تركيا للقضاء على خطر التنظيم الإرهابي
الانفصالي في سوريا، بالتنسيق والتعاون مع فصائل الثورة والعشائر العربية. ومن
المستحيل للقوات الأمريكية أن تحمي التنظيم، لمدة طويلة، تحت وطأة انتفاضة أبناء
العشائر العربية في المناطق الواسعة التي يحتلها.
ويدور الحديث حول
احتمال دعوة حزب الاتحاد الديمقراطي، الفرع السوري لحزب العمال الكردستاني والجناح
السياسي لوحدات حماية الشعب الكردي، إلى إلقاء السلاح والانخراط في عملية بناء
سوريا الجديدة ليلعب دورا في المعترك السياسي السوري بقدر شعبيته، علما بأن حزب
الاتحاد الديمقراطي لا يمثل كافة أكراد سوريا وأن هناك قوى كردية أخرى تنتمي إليها
نسبة كبيرة من أبناء المكون الكردي.
وعلى الصعيد
الداخلي، كانت المعارضة التركية منذ وصول اللاجئين السوريين إلى تركيا بنت
خطاباتها السياسية ودعايتها الانتخابية على تأجيج العنصرية وتحريض الشارع ضد
اللاجئين، ونجحت في ذلك إلى حد ما، إلا أن أردوغان تحدى تلك الحملات وواصل دفاعه
عن اللاجئين حتى قبيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي فاز فيها بفارق ضئيل. ومن
المؤكد أن عودة اللاجئين إلى بلادهم بعد تحرير سوريا من حكم عائلة الأسد ستسحب
يرى كتاب ومحللون ينتمون إلى المعارضة أن أردوغان نجح في إدارة المرحلة، في الوقت الذي فشلت فيه المعارضة في فهم ما يجري في سوريا، وتمسكت بالدفاع عن بشار الأسد حتى بعد تخلي روسيا وإيران عنه
من
يد المعارضة ورقة استغلال ملف اللاجئين ضد الحكومة، كما يتوقع أن يرفع حل هذا
الملف دون اللجوء إلى أساليب غير إنسانية، شعبية أحزاب تحالف الجمهور المؤيد
للحكومة.
عودة اللاجئين
السوريين إلى بلادهم قد تخلق عجزا مؤقتا في اليد العاملة في بعض القطاعات في تركيا،
إلا أنها، في المقابل، ستؤدي إلى تراجع أسعار الإيجارات في بعض المناطق. ومن
المتوقع أيضا أن تلعب الشركات التركية دورا كبيرا في عملية إعادة إعمار مدن سوريا
والاستثمار فيها في المرحلة القادمة. كما أن مئات الآلاف من الشباب السوريين الذين
عاشوا في تركيا وتعلموا لغتها سيشكلون جسرا ثقافيا يسهم في كسر حاجز اللغة بين
الشعبين في المجالين التجاري والسياحي.
سقوط نظام الأسد
والقضاء على خطر حزب العمال الكردستاني وحل ملف اللاجئين، كلها ستسجل في سجل
أردوعان السياسي كنجاحات جديدة. ويرى كتاب ومحللون ينتمون إلى المعارضة أن أردوغان
نجح في إدارة المرحلة، في الوقت الذي فشلت فيه المعارضة في فهم ما يجري في سوريا،
وتمسكت بالدفاع عن بشار الأسد حتى بعد تخلي روسيا وإيران عنه، كما يقولون إن رئيس
الجمهورية التركي ضمن الفوز في أي انتخابات مبكرة محتملة.
x.com/ismail_yasa