عكف النظام
المصري في الآونة الأخيرة على استغلال الاتفاقيات الأمنية الثنائية مع بعض الدول، واستغلال عضوية الدولة المصرية في منظمة الشرطة الدولية "الإنتربول" لإلقاء القبض على النشطاء المصريين المقيمين في الخارج بتلفيق العديد من الاتهامات الجنائية لهم بغية تيسير إجراءات التسليم.
إلا أن تلك المحاولات باءت بالفشل بعد رفض قضاء العديد من الدول تسليم معارضين مطلوبين للسلطات المصرية، بسبب انهيار المنظومة القضائية، وإهدار الحق في المحاكمة العادلة، وتفشي القمع والتعذيب في السجون المصرية، بعد الثالث من تموز/ يوليو 2013.
وقالت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا إنها تابعت تلك القضايا، وتواصلت مع الجهات المختصة في الدول المعنية لإعلاء قيمة القانون وحقوق الإنسان، وبينت للسلطات المختصة أن هذه القضايا سياسية بحتة ألبست لبوسا جنائيا.
وأوضحت في بيان لها الاثنين، أن محكمة "كورتشا الجزئية" في
ألبانيا أصدرت بتاريخ 08 أيار/ مايو 2015 حكما بحق المعارض المصري علي أحمد العزبي، برفض تسليمه إلى السلطات المصرية في الطلب المقدم من النيابة العامة المصرية.
وكانت السلطات الألبانية أوقفت كلا من المواطنين المصريين "العزبي" وعبد الحي عبد السلام السيد الدالي، بتاريخ 29 تشرين الثاني/ نوفمبر 2014 على الحدود الألبانية بناء على طلب السلطات المصرية لاتهامهما بارتكاب جرائم "إرهابية"، على حد وصف الطلب، وإدانتهما من قبل
القضاء المصري.
إلا أن السلطات المصرية فشلت في تقديم أي أحكام أو أوامر قضائية صادرة بحق "الدالي" في ذلك الوقت ليقرر المدعي العام الألباني إطلاق سراحه بعد 24 ساعة من احتجازه، بينما تم استمرار احتجاز "العزبي" لأشهر قبل أن يفرج عنه بالحكم المذكور، لوجود دوافع سياسية وراء الاتهامات، وعدم وجود أية أدلة جدية تدينه.
وجاء في نص الحكم أنه "فيما يتعلق بهذه الأحكام (المقدمة من السلطات المصرية بحق العزبي) تبين من خلال الأدلة الكتابية بأن ملاحقة "العزبي" تتعلق بأسباب سياسية. فالعالم كله على دراية أنه في شهر حزيران/ يونيو 2013 قام الجيش المصري بانقلاب عسكري ضد محمد مرسي، أول رئيس منتخب ديمقراطيا في مصر، وفور الانقلاب أعلنت الحكومة المصرية بأن حزب الحرية والعدالة يعد حزبا غير شرعيا".
وجاء في نص الحكم: "وعقب الإطاحة بمرسي وتولي الحكم في مصر من قبل الجنرال عبد الفتاح السيسي، شهدت البلاد سلسلة من الاعتقالات وعقوبات قاسية بحق المواطنين، وتم إخطار المنظمات الدولية كافة والبرلمان الأوروبي والأمم المتحدة بهذا الخصوص".
وأوضح بيان المنظمة أنه بتاريخ 22 أيار/ مايو 2015، بعد صدور الحكم النهائي في قضية "العزبي" بيومين، قامت السلطات المقدونية بتوقيف عبد الحي الدالي، الذي أخلت السلطات الألبانية سبيله وقت احتجاز "العزبي"، وحاولت الحكومة المصرية إثبات إدانة "الدالي" في جرائم جنائية، وإثبات نزاهة القضاء المصري وابتعاده عن التسييس، إلا أنها فشلت على مدار ستة أشهر في تقديم ما يؤكد مزاعمها بحق "الدالي" مما حدا بالقضاء المقدوني إلى إخلاء سبيله.
وقالت المنظمة العربية: "على الرغم من انتصار العديد من الأحكام والقرارات القضائية لحقوق الإنسان بشكل واضح، إلا أن نظام الإنتربول بآليات عمله الحالية التي تمكن الأنظمة الديكتاتورية من استخدامه مازالت تهدد مئات المعارضين حول العالم".
وتابع البيان: "على الرغم من فشل السلطات المصرية حتى هذه اللحظة في إثبات جدية اتهاماتها أو صحتها من الناحية الإجرائية والقانونية، الذي أدى إلى رفض كل طلبات التسليم التي تقدمت بها السلطات المصرية إلى دول غربية كألبانيا وألمانيا بعد إقرار هذه الدول أن القضاء في مصر منهار ومسيس، إلا أن السلطات المصرية تستخدم "نظام النشر" الذي يمكنها من تعميم أسماء المعارضين على كل الدول الأعضاء في "الإنتربول" مباشرة لتوقيفهم دون حاجة إلى إصدار شارات حمراء".
وجددت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا دعوتها لمنظمة الإنتربول إلى مراجعة نظامها الذي يسمح باستخدامه من قبل أنظمة دكتاتورية تمارس التعذيب المنهجي، وتفبرك الاتهامات وتلبسها لبوسا جنائيا للالتفاف على نظام الإنتربول، الذي يمنع التعاون نظريا على أسس سياسية أو عرقية أو دينية أو عسكرية.
ودعت جميع الدول التي ترتبط باتفاقات أمنية ثنائية مع الدولة المصرية أن تعلقها وتوقف العمل بها، لما يقوم به النظام المصري من استخدام سياسي للإجراءات الجنائية الأمر الذي يشكل خطورة على حياة المواطنين المصريين في الخارج.