ملفات وتقارير

أهالي الفلوجة المحاصرون يروون قصص الحصار والجوع

تتعرض الفلوجة للحصار والقصف دون أن تنجح القوات العراقية بتحقيق أي تقدم - أرشيفية
تتعرض الفلوجة للحصار والقصف دون أن تنجح القوات العراقية بتحقيق أي تقدم - أرشيفية
يتواصل حصار قوات الجيش العراقي ومليشيات الحشد الشعبي؛ لمدينة الفلوجة العراقية، حيث يتم منع إدخال المواد الغذائية والطبية إلى من تبقى من الأهالي المحاصرين بداخلها.

ويحكي أحد المحاصرين في الفلوجة، لـ"عربي21" قائلا إن المواد الغذائية شبه معدومة منذ شهور داخل الأحياء، وأنه لا تزال الحاجات الضرورية، كالأدوية المخصصة لأصحاب الأمراض المزمنة مفقودة داخل المستشفيات والمراكز الصحية المدمرة بسبب قصف المليشيات المتواصل، كما أن "العيش داخل الفلوجة بات لا يطاق"، بحسب وصفه.

وبين المصدر، الذي رفض الكشف عن اسمه، أن المواد التي كانت تتدفق للمدينة في السباق تمر عن طريق مدينة الرمادي وجسر بزيبز وعامرية الفلوجة فقط، وتصل إليهم عبر الحواجز التي تطوق المدينة، من خلال دفع الرشاوى المالية لبعض العناصر الأمنية، أما اليوم خصوصا بعد عزل الرمادي، والسيطرة على الطرق كافة من جهة معبر بزيبر، أصبحت الفلوجة معزولة تماما عن باقي المناطق والمدن، وهو ما يشكل مصدر قلق للسكان الذين يتهمون الحكومة العراقية بالقضاء عليهم من خلال "سياسة التجويع".

الحاج أبو وليد الجريصي، أحد المحاصرين داخل المدينة، قال لـ"عربي21": "إن الجوع ما زال يفتك بالفلوجيين المحاصرين وهم بالآلاف، فأنا لم يدخل بيتي طعام قط منذ قرابة الشهرين إلا القليل بفضل المساعدات، وما بحوزتنا من مؤونة غذائية مثل السكر والدقيق والرز ستنفد قريبا".

ويتابع الحديث: "المليشيات الشيعية قاطبة تنظر للمدنيين في الفلوجة على أنهم داعشيون، لكن الحقيقة عكس ما يتصورن ويروجون عبر إعلامهم الكاذب، نحن وقعنا ضحية للصراعات السياسية والقادة المتعطشين للدماء".

ويضيف: "أطالب أنا وأهالي الفلوجة هذه المليشيات والجيش بفتح ممرات آمنة للخروج من المدينة، لكنهم سيرفضون ذلك، والرفض واضح هو لجعلنا محرقة"، على حد قوله.

أما أبو صبا الفلوجي (51 عاما)، فقد أشار إلى أن ما يتعرض له لا يتختلف كثيرا عن حال الحاج أبي وليد، وقال: "يمر علينا أحيانا أسبوع بأكلمه وأطفالي يتضورون جوعا، أذهب إلى المتاجر والأسواق لعلي أجد شيئا أجلبه معي يعينهم على تحمل قساوة الجوع؛ لكن للأسف في كل مرة أفشل وأجدها خاوية على عروشها".

ويضيف في حديث لـ"عربي21": "رفوف المطبخ كانت مليئة بأنواع الأغذية والخضروات واللحوم، ولكن بعد الحصار فرغت ولم يبق من مؤونتنا إلا الشيء القليل، من طحين وزيت وملح وتمر". وقال: "هذا طعامنا ونعتمد أيضا على لحوم الأغنام التي يوزعها عناصر تنظيم الدولة في الأعياد وبعد انتصاراتهم"، بحسب قوله.

ومن جانبه، قال أحد أعضاء مجلس محافظة الأنبار، فضل عدم الإفصاح عن اسمه لـ"عربي21" لدواعي أمنية، إن هناك حالة تذمر وعضب كبيرين لدى الأغلبية الساحقة من سكان مدينة الفلوجة من البسطاء الذين لا يملكون المال، ولا الإمكانية للخروج والنجاة بأرواحهم، بعد أن وجدوا أنفسهم بين مطرقة حصار مطبق وإجراءات أمنية صارمة، وسندان تنظيم الدولة؛ الذي بدوره لا يسمح للأهالي بالخروج مطلقا ويحتمي بهم كدروع بشرية، على حد قوله.

وأضاف: "ما زلنا كمجلس محافظة وأعضاء منتخبين عن الأنبار؛ نضغط بكل ما أوتينا من قوة على الحكومة المركزية وقيادة العمليات المشتركة من أجل فتح طريق آمن لإجلاء العائلات المحاصرة باتجاه أماكن تخضع لسلطة الحكومة العراقية وسيطرة الجيش، وتجنيب المدنيين وعزلهم لكي لا يقعوا ضحايا العمليات العسكرية".

وجدد عضو المجلس مطالبته العمليات المشتركة بفتح الطريق، وفسح المجال لإدخال المساعدة الطبية والغذائية، وإنقاذ الأطفال والنساء والكبار في السن من كارثة إنسانية ومجاعة باتت تلوح في الأفق.

وتابع قائلا: "نجد صعوبات شاقة في تحقيق هذه المطالب وتقديم المساعدة لأهالينا؛ لأن بعض المسؤولين لديهم نظرة خاطئة بأن سكان الفلوجة جميعهم من الإرهابيين، ولكن الواقع غير ذلك، فأغلب هذه العائلات تقطعت بهم السبل وليس لديهم علاقه بالإرهاب لا من قريب ولا من بعيد"، على حد وصفه.

وتسعى قوات الأمن العراق، مدعومة بفصائل مليشيا الحشد الشعبي، منذ نحو عام تقريبا؛ إلى اقتحام مدينة الفلوجة، واستعادة السيطرة عليها من أيدي قوات تنظيم الدولة، لإتمام السيطرة على المدينة بشكل كامل إلا أن جميع المحاولات حتى الآن فشلت.
التعليقات (0)

خبر عاجل