"ليس هنالك إذن سفر إلى
إزمير، ممنوع، ولا يجوز لكم السفر إلى هذه المدينة"، هكذا كان رد الموظف المسؤول عن منح "إذن السفر" للاجئين السوريين أو غيرهم من
اللاجئين في قسم شرطة "أمنيات" بلدة "نارليجا" الملاصقة لمدينة أنطاكية في الجنوب التركي.
يحاول معظم السوريين الراغبين بالهجرة إلى أوروبا عبر اليونان الوصول إلى نقطة الانطلاق الأولى لرحلتهم، والتي غالبا ما تكون تلك المدينة الساحلية التي ينشط فيها المهربون وتجار البشر، الذين يمارسون أعمالهم بعيدا عن أعين رجال الأمن التركي، فيما شددت أجهزة الأمن التركية مراقبتها مؤخرا بطرق عدة، منها متابعة المهربين وإلقاء القبض عليهم، ومتابعة اللاجئين ومنعهم من الوصول إلى إزمير.
قال الموظف المسؤول عن الموضوع، لـ"
عربي21"، بكل اهتمام ولطف: "لا يحق لنا منح إذن سفر لأي سوري للذهاب إلى ازمير، فغالبا يكون مقصده التقاء أحد المهربين من أجل السفر إلى اليونان في رحلة قد تؤدي إلى موته غرقا دون أن يدرك تلك المخاطر قبل أن يخوضها".
وخلال وجود "
عربي21" في "أمنيّات نارليجا" وصلت أسرة سورية مؤلفة من أب وأم وثلاثة أطفال، وطالب الأب بالحصول على إذن سفر إلى إزمير، لكنه تلقى الجواب السابق من الموظف، واعتذر من اللاجئ السوري وشرح له الأسباب، إلا أن اللاجئ السوري أوضح للموظف أسباب سفره لتلك المدينة غرب
تركيا، والتي هي بعيدة كل البعد عن
الهجرة غير الشرعية والمهربين وتجار البشر.
وأخبر الرجل الموظف بقصته قائلا: "لدي موعد في القنصلية الألمانية في إزمير لإجراء مقابلات لزوجتى وأطفالي بغية حصولهم على فيزا من القنصلية للسفر إلى ألمانيا، حيث إنني أقيم هناك". وأبرز الشاب السوري أوراقه وثبوتياته، وسلم الموظف أوراق طبع عليها موعد مقابلة زوجته وأطفاله، ليتغير موقف الموظف تماما.
رد الموظف: "في هذه الحالة نستطيع منحك إذن السفر بكل بساطة، وبعد أن عرفنا أن سفرك إلى إزمير ليس بهدف الهجرة غير الشرعية، والموضوع بسيط لن يتطلب منك سوى انتظار خمس دقائق فقط".
وبالفعل قام الموظف بتجهيز إذن السفر للاجئ السوري وعائلته خلال دقائق قليلة وسلمه إياه، محددا فيه الأيام التي سيقضيها الرجل وعائلته هناك وتاريخ ذهابه وعودته، وفق الموعد المذكور على الأوراق التي جلبها معه.
يقول رب الأسرة أبو محمود لـ"
عربي21": "وفق القوانين الجديدة المتعلقة باللاجئين ومنهم السوريون، فإن السفر من مدينة إلى أخرى يحتاج إلى إذن سفر كهذا الذي حصلت عليه منذ قليل، لكن عادة لا يتم التدقيق بالأمر أبدا عند السفر إلى مختلف المدن التركية، ما عدا السفر إلى إزمير فإنه يعتبر خطا أحمر بالنسبة للسلطات التركية للأسباب التي أصبحت معروفة للجميع"، بحسب تعبيره.
ويضيف الرجل: "بكل حال معظم السوريين يسافرون دون أن يطلبوا إذن سفر من الأمنيات، ولا أحد يعترض طريقهم، إلا أن أولئك الراغبين بالسفر إلى إزمير يكون سفرهم عبارة عن مغامرة قد تنجح وقد تفشل، وغالبا ما يسافرون بواسطة الباصات من الكراجات العادية، وقد يصلون المدينة دون أية مشكلة، وأحيانا يتعرضون لدورية شرطة خلال الطريق تقوم بإعادتهم من حيث أتوا إن لم يحملوا معهم إذن السفر".
ومن خلال تجربته، يقول أبو محمود إنه يمكن لأي شخص يثبت بشكل ما أن توجهه إلى إزمير ليس بنية الهجرة أو الإبحار مع المهربين أن يحصل على الإذن، وذلك على عكس ما يشاع بين السوريين أن الحكومة التركية لن توافق على سفر أي لاجئ إلى إزمير، بل الحقيقة أن الحكومة لا تسمح لمن يذهب إلى هذه المدينة بهدف خوض مغامرة قد تقضي عليه وعلى أسرته.
واللافت في الموضوع أن المكتب المختص بإذن السفر إلى إزمير يحمل تسمية كتبت باللغة العربية "مكتب مكافحة الإتجار بالبشر".