صحافة دولية

لوفيغارو: بدو سيناء المهمشون يسهل تجنيدهم في مجموعات مسلحة

تقول الصحيفة إن تهميش البدو في سيناء والعمليات العسكرية تجعل السيطرة على الشباب الغاضب أمرا صعبا - أرشيفية
تقول الصحيفة إن تهميش البدو في سيناء والعمليات العسكرية تجعل السيطرة على الشباب الغاضب أمرا صعبا - أرشيفية
نشرت صحيفة لوفيغارو الفرنسية تقريرا حول تدهور الأوضاع الأمنية في شبه جزيرة سيناء، حيث نبهت إلى أن التهميش والاضطهاد الذي يتعرض له السكان البدو في هذه المنطقة؛ يسهّل استقطابهم من قبل المجموعات المسلحة، ويشجع على التمرد على الدولة وعلى زعماء القبائل، خاصة في ظل انفلات الوضع الأمني.

وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن سكان شرم الشيخ يشعرون بضعف الإجراءات الأمنية، وبأن الهجمات يمكن أن تحدث في أي وقت. ونقلت عن مدرب غوص يعمل في فندق "غزالة جاردن"، قوله :"أنا أتخيل في كل يوم أن هجوما سيحصل في المطعم أو المقهى، وأتوقع أن تنفجر قنبلة، أو يدخل شخص حاملا بندقية كلاشنكوف، هذه ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها المنطقة لهجمات".

وأشارت الصحيفة إلى أن هذا الفندق؛ كان قد تعرض لهجوم بسيارة مفخخة في ليلة 23 تموز/ يوليو 2005، وفي تلك الليلة تعرضت منطقة شرم الشيخ إلى ثلاثة هجمات متزامنة؛ أدت إلى وقوع 64 قتيلا، بحسب الأرقام الرسمية، فيما تشير تقارير المستشفيات إلى أن العدد وصل إلى 88 قتيلا. ومنذ ذلك الوقت تناوبت العمليات الإرهابية والمشاكل الإقليمية والمحلية على زعزعة أمن هذه المنطقة، ثم جاءت الثورة وما تلاها من مشاكل لتزيد من معاناة قطاع السياحة.

وأضافت الصحيفة، نقلا عن مدرب الغوص: "لقد كانت العملية متوقعة، إذ إن المدينة تعاني من مشكلات أمنية كبرى، وكل الناس هنا يعرفون ذلك، ولكن لا أحد تجرأ على الكلام. أنا شخصيا كنت أقود السيارة هنا لمدة ستة أشهر بدون رخصة قيادة، لأنني حفظت مواقع الدوريات الأمنية عن ظهر قلب، وأوقات تواجدهم وتغيير مواقعهم، وأعرف كل الطرق الفرعية التي أستطيع المرور منها دون أن يكشفني أحد. إن الأجهزة الأمنية هنا تعاني من نقص حاد في الاحترافية والجهوزية".

وأكدت الصحيفة في السياق ذاته أن كثيرين في شرم الشيخ يوجهون أصابع الاتهام إلى ضعف الحماية الأمنية، في المناطق السياحية وفي المطار أيضا، ويوجهون اتهامات لرجال الأمن بقبول الرشاوى، والتسيب، والسماح بغض النظر عن بعض التجاوزات، وهي ممارسات متفشية في صفوف الأمن المصري بشكل عام، وفق الصحيفة.

واعتبرت الصحيفة أن مدينة شرم الشيخ، رغم الثغرات الأمنية والعمليات التي وقعت فيها، تبقى أكثر أمانا من عدة مدن أخرى في المحافظة، إذ إن الرئيس المخلوع حسني مبارك جعل من هذه المنطقة مكانه المفضل، وخلق فيها مشروعات كبيرة وثروات، وقد شهدت شرم الشيخ تطورا كبيرا بين سنتي 1990 و2000.

ولكن عندما بدأت العمليات الإرهابية في سنة 2004، تعرض السكان المحليون من البدو إلى عمليات قمع وحشية، ووقعوا ضحية لسياسة العقاب الجماعي، بسبب عمليات قام بها بضعة أفراد من المتشددين.

وأضافت الصحيفة أنه بعد 10 سنوات من تلك الأحداث، جاءت عملية إسقاط الطائرة الروسية، لتعلن من خلالها المجموعات المسلحة في سيناء عن نفسها أمام العالم، وهي مجموعات لطالما حاولت السلطات المصرية التقليل من شأنها، من خلال ممارسة التعتيم الإعلامي وحظر النشر حول هذا الموضوع، ولكن المواجهات التي كان يفترض أن تكون بين هذه المجموعات وإسرائيل، تحولت إلى حرب بينها وبين الجيش المصري، تدور رحاها في شمال سيناء.

ونقلت الصحيفة عن جاك بيتر، وهو مدير فندق سافوي في شرم الشيخ، قوله: "أفضل شخص يمكنه حماية منطقة سيناء هم البدو أنفسهم، فهم يخرجون في الليل في تجمعات عائلية، ويقومون بمراقبة المناطق المحيطة بهم، وهم يتميزون باليقظة ويعرفون المكان جيدا".

وأضافت الصحيفة أنه تم في السابق الشروع في إدماج البدو ضمن المنظومة الأمنية الموجودة في شرم الشيخ، كما أنهم تكفلوا بضبط الأمن عندما اندلعت الثورة وانسحبت قوات الأمن، ولكن المشكلة هي أن الدولة المصرية تعاملهم كمواطنين من الدرجة الثانية، فالبدو يمنعون من الدخول إلى الجيش، ومن تقلد الوظائف الحكومية، كما أنهم محرومون من تقاسم الثروة والاستفادة من مداخيل السياحة.

وأضافت الصحيفة أن الحكومة المصرية لم تنجح في بسط سيطرتها الكاملة على بعض مدن الشمال، مثل العريش والشيخ زويد ورفح، التي يسكنها عشرات الآلاف من السكان، وتمثل معقلا للمجموعات المسلحة بسبب تفشي الغضب والحقد على المعاملة التي يلقونها من الدولة. أما في جنوب سيناء، التي يوجد بها عدد أقل من البدو، فإن السلطات نجحت في السيطرة على الأوضاع.

وقالت الصحيفة إن البدو الذين تميزهم هوية موحدة، لم يعودوا مجتمعين على رأي واحد كما في السابق، فقد ظهر جيل جديد بعد الثورة، عانى من التهميش والحرمان، وقرر العصيان والوقوف ضد الدولة، وحتى زعماء القبائل لم يعد لديهم سلطة عليه. وفي المقابل، فإن السلطات لا تتعامل مع هذا الجيل إلا بالعصا الغليظة، وهو ما يسهل استقطاب هؤلاء الشباب من قبل المجموعات المسلحة.

وفي الختام، قالت الصحيفة إن العاملين في قطاع السياحة في شرم الشيخ؛ يؤكدون أن هذه المدينة ستقف على قدميها من جديد، لأن هذه ليست أول هزة تتعرض لها، ولكن المشكلة هي أن التحصينات الأمنية تخنق هذه المنطقة وتعزلها، كما أن اليقظة الأمنية دائما تكون مؤقتة، وفي النهاية سوف تجد العناصر المتطرفة ثغرات للتسرب وتنفيذ ضربات كما وقع في السابق، فحتى قدوم النظام الجديد الذي يقوده السيسي، تحت شعار "مكافحة الإرهاب"، لم يغير شيئا من هذه الوضعية.
التعليقات (0)