ردود فعل متضاربة على توزيع أسرى النظام بأقفاص بالغوطة

حفلت مواقع التواصل الاجتماعي بصور منشورة لأسرى من النظام السوري لدى جيش الإسلام في الغوطة الشرقية؛ كان الجيش قد وضعهم في أقفاص حديدية ووزعهم على أسطح المنازل في الأسواق الشعبية والشوارع الرئيسية التي يتركز عليها القصف في أغلب الأوقات.

ونشر جيش الإسلام 100 قفص داخل كل قفص سبعة أسرى، وتم توزيعهم على مناطق مدنية، لثني النظام عن قصفها. وقد جاءت تلك الخطوة بعد القصف العنيف الذي تتعرض له دوما في الأيام الأخيرة، والذي خلف حتى الآن أكثر من 150 قتيلا.

وذكر ناشطون من الغوطة الشرقية أن هؤلاء الأسرى هم ضباط وعائلات تم احتجازهم خلال معركة "الله أعلى وأجل" قبل سنتين، عندما اقتحم جيش الإسلام منطقة عدرا العمالية.

ودار نقاش بين السوريين حول خطوة جيش الإسلام، عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ما بين مؤيد للفكرة التي اعتبرها البعض طريقة لحماية المدنيين في الغوطة، وأن أتباع النظام هم السباقون لها في كفريا والفوعة ونبل والزهراء عندما قاموا بوضع شباب المناطق المعارضة في أقفاص ليستهدفهم جيش الفتح، فيما قال المعارضون للفكرة إن الثوار بهذه الأساليب يصبحون مثل النظام، ويبتعدون عن مبادئ الثورة الحقيقية التي تنص على نبذ الظلم من أي طرف كان.

وكتب محمد: "النظام لن يعبأ بأرواح المدنيين من أبناء طائفته إذا كان قد قتل زوج أخته أصلا (في إشارة إلى آصف شوكت)، والأفضل أن يتم استبدال هؤلاء الأسرى بمعتقلينا القابعين في سجون النظام وإلا سيتم تصنيف الثورة بأنها لا تختلف عن ثورة الدواعش"، بحسب تعبيره.

أما ليان حسن فرأت "أن هذه التصرفات هي أبعد عن وصايا الرسول الكريم الذي أمر بحسن معاملة الأسرى خاصة النساء منهم"، ورأت أن لا ذنب للنساء في زجهم في هذه الحرب الطاحنة.

ودونت الصحفية رجوى الملوحي: "هل ستوقف همجية طائرات الأسد عائلات جنوده وهو من زج بهم ليكونوا وقود الحرب، ثم من يثبت أن هؤلاء هم من مؤيدي الأسد، هل من النزاهة سجن النساء والعجائز والأطفال في أقفاص كالحيوانات ينتظرون قدر إعدامهم المحتوم" .

وكتب حامد السحلي قائلا: "وضع أسرى من طائفة النظام وسط الأهالي بدوما قد تكون مجدية كإستراتيجية لكن ليس بهذا الشكل الاستعراضي، فلا يمكن وضعهم بأقفاص فترة طويلة خصوصا شتاء، عدا عن لا إنسانية الفعل".

وقال الصحفي رامي سويد: "هذا الفعل من شأنه أن يقود لتبعات خطيرة، حيث سيصنف دوليا بأن المعارضة استخدمت الأسرى دروعا بشرية وسيؤدي في النهاية إلى مسح جرائم النظام ومجازره بدوما وتحويل الضحية إلى مجرم" .

واختلف الكاتب إبراهيم الجبين مع المعارضين، ورأى أن هذا هو الحل الوحيد مع "الهمجية". وقال عبر صفحته على "فيسبوك": "قبل أن تسقط قذائفكم على نسائنا وأطفالنا سنقتل ضباطكم وجنودكم على الأسطحة، من أراد سلامة طائفته عليه أن يراعي سلامة المرضى والجرحى، وهذا لا يعني أننا مع زهران علوش لكننا نتحدث عن أبسط حل لحماية الناس من الوحشية، وهذه التصرفات على الأقل إن لم تردع النظام فستكشفه أمام طائفته والمتلاحمين معه" .

وكتب إبراهيم كوكي، ردا على من اعترض على هذا المشهد: "على من تبقى من أهالي الغوطة بناء فلل خمس نجوم على أسطح بيوتهم لتكون أجمل من منظر الأقفاص حتى لا يتعكر مزاج البعض".

أما الطبيب ماجد أبو علي، عضو المكتب الطبي الموحد في الغوطة الشرقية، فكتب: "حكايتنا بوضع الأسرى في الأقفاص بدأت بتكميم الأفواه والاستئثار بالسلطة، لو لم تكمم الأفواه لوجدتم اليوم ناصحا يقول إن هذا لا يختلف كثيرا عمن يقصف دمشق، كان من الممكن توجيه الرسالة بطريقة أجمل كأن نخرج الأسرى من سجونهم لندعهم يزورون عائلات شهداء السوق الشعبي ليروا ما فعله نظامهم بهم. لا ألوم جريحا مهما فعل، فمن لم يعش تحت نيران الأسد ولم تخترق شظاياه أطراف جسده لن يعي مقدار الألم الذي يحدث وما يترتب عليه من فوضى في ضمائرنا وعقولنا" .

وكتب بشر ساخرا: " قد تكون هذه الخطوة مضاد طيران جديد". ثم أردف: "بعيدا عن السخرية لكن هؤلاء الأسرى ليسوا على الجبهة الأمامية للمعارك يعني أنهم غير معرضين بشكل مباشر للنار، لم يقتلوهم، ولم يعذبوهم، ولم يعدموهم كما يفعل النظام بأسرانا، إنما يبدو من خلال الإعلام أنهم بصحة جيدة، ولربما كانت هذه الخطوة فقط ليتوقف القصف على الغوطة الشرقية وإذا تم القصف فهذا يوحي لمؤيدي النظام أنه لا يعبأ بأرواح طائفته" .

وردا على دعوات إبعاد النساء عن الحرب، استرجع البعض ذكريات مجزرة بانياس التي شاركت فيها نساء بلدة الجريصية بسحق أطفال وشباب قرية البيضا وتهشيم رؤوسهم بالحجارة، والزجاجات الفارغة حتى الموت، ورأوا أن العدو واحد سواء أكان رجلا أم امرأة.

ولم تبتعد النقاشات داخل سوريا، وخاصة في الغوطة الشرقية، عن السجالات التي دارت على مواقع التواصل الاجتماعي، فالناشط أبو محمد الغوطاني أكد أن البعض من أهالي الغوطة وجدوا في هذه الخطوة قرارا حكيما، لا سيما أن القصف في الأمس كان أخف من باقي الأيام، خاصة أن الأهالي هناك لا يلبثوا أن يودعوا شهيدا حتى يشيعوا آخر".

ويتحدث الناشط أوس المبارك بأن بعض الناس في دوما هم فعلا مستاؤون من هذه الحركة، وباتوا يرددون "لولا الضرورة لما كنا وضعناهم في هذا الموقف المشين"، لكنهم أن هؤلاء طالبوا بإنزال النساء، على حد قوله.

وكتب رامي السيد من جنوب دمشق: "حتى لا نموت وحدنا، حتى لا نحترق وحدنا، هذا المشهد من مدينة دوما التي استشهد فيها في الأيام الأخيرة فقط أكثر من 200 شهيد".

أما أحمد من داخل الغوطة؛ فكتب: "لكل من انزعج من منظر الأقفاص، إذا كنت قد أمنت على حياتك وأطفالك ولم يعد الخوف والقلق يطاردك، ولم يراودك هاجس أن تحمل أطفالك أشلاء، فنحن هنا منذ أربع سنوات نعيش كل ذلك وأشلاء نسائنا وأطفالنا تملأ صفحات الـ"فيسبوك"، إذا لم تكن عشت كل هذا فالأفضل أن تسكت".

ولم يغب إعلام النظام عن المشهد إذ طالب أغلب مؤيدي النظام الطيران الروسي بإبادة دوما عن بكرة أبيها بما فيها هؤلاء الأسرى، معتبرين إياهم "شهداء"، فذلك سيكون أخف عليهم من أن يقعوا أسرى لدى السنة وتنظيم الدولة، على حسب تعبيرهم.