صحافة دولية

نيويورك تايمز: الفلسطينيون يرفضون احتلالا مجانيا دون مقابل

نيويورك تايمز: إن هناك إدارة سيئة للأزمة المتصاعدة في القدس - أ ف ب
نيويورك تايمز: إن هناك إدارة سيئة للأزمة المتصاعدة في القدس - أ ف ب
كتب المحلل البارز في مجموعة الأزمات الدولية في بروكسل ناثان ثرول، تقريرا في صحيفة "نيويورك تايمز"، قال فيه إن هناك إدارة سيئة للأزمة المتصاعدة في القدس.

ويقول ثرول: "الشوارع في القدس اليهودية مخيفة وساكنة، فالصمت يحوم على المدينة يقطعه صوت عويل صفارات الإنذار، والحافلات نصفها فارغ، وكذلك الخط الحديدي الذي يسير داخل أسوارها القديمة".

ويضيف الكاتب أن "ما يعزز هذا كله، قوات الأمن المدججة بالسلاح، التي انضمت إليها تعزيزات مسلحة على نقاط تفتيش، وفي محطات الحافلات وأرصفة الشوارغ المقفرة من المارة. ويحمل شبان بلباس مدني بنادق. أخبار المساء تحمل صورا عن الطعن وإطلاق النار، وأكثر المحلات التي تحقق مبيعات جيدة هي تلك التي تبيع الأسلحة ورذاذ الفلفل".

ويشير التقرير إلى أنه في المقابل "يعيش سكان الجزء الشرقي المحتل حالة من الخوف. كتل أسمنتية ضخمة وضعت على مداخل أحيائهم، وتمنع الطوابير الطويلة على نقاط التفتيش الكثيرين من الوصول إلى أعمالهم. وقد صلى الرجال الجمعة ممن هم تحت سن الأربعين، والممنوعون من الوصول إلى المسجد الأقصى، خلف الحواجز في الشوارع القريبة منه".

ويقول ثرول: "في الأسبوع  الماضي دعا وزير إسرائيلي إلى تدمير بيوت الفلسطينيين، التي أقيمت في القدس الشرقية دون الحصول على تراخيص كلها، وهو تحرك يستهدف نسبة 40% من السكان الفلسطينيين، بسبب القيود المفروضة عليهم. ودعا عمدة القدس، المدنيين الإسرائيليين كلهم إلى حمل السلاح، فيما يهتف الرعاع اليهود (الموت للعرب)، وهم يسيرون في الشوارع".

ويضيف الكاتب: "يعمل الآباء الفلسطينيون على منع أبنائهم من الخروج للشوارع؛ خوفا عليهم من الاعتقال أو القتل. وتقوم قوات الاحتلال الإسرائيلي بمداهمات ليلية لأحيائهم. ويلجأ الفلسطينيون العائدون من أعمالهم في مطابخ وفنادق ومواقع البناء لارتداء القلنسوة اليهودية لحماية أنفسهم. ويشاهد الشبان على هواتفهم النقالة لقطات فيديو لعمليات طعن وقتل أحداث فلسطينيين من مسافة قريبة".

ويتابع ثرول قائلا: "قبل عدة أيام أخبرني صاحب محل في القدس الشرقية أنه والموظفين العاملين معه يخشون من السفر إلى الجزء الغربي. وعزا ذلك، مثل عدد آخر تحدثت إليهم، إلى زيادة الحقد، ولكنه رفض أنه يكون ذلك دون سبب. وقال إنها (عمليات الطعن) وضحت لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو أن هناك خطا أحمر يتعلق بالمسجد الأقصى، مهما كانت قيادتهم ضعيفة. وقال إن الشعب لن يسمح لإسرائيل أن تقيد حرية الوصول إلى الأماكن المقدسة، خاصة في الوقت الذي يسمح فيه وبشكل متزايد لناشطين، بعضهم يدعو إلى تدمير المسجد، بالدخول إليه تحت الحماية. قال إنه مهما كانت نية القيادة الفلسطينية فإن الأحداث تعد رسالة من الفلسطينيين في القدس والضفة الغربية، وأنهم لن يعطوا إسرائيل فترة طويلة من الهدوء، دون أن تخفف من احتلالها".

ويلفت التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن "الاضطرابات كانت مثيرة لقلق وزير الخارجية جون كيري، ودفعته إلى الإعلان عن زيارة للمنطقة، ولكنها لم تؤد إلى تخلي القادة الإسرائيليين عن مطالبهم بالقدس الشرقية، بما فيها مسجد الأقصى، المكان الذي يقدسه اليهود ويطلقون عليه جبل الهيكل".

ويستدرك الكاتب بأنه "مع ذلك، فإن الرأي العام اليهودي يتغير، كما حدث في الانتفاضة الثانية، ففي أسوأ شهر من تلك السنوات الأربع الرهيبة، وجد المستطلعون في شهر آذار/ مارس 2002 دعما إسرائيليا للتنازل عن الأراضي، بحسب المقترح الذي تقدم به الرئيس الأمريكي بيل كلينتون في كانون الأول/ ديسمبر 2000، بما في ذلك القدس الشرقية عاصمة للفلسطينيين، وسيادة على الأقصى. وأظهر استطلاع للرأي في الأسبوع الماضي رغبة الإسرائيليين بالانفصال عن الأحياء الفلسطينية، بما فيها البلدة القديمة".

ويرى ثرول أنه "على خلاف المزاعم من أن الاحتلال الإسرائيلي يتوسع ويتزايد، فإن العقود التي تبعت الاحتلال الإسرائيلي للقدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة تميزت بعملية بطيئة من الانفصال الإسرائيلي، وهي عملية مترددة ومدفوعة بشكل دائم بالعنف. وحتى هذا اليوم، فإن العنف لم يصل إلى درجة دفعت رؤساء وزراء متعاقبين للإعلان عن انسحاب جزئي: فقد منح إسحاق رابين حكما ذاتيا محدودا على أجزاء من غزة والضفة الغربية في نهاية الانتفاضة الأولى. وانسحب بنيامين نتنياهو من معظم الخليل بعد عمليات شغب قاتلة في عام 1996؛ بسبب الحفريات الإسرائيلية تحت المسجد الأقصى، وأعلن أرييل شارون الانسحاب من غزة أثناء الانتفاضة الثانية".

وتذكر الصحيفة أنه "في ذلك الوقت، قرر شارون بناء الجدار الذي يفصل إسرائيل عن الضفة الغربية. واعتبر الفلسطينيون وبقية المجتمع الدولي الجدار غير شرعي، وأنه قام بمصادرة نسبة 8.5% من أراضي الضفة الغربية، وبالدرجة ذاتها فإنه من الصعب تخيل أن تحصل إسرائيل على أي من 91.5% من أراضي الضفة الغربية داخل جدار الفصل في أي عمل فصل في المستقبل".

ويعلق الكاتب قائلا: "من المؤسف أنه أثناء ربع القرن الماضي كان العنف هو السبب الرئيس وراء الانسحابات الإسرائيلية. وهذا يوضح في جزء منه الأعداد المتزايدة من الفلسطينيين الداعمين للانتفاضة، والمطالبة باستقالة رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس، الذي يمقت الهجمات على الإسرائيليين، وقد حكم الضفة الغربية لعقد من الزمان تقريبا، تميز بالهدوء، ولكنه لم يحقق آي مكاسب تذكر".

وينوه التقرير إلى دراسة جرت الشهر الماضي، وأظهرت أن معظم الفلسطينيين يؤيدون الكفاح المسلح بنسبة بلغت 57%، ووصلت إلى 71% في الفئة العمرية ما بين 18 إلى 22 عاما. ووجدت الدراسة أن دعم الكفاح المسلح كان عاليا في الخليل. وطالب ثلثا المشاركين عباس بالاستقالة من منصبه.

وتبين الصحيفة أن كيري سيلتقي كلا من عباس ونتنياهو، وسيحاول العمل على تحقيق الهدف المشترك، وهو العودة إلى الوضع السابق؛ لأن العنف يهدد كليهما، خاصة عباس. وسيطالبهما بأن يعملا على منع التصعيد.

ويجد ثرول أنه لو نجح عباس ونتنياهو في وقف الاضطرابات، فإنهما في النهاية سيعيدان الوضع الذي كان وراء اندلاع العنف، وهو ما تطلق عليه إسرائيل "إدارة النزاع"، ولا يوجد ما يضمن أنه في حال فشل الزعيمان بوقف تدفق الدم الفلسطيني والإسرائيلي، أن تتحسن الأمور.

ويخلص ثرول إلى أن "ما هو مضمون هو أنه طالما ظل الفلسطينيون يعتقدون أن الاحتلال مجاني، فلن يكون لديهم أي حافز لوقفه، لأن عباس ونتنياهو هما من علماهم هذا الأمر". 
التعليقات (0)