صحافة دولية

مجلة: لا حرب ولا سلام إستراتيجية أوباما الخطيرة في سوريا

الولايات المتحدة ليس لديها خيارات جيدة في سوريا - أرشيفية
الولايات المتحدة ليس لديها خيارات جيدة في سوريا - أرشيفية
وصفت مجلة "ناشونال إنترست" الأمريكية إستراتيجية الرئيس الأمريكي باراك أوباما في سوريا بأنها "خطرة" وتقوم على حالة "لا حرب ولا سلام"، وقالت إنه يوشك على إضافة فصل كئيب آخر في سجل سياسته الخارجية للولايات المتحدة، مشيرة إلى أن أوباما يعتقد على الأرجح أن استجابة إدراته للتدخل الروسي في سوريا بـ "لا حرب ولا سلام" من شأنه أن يجنب الولايات المتحدة – أو نفسه – التعرض إلى التكاليف المحتملة للاختيار ما بين بديليْن غير جاذبين.

وأشارت المجلة إلى أنه من المؤسف أن هذا الموقف ربما يكون الأكثر خطورة على الإطلاق؛ إذ أنه يعكس ضعف الولايات المتحدة أمام حلفائها، وكذلك عدم مرونة الولايات المتحدة تجاه موسكو، ومن ثم يشجع على المزيد من الإصرار على حساب الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه يسمح بتفاقم وتصعيد الحرب الأهلية في سوريا، فضلا عن تحقيق تنظيم داعش الإرهابي لمكاسب على الأرض.

وأضافت المجلة أنه قبل التدخل الروسي، أرست أربع سنوات من الحرب الأهلية في سوريا، الحكمة التقليدية الأمريكية: "أن الولايات المتحدة ليس لديها خيارات جيدة"، وهو الرأي نفسه الذي يعلنه صراحة الرئيس الأمريكي. ولكن الأن بعد مرور عدة أيام على الضربات الجوية الروسية الهجمات بصواريخ كروز، تنشأ حكمة تقليدية جديدة: "أن مواجهة موسكو يجب أن تخدم هدف واشنطن المحدد في سوريا"، الأمر الذي تصفه المجلة بأنه سلبية حادة في السياسة الخارجية التي لا تقوم على إعادة توجيه المصالح الأمريكية وإنما تسعى إلى إحباط الكرملين.

وتتساءل المجلة: "هل فكرت الإدارة الأمريكية بعناية في كيفية تطوير أهداف جديدة في سوريا وماعية العواقب والتداعيات التي ربما تترتب على ذلك؟".

وانتقدت "ناشونال إنترست" أن صفوة نخب السياسة الخارجية الأمريكية يصطفون وراء المواجهة مع روسيا في سوريا؛ إذ ينظر الأمريكيون إلى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أنه مستبد ويستعرض عضلاته، كما يشعرون بالإحباط من جراء المشهد الذي يبدو فيه أن بوتين قد تفوق ببراعة في المناورة على إدارة أوباما، ناهيك عن دعم بوتين لبشار الأسد، وكلها أمور تشعل العلاقة الملتهبة بين الولايات المتحدة وروسيا.

وتشير المجلة إلى أن الأهداف الإستراتيجية للولايات المتحدة في سوريا وعلى مستوى العالم تؤكد على أن الإصرار على معارضة بوتين يُعد من الأشياء عديمة الجدوى؛ إذ يجب أن يكون الهدف الرئيسي للولايات المتحدة في سوريا هو الحيلولة دون هيمنة داعش على البلاد، أو حتى اعتبارها ملجأ آمنا لهذا التنظيم الإرهابي. ويأتي في المرتبة الثانية هدف واشنطن للإطاحة بنظام بشار الأسد الذي تصف الإدارة الأمريكية بدقة بأنه يحث على توليد المزيد من المتطرفين المتوحشين بدلا من القضاء عليهم.

وتضيف المجلة أنه رغم سنوات من الجهد وإنفاق مليارات الدولارات، فإن الولايات المتحدة قد فشلت في تجميع قوة عسكرية حقيقية ذات مصداقية قادرة على الإطاحة بنظام بشار الأسد. وعلى النقيض من ذلك، فإنه من دون داعش وجبهة النصرة التابعة للقاعدة والتحالفات الإرهابية، ستكون القوى المناهضة لبشار الأسد عاجزة تماما.

وقالت المجلة إن القوة العسكرية الرئيسية الوحيدة المتاحة لمحاربة كل من بشار الأسد وداعش هي جبهة النصرة التابعة لتنظيم القاعدة، التي يتردد الرئيس أوباما في دعمها بشكل مناسب، لاسيما بعد هجمات 11 أيلول/ سبتمبر، وتضيف المجلة: "على الرغم من وحشيته وخداعه، فإن عدد قليل من السياسيين يعتقدون أن بشار الأسد يشكل خطرا للولايات المتحدة؛ إذ أنه ليس مسؤولا عن قتل 3000 من الأمريكيين. وعلاوة على ذلك، فإنه على الرغم من دعم الأسد لحزب الله – الذي يهدد إسرائيل حليفة الولايات المتحدة – فإنه يبدو الجار الأكثر آمنا بالنسبة لإسرائيل مقارنة مع جبهة النصرة".

ولفتت المجلة إلى أن الحاجة إلى محاربة داعش والنصرة هي إحدى الأسباب وراء تفضيل إدارة أوباما ومعظم خبراء السياسة الخارجية تجنب تفكيك الحكومة السورية والجيش السوري؛ إذ أن وجودهما ضروري – في ظل قيادة مختلفة – لمواجهة عنف المتطرفين في سوريا. كما أن الإدارة الأمريكية الحالية تتجنب العواقب المكلفة للخطأ المأساوي الذي ارتكبته إدارة بوش في العراق عندما قامت بتسريح كل من الجيش والحكومة العراقية.

وتتفق المجلة ذائعة الصيت في أمريكا مع وجهة نظر دونالد ترامب المرشح الجمهوري للرئاسة الأمريكية الذي يقترح أن قيام بوتين بمهاجمة كل من داعش وجبهة النصرة ومساعدة قوات بشار الأسد لتحقيق مكاسب على الأرض، لا يتعارض في حد ذاته مع مصالح الولايات المتحدة في سوريا.

من جهة أخرى، ترى المجلة أن هناك عدد من المحاذير الهامة لما يعتقده ترامب ومنها أن الضربات الروسية للمجموعات التي دعمتها ودربتها الولايات المتحدة بمثابة ضربة لمكانة الولايات المتحدة، ويقوض سياستها بشكل مباشر، والأسوأ من ذلك أنه يسمح لكي يبدو بوتين الشخص الذي يقوم بهندسة سوريا الجديدة والولايات المتحدة على الهامش، إضافة إلى أن بقاء الأسد في السلطة إلى أجل غير مسمى يشكل عقبة في طريق أي حل دائم في سوريا ويزعزع استقرار المنطقة بأسرها.

وبحسب المجلة، لا تعني تلك المحاذير الحيلولة دون إشراك موسكو في حوار هادف لدحر داعش وإزاحة الأسد بشكل تدريجي عن السلطة. وتشير إلى إعلان بوتين بترحيب روسيا بالمعلومات حول المناطق المستهدفة للهجمات وكذلك المناطق التي يقترح تجنب استهدافها، ومن ثم ينبغي على إدارة أوباما اختبار موسكو في الجانبين، والتوضيح صراحة أن الهجمات ضد شركاء الولايات المتحدة ستكون اختراقا خطيرا للثقة.

 وأكدت المجلة أيضا أن روسيا أو بوتين غير قادرة على هيكلة تحالف شامل ضد داعش أو حتى إجراء تسوية دبلوماسية دولية بالنسبة إلى سوريا، وقد أعلن بوتين من قبل أن سياسته لن تنجح من دون التعاون مع قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة.

وأشارت إلى أن الوجود العسكري الروسي في سوريا والاعتماد المتزايد لبشار الأسد على موسكو، سوف يوفر إلى روسيا نفوذا لا مثيل له على الأسد والحكومة السورية، الأمر الذي يجب أن تستخدمه الولايات المتحدة في السعي إلى انتقال السلطة عن طريق التفاوض بالتعاون مع روسيا.

وانتقدت المجلة بشدة رفض واشنطن استقبال وفد روسي برئاسة رئيس الوزراء الروسي دميتري مدفيديف لبحث الأزمة السورية، وترى أن البيت الأبيض قد أضاع فرصة للمضى قدما لتحقيق أهداف الولايات المتحدة الإستراتيجية في سوريا، في مقابل مجرد التأكيد على عدم الرغبة في إجراء محادثات مع موسكو، الأمر الذي يُعد "دبلوماسية مؤسفة" على حد وصف المجلة.

وتخلص المجلة إلى أن الحرب في سوريا الأن تجمع أزمة إقليمية كبري مع الإرهاب الدولي ومواجهة محتملة بين أكبر دولتين في الأسلحة النووية.

وتقول المجلة: "في ظل مثل هذه الظروف، فإن أول شروط السياسة السليمة هي أن نكون صادقين مع أنفسنا، وهذا يعني الاعتراف بأنه على الرغم من أن تدخل بوتين في سوريا غير مرحب به ويتعارض مع المصالح القومية الأمريكية، فإنه أصبح الأن من حقائق الحياة. كما يعني أيضا الاعتراف بأن تصرفات موسكو لم تكن غير متوقعة في ظل موقف توجد فيه مصالح رئيسية بالنسبة إلى روسيا".

وتضيف المجلة في الوقت الذي تحاول فيه إدارة أوباما إضعاف الاقتصاد الروسي وعزل قادتها، فإن الكرملين يرى روسيا قوة عظمى ذات سيادة قادرة على التحرك رغم تفضيل الولايات المتحدة لما هو عكس ذلك. ومن ثم لا يجب على الولايات المتحدة رفض التعاون مع الحكومات التي لديها أجندات خاصة في سوريا.

وتختتم المجلة بالتأكيد على أنه ينبغي على زعماء الولايات المتحدة بالتعامل مع موسكو بمزيج من القوة والبراغماتية بدلا من الضعف وعدم المرونة؛ حيث إن التصلب والجمود سوف يضر القوة العظمى الوحيدة في العالم.
التعليقات (2)
اوباما
الجمعة، 23-10-2015 05:19 م
لا استطيع اعلانى الموافقة على الحل السياسى فى سوريا فالهيمنة هى الاساس فى سياسة امريكا و لكن حلوها بعيد عنى و سأكتفى بالشجب و الادانة للتدخل الروسى
عبدالله العتيبي
الجمعة، 16-10-2015 11:51 م
امريكا هرمت وضعفت. وصفعت من روسيا. فإن نجحت روسيا في القضاء على داعش. سوف تسيطر على المنطقه. وسوف تطرد امريكا من الشرق الاوسط. وتجعلها تلملم أوراقها. حفظ لماء الوجه. هههه اذا بقى ماء في وجه أمريكا. وهي التي صنعت. داعش لتقسيم المنطقه العربية. وسوف تنال روسيا الكعك بلا شريك.