سياسة دولية

أوريون21: الإقتصاد السوري ودوره في تعميق الأزمة

أعرب السوريون عن انزعاجهم من خضوع بلدهم للوصاية الإيرانية - وكالات
أعرب السوريون عن انزعاجهم من خضوع بلدهم للوصاية الإيرانية - وكالات
نشر الموقع الإخباري الناطق باللغة الفرنسية، أوريون21، تقريرا تحدث فيه عن العلاقة المباشرة بين العوامل والمؤشرات الاقتصادية في سوريا، وتعمق الصراع في البلد منذ انطلاقه سنة 2011.

 وبين الموقع في هذا التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، كيف مكن الاقتصاد السوري القائم على الزراعة، من تقوية عود نظام بشار الأسد، وهو ما تغير اليوم، بسبب الجفاف الذي تعاني منه سوريا، وانتشار الأزمة الغذائية.

 واعتبر أنه كان بالإمكان تفادي الثورة السورية، نظرا للمكتسبات التي يتميز بها النظام السوري، مقارنة بتونس ومصر؛ وأبرزها الاستثمارات المشتركة مع دول الخليج، والاتفاقات التجارية مع تركيا، وازدهار القطاع السياحي، مما يضمن قدرا أدنى من النمو الاقتصادي.

ولفت أوريون21 إلى الطابع السلمي الذي اتسمت به الثورة السورية في أولها، والذي لم يتمكن النظام السوري من مسايرته، بسبب عجزه عن القيام بالإصلاحات اللازمة، وهوسه بالبقاء على رأس السلطة، التي تقلدتها الأقلية العلوية لنصف قرن، تمكنت من خلاله تحقيق خطوات اقتصادية هامة، وعقد اتفاقات تجارية مع الأغلبية السنية والأقلية المسيحية.
 
كما تحدث عن الانتكاسة الخطرة التي شهدها القطاع الفلاحي في البلد، بعد أن كان أحد أبرز ركائزه الاقتصادية؛ حيث أصبحت الزراعة شبه مستحيلة مع انتشار الخراب والدمار، ما أفضى إلى نزوح 7 ملايين سوري، ولجوء 4 ملايين، فيما اعتبرتها آنطونيو جوتيريس، المندوب السامي للمفوضية العليا للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، "أكبر نسبة لاجئين تنسب لصراع واحد، في جيل واحد".

من جهة أخرى، اعتبر باحثون أمريكيون أن للجفاف الشديد الذي عصف بالقطاع الزراعي السوري بين سنتي 2007 و2010، دورا كبيرا في اندلاع الأزمة؛ حيث أجبر متساكني الشمال من الفلاحين، للانتقال إلى المدن الكبرى من قبيل حمص ودمشق ودرعا، مما عزز الأزمة، وساهم في اندلاع الاحتجاجات الشعبية.
 
وقال التقرير، إن علماء المناخ يؤكدون، على أن البلد شهد أطول وأقسى فترة جفاف، ما بين سنتي 2007 و2010، بسبب الارتفاع غير المسبوق للحرارة، والانخفاض الحاد في مخزون المياه، والتأثير السلبي للمناخ الحار على حوض البحر الأبيض المتوسط.
 
وأضاف بأن العوامل آنفة الذكر، تسببت في تدهور القطاع الزراعي بنسبة 30%، مما أفضى لانخفاض مساهمتها في الناتج المحلي الإجمالي، ليبلغ بالكاد 16% سنة 2010، بعد أن كان يمثل ربعه.
 
وأفاد بأن أكثر المناطق تضررا شمال شرقي البلد، كانت قد شهدت تضاعف ثمن الحبوب ونفوق القطعان، مما أجبر 1.5 مليون ريفي للانتقال لضواحي المدن، التي كانت تعج باللاجئين العراقيين.
 
غير أن النظام السوري لم يحرك ساكنا في مواجهة الأزمة، بل إنه أعلن، وفقا للخبير الاقتصادي السوري جهاد يزيجي، عن "مضاعفة أسعار مضخات المياه والسماد، المرتفعة أصلا".
 
وذكر الموقع أن الأمطار المتفرقة التي هطلت طيلة هذه السنة، مكنت من تحسين محصول الحبوب، الذي لم يستطع على الرغم من ذلك، من الاستجابة للحاجيات الغذائية المحلية؛ حيث لم يتجاوز 2.44 طنا، بنسبة تقل عن 40% من مجمل محصول ما قبل الأزمة، في حين تقدر حاجة سوريا للحبوب بـ 5 ملايين طن سنويا، بحسب منظمة الأغذية والزراعة.
 
كما أشار إلى أن جل المناطق الفلاحية وآبار النفط، تقبع تحت سيطرة الجماعات المسلحة، من قبيل الرقة ودير الزور؛ اللتان تخضعان لحكم تنظيم الدولة، الذي يبيعها بأبخس الأثمان، لدول تعتبر "غريمته".
 
وقال الموقع إنه وفقا لمنظمة الأغذية والزراعة، ومنظمة الصحة العالمية، فإن 9.8 من السوريون يعانون من أزمة غذائية، بلغت أوج خطورتها لدى 6.8 مليون منهم، مما يستوجب تدخلا دوليا عاجلا.
 
وصرح بأن تواصل النزاع لن يدر سوى مزيدا من الوبال على الزراعة والتجارة، وهو ما يؤكده دومينيك بورجن؛ أحد مسؤولي منظمة الأغذية والزراعة، بقوله "حتى وإن ساهمت أمطار هذه السنة في تحسين المحصول، فإن هذا القطاع يبقى متضررا".
 
ويشدد بورجن، في السياق ذاته، على الحاجة لدعم الزراعة السورية، لإنقاذ موسمها الذي ينطلق في تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، على اعتبار تفاقم انعدام الأمن الغذائي، وانخفاض المساحات المؤهلة لزراعة الحبوب، علاوة على تراجع المقدرة الشرائية للسوريين.
 
من جهتهم، أعرب العديد من السوريين المقيمين ببلدهم وخارجه، عن انزعاجهم من خضوع بلدهم للوصاية الإيرانية، في حين اعتبر مناصرو النظام أن ذلك أفضل من أن يصبح تحت سيطرة الدول الخليجية.
 
 وقال الموقع إن الفئة الأخيرة، لم تستسغ يوما المعاملات الاقتصادية بين سوريا من جهة، والمملكة العربية السعودية وقطر وتركيا من جهة أخرى.
 
وكان البرلمان السوري قد صادق في تموز/ يوليو الماضي، على قبول قرض بمليار دولار من إيران، مما يؤكد على أهمية وجدية المعاملات التجارية بين دمشق وإيران، والتي أكدها الخبير الاقتصادي السوري جهاد يزيجي بقوله "إيران هي إحدى المصادر النادرة للعملة الأجنبية، المتبقية للحكومة السورية".

وختاما، شدد الموقع على أنه لا يمكن إنكار دوافع الهبة الشعبية السورية من المناداة بالحرية والعدالة، والتي غذتها العوامل الجغرافية الإستراتيجية، كما أنه لا يمكن التغاضي عن العوامل الاقتصادية والاجتماعية التي عززتها. مؤكدا على استحالة التنبؤ بنتائج الأزمة.
التعليقات (0)