أعلن حزب "
المصريين الأحرار"، الذي أسسه رجل الأعمال القبطي، نجيب ساويرس، برنامجه لخوض الانتخابات المزمع إجراؤها لمجلس "النواب" بمصر، رافعا شعار: "القضاء على
الفقر".
ولتنفيذ شعاره، رشح مئة مرشح من النواب السابقين للحزب الوطني المنحل، وأعلن ساويرس أن
استثماراته "صفر" في مصر، منذ مؤتمر شرم الشيخ في آذار/ مارس الماضي.
وفي لقاء ساويرس مع مرشحي حزبه قبل أيام، قال: "أفضل حاجة نعملها أن نقضي على الفقر"، دون أن يحدد أساليب القضاء على هذا الفقر بين المصريين؛ إذ يُتهم هو شخصيا بالتسبب فيه، بسبب امتناعه عن سداد مستحقات الدولة من الضرائب، فضلا عن حصوله على رخصة شركة "موبينيل"، بثمن بخس من الدولة، وغيرها من المخالفات القانونية.
ساويرس: معركتي مع الفقر
في لقائه بمرشحي حزبه قال ساويرس إن هدف الحزب هو القضاء على الفقر، مضيفا: "حلمي أن يقول الناس إن هذا الرجل عمل حزبا، وقال: سوف أقضي على الفقر، وبالفعل قضى على الفقر".
في تصريح سابق، وصف ساويرس برنامج حزبه بأنه قادر على حل جميع مشكلات مصر في خمس سنوات فقط، مشيرا إلى أن الحزب ضم مئة عضو من رموز الحزب الوطني (المنحل)، لأن لديهم قاعدة شعبية في محافظاتهم، بالإضافة لخبراتهم الانتخابية.
وفي السياق ذاته، قال المتحدث الرسمي باسم حزب
المصريين الأحرار، شهاب وجيه، إن الحزب يرفع شعار "هزيمة الفقر"، ببرنامج هادف تم أخذه عن تجارب ناجحة في البرازيل، مضيفا أن البرنامج يتبنى فكرة التحويلات النقدية المشروطة، وتوجيه الدعم لمستحقيه عن طريق قاعدة بيانات دقيقة للأسر الأكثر فقرا، وهي أفكار الوطني "المنحل"، بحسب مراقبين.
كما تتضمن الوثيقة الانتخابية للحزب -التي حملت عنوان "علشان مصر اللي بنحلم بيها"- القضاء على الفقر، وتوفير سبل الحياة الكريمة، وضمان سيادة القانون، وحماية الحريات، وصنع اقتصاد وطني قوي، ومكافحة الفساد والبيروقراطية، وتطوير منظومتي الصحة والتعليم.
وكان ساويرس قال لوكالة أنباء رويترز: "استثماراتي في مصر "صفر" منذ نهاية المؤتمر الاقتصادي في شرم الشيخ وحتى الآن"، معللا ذلك بأن سياسات الحكومة خاطئة، وغير رشيدة، مضيفا أن شركاته لن تزيد إيراداتها هذا العام؛ لأنه لم ولن يضخ أي استثمارات جديدة"، وذلك على الرغم مما يمر به الاقتصاد المصري من أزمة طاحنة، ما أثار دهشة الكثيرين.
دعاية.. واستهلاك انتخابي
رئيس حزب المستقلين الجدد، والأمين العام لتحالف "نداء مصر"، هشام عناني، اعتبر كلام ساويرس، في مؤتمر حزبه عن أحلامه -على حد وصفه- بالقضاء على الفقر، بأنها مجرد دعاية واستهلاك انتخابي مستفز، بل ويدعو إلى الشفقة على المواطن البسيط الذي يتنافس على خداعه كل الرأسماليين ورجال الأعمال، من أمثال ساويرس، وفق قوله.
وأضاف عناني أن ظهور ساويرس في هذه الآونة، وغيره من رجال الأعمال، يؤكد أن البرلمان القادم سيقع لا محاله في براثن المال السياسي.
وحذر من التدفق المادي الملحوظ الداعم لعدد من الأحزاب والقوائم، الذي بلا شك سيغير من توازن القوى السياسية، وسيؤدي إلى احتقان سياسي غير مطلوب في هذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الوطن، بحسب تعبيره.
وأكد عناني أنه حتي بفحص التاريخ الاقتصادي لساويرس، وبغض النظر عن التاريخ السياسي، يؤكد أن أحلامه التي يخرج علينا بها الآن مجرد أضغاث أحلام، ودعاية انتخابية مثيرة للعجب.
بلاغات.. واتهامات بالجملة
في المقابل، تلاحق ساويرس وحزبه بلاغات بالجملة قُدمت إلى النائب العام، فضلا عن الاتهامات التي تلاحقهما.
فقد قدم وحيد الأقصري بلاغا يتهم فيه ساويرس بتقديم رشاوى انتخابية لمرشحين سابقين في الحزب الوطني (المنحل)، من أجل ترشحهم على قوائم حزبه، مؤكدا أنه يسير على خطى "أحمد عز"، أمين تنظيم الحزب الوطني المنحل السابق.
وكانت جريدة "أخبار اليوم" ذكرت في عددها رقم 3609 ليوم السبت، 25 تموز/ يوليو 2015، أن حزب المصريين الأحرار عرض "شيكا" على بياض يحدد فيه المرشح المبلغ الذي يريده مقابل انضمامه للحزب، وخوضه للانتخابات ضمن مرشحي الحزب.
كما اتهم النائب السابق، رجب هلال حميدة، "ساويرس" بأنه حصل على أمواله بطريقة غير قانونية، وأن ذلك مثبت في مضابط البرلمان، وأنه يسعى للإتيان بفاشية طائفية.
واتهم رئيس حزب مصر العربي الاشتراكي، اللواء عادل القلا، ساويرس بأنه لا يريد استقرارا لهذا البلد، مؤكدا أن رجال الأعمال الذين استطاعوا نهب البلد إبان فترة حكم مبارك آن الأوان لكشفهم أمام الشعب، وعلى رأسهم ساويرس.
أما المنسق العام المساعد لتحالف الوفاق الوطني، إيهاب الخياط، فأكد أن مرشحي حزب "المصريين الأحرار" يلعبون على وتر الطائفية، واستغلال مؤسسات الدولة؛ لترجيح كفة مرشحيه خلال انتخابات مجلس النواب.
وقال الخياط -في تصريحات صحفية- إن مرشح حزب المصريين الأحرار "محمد الكومي"، يحاول تأمين دعم المواطنين الأقباط، عبر القيام بجولات دعائية بصحبة رجال دين مسيحيين، وتدخله لتسوية مشكلات المواطنين الأقباط.
واتهم عاطف فوزي، رئيس اللجنة الدستورية في الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، الذي يرأسه محمد أبو الغار، "المصريين الأحرار" بأنه يسعى للتنسيق مع إحدى الجمعيات الأهلية، وأنه عقد اجتماعات عدة مع جهة أجنبية ممولة لحل مشكلات الناس تحت ذريعة خدمات يقدمها الحزب للمواطنين، مؤكدا أن هذا المسلك غير قانوني، ومرفوض مجتمعيا.
وكشف رئيس جمعية المجلس الثوري للرقابة الشعبية، أمل عبد الوهاب، أن ساويرس مارس ضغوطا على رئيس الوزراء الحالي شريف إسماعيل، للإبقاء على عدد من الوزراء في مناصبهم، وعلى رأسهم وزير المالية هاني قدري، مستغلا نفوذه على الإعلاميين ومقدمي برامج "التوك شو" لتلميع "قدري".
وأضاف أن الضغوط التي مارسها ساويرس للإبقاء على قدري جاءت في إطار سعيه للحفاظ على مصالحه الشخصية، متجاهلا الكوارث التي تحققت على يد قدري، وتوريطه للدولة في قانون الخدمة المدنية، فضلا عن أنه أضاع على الدولة سبعة مليارات جنيه مستحقات ضريبية على شركات ساويرس نفسه، وفق قوله.
.. واستخدام اسم الكنيسة لصالح ساويرس
ليس هذا فقط، فقد أعلنت عايدة نصيف، عضو الهيئة العليا في حزب المصريين الأحرار، استقالتها من مناصبها كافة بالحزب، بسبب "استخدام اسم الكنيسة لصالح نجيب ساويرس".
وقالت في نص استقالتها: "أتقدم باستقالتي من الحزب؛ نظرا لأسباب كثيرة، فلا أستطيع أن أكمل؛ نظرا لأسباب متعددة تعرفونها جميعا من غياب وتحديد المعايير، ومن دخول بعض العناصر الدخيلة على الحزب أفسدت سياسته من أجل المصالح الشخصية".
وألمحت إلى أن عضو الهيئة العليا للحزب، المنسق المالي للجنة الانتخابات، هاني نجيب، وضع اسم رجل الأعمال القبطي يوسف نعيم، في قوائم المرشحين على مقاعد الفردي، علي أساس أنه مرشح الكنيسة، ويحظى بدعمها، وأنه على علاقة شخصية بالبابا، وأنه دفع مبالغ مالية ضخمة لعمل بعض الإصلاحات في مباني كنيسة شبرا.
مخالفات انتخابية
من جهتها، رصدت تقارير صحفية تحركات رؤساء أحياء إلى جانب مرشحي ساويرس خلال الانتخابات؛ إذ قدم اللواء حليم يني، رئيس حي شبرا، الدعم الكامل لمرشح الحزب، إيهاب الطماوي، المرشح على مقعد الفردي للدائرة شبرا، والمحامي الخاص لرجل الأعمال، وأحد ممولي حزب "المصريين الأحرار"، رؤوف غبور.
وأكد أهالي الدائرة أن رئيس الحي يساند الطماوي في خرق سافر لقواعد العمل الحكومي، التي تجبره على التزام الحياد بين أطراف العملية الانتخابية.
كما بدأ رئيس حي عين شمس، اللواء السيد محمد علي، بدعم محمد الكومي، مرشح "المصريين الأحرار" عن دائرة عين شمس؛ إذ استضاف الكومي حملات التطعيم في مقر حملته الانتخابية.
واستغل مرشحو "المصريين الأحرار" معاناة المواطنين مع المرض، خاصة في الدوائر الفقيرة، وأعلنوا تقديم خدمات علاجية بالمجان في دوائر إمبابة والمطرية، والواسطي بمحافظة بني سويف، ومشروعات خدمية في عين شمس.
اختيارات شابها العوار لمرشحين
وكانت اختيارات حزب "المصريين الأحرار" لمرشحيه قد شابها عوار كبير.
وكانت الضربة الأولى استبعاد لجنة انتخابات المنيا مرشح الحزب في أبو قرقاص، مجدي مفتاح، بسبب تخلفه عن أداء الخدمة العسكرية، خاصة أنه كان نائبا سابقا بمجلس الشعب في دورة 2000، وتم إسقاط عضويته، واستقال بسبب التخلف عن التجنيد.
وجاءت الضربة الثانية لمرشح الحزب في دائرة المعادي من اللاعب الدولي والمحلل الرياضي زكريا ناصف، بعد أن تم تقديم طعن انتخابي يفيد بأن زكريا قام بأعمال النصب والتبديد على بعض المواطنين، ما أسفر عن صدور أحكام قضائية عدة بحقه، منذ عام 1994 حتى عام 2011، تراوحت بين بالحبس ستة شهور إلى عامين.
وشملت الضربات أيضا قيام اللجنة التنسيقية لقائمة "في حب مصر" باستبعاد مرشحة الحزب هند جوزيف من قائمة الصعيد.
وكان "المصريين الأحرار" أعلن أنه يدفع بـ227 مرشحا على مقاعد الفردي، وستة مرشحين على قائمة "في حب مصر"، الموالية للسيسي، لخوض الانتخابات، وتبين أن عددا كبيرا من الأسماء المتداولة هي لأعضاء سابقين في الحزب الوطني المنحل.