صحافة دولية

"لكسبرس": التعصب ضد المسلمين محل مزايدة من المرشحين الجمهوريين

فتح ترامب باب "المزايدة" في قضية التعصب ضد المسلمين
فتح ترامب باب "المزايدة" في قضية التعصب ضد المسلمين
نشرت صحيفة لكسبرس الفرنسية تقريرا حول سير الانتخابات التمهيدية في الولايات المتحدة، وأشارت إلى أن التعليقات العنصرية ضد المسلمين أصبحت محل مزايدة بين أبرز المرشحين الجمهوريين، كما أن هذه المزايدات أدت إلى إحراج المرشحين المعتدلين.

وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن اثنين من أبرز المرشحين في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري، التي تقام استعدادا للانتخابات الرئاسية الأمريكية سنة 2016، افتعلا جدلا كبيرا حول مكانة الإسلام في الولايات المتحدة، وتعمدا من خلال هذه المزايدات إحراج زملائهم الأكثر اعتدالا في الحز ب.

وذكرت الصحيفة أنه بعد الجدل المفتعل حول مشكلات المهاجرين اللاتينيين، والحرب التي شنها المرشحون الجمهوريون ضد المرأة في الولايات المتحدة، جاء وقت استغلال قضية معاداة الإسلام كأداة لاجتذاب الناخبين في الحزب الجمهوري.

وقد أطلق دونالد ترامب، الملياردير الذي يمثل المرشح الأبرز للانتخابات التمهيدية في الحزب الجمهوري، جدلا كبيرا يوم الخميس الماضي، عندما سمح لأحد أنصاره بالتحدث عن "وجود مشكلة في الولايات المتحدة اسمها المسلمون".

وأضافت الصحيفة أن هذا المناصر المتعصب اعتبر أيضا أن الرئيس باراك أوباما هو مسلم وليس أمريكيا، وهي الفكرة المغلوطة التي تم تداولها منذ أول ترشح لأوباما في الانتخابات الأمريكية، في صفوف اليمين المتطرف وأنصار الحزب الجمهوري.

وقالت الصحيفة إن دونالد ترامب، الذي بدا محرجا بشكل واضح من تصريحات مناصره، حاول الرد بطريقة غامضة والتهرب من الموضوع، دون أن يتصدى لهذه الادعاءات التي أطلقها مناصره حول الهوية الدينية للرئيس الأمريكي، أو يكذبها.

وأمام هذا الجدل الكبير الذي أثاره موقف ترامب، حاول هذا المرشح الشعبوي الدفاع عن نفسه يوم الاثنين الماضي، من خلال القول إنه لم تكن له "أبدا مشكلة مع المسلمين". ونقلت الصحيفة تصريح ترامب الذي قال فيه "لقد كنت أظنه يتحدث عن الإسلام المتطرف وليس الإسلام بشكل عام، وفي الحقيقة نحن لدينا مشكلة مع نوع معين من المسلمين".

وأضافت الصحيفة أن مرشحا آخر أكثر تطرفا في الحزب الجمهوري، وهو المرشح المحافظ بن كارسن، واصل على النهج المتعصب ذاته، عندما طرح عليه سؤال على قناة "إن بي سي" الأمريكية حول أهمية الهوية الدينية في اختيار المرشح للرئاسة، حيث أجاب كارسن بأن هذا مرتبط بمدى تطابق هذه الديانة مع القيم الأمريكية، ومدى احترام تعاليم هاته الديانة للدستور، كما اعتبر هذا المرشح، الذي يعبر دائما عن تعصبه للديانة المسيحية، أنه لا يعتقد أن هذه المواصفات تتوفر في الإسلام.

ونقلت الصحيفة عن كارسن قوله: "أنا لا أنصح باختيار مسلم ليكون على رأس هذه الأمة، لن أوافق أبدا على ذلك".

ولاحظت الصحيفة أن هذه التصريحات الموغلة في التعصب، أحرجت بقية المرشحين المحتملين، على غرار الديمقراطية هيلاري كلنتون، ووجوه سياسية أخرى فضلت النأي بنفسها عن هذه المواقف المتعصبة، حيث نقلت الصحيفة عن السيناتور تيد كروز تصريحا على القناة المحلية في ولاية أيوا قال فيه: "ينص الدستور الأمريكي بشكل واضح على عدم وجود ديانة معينة مشترطة للوصول لمنصب الرئاسة، وأنا من أشد مساندي الدستور".

كما ذكرت الصحيفة أن مرشحين آخرين، على غرار ماركو روبيو وجيب بوش وكريس كريستي وليندسي غراهام، عبروا عن صدمتهم من هذه التصريحات المتعصبة، ومن تعمد هؤلاء المرشحين التشكيك في وطنية باراك أوباما وديانته المسيحية، حيث صرح ماركو روبيو على قناة "إن بي سي" قائلا: "هذا أمر يشعرني بالقلق، لأنه جدال لا علاقة له بمستقبل ومصالح هذه البلاد".

من جهة أخرى، اعتبرت الصحيفة أن هذه المزايدات والجدالات المفتعلة أصبحت تهدد قيم وتاريخ وشعبية الحزب الجمهوري، وأكدت أن توماس جيفرسون، الذي يعد من الآباء المؤسسين للولايات المتحدة، لو كان حيا لكان متفاجئا بهذه التصريحات، لأن المسلمين كانوا متواجدين في الولايات المتحدة حتى قبل استقلالها عن المملكة البريطانية، وحقهم في ممارسة شعائرهم الدينية منقوش على الرخام، منذ إصدار قانون الحرية الدينية في سنة 1786.

وقد كتب جيفرسون، الذي كان من أهم محرري هذا القانون في ذلك العهد، أن "هذا القانون تمت صياغته ليشمل بحمايته اليهود والمسيحيين والمحمديين (في إشارة إلى المسلمين) والهندوس وحتى من لادين لهم".

كما اعتبرت الصحيفة أن هذا النقاش حول الإسلام أمر يبعث على القلق حول وضعية الحزب الجمهوري، باعتبار أنه يعكس مدى الفراغ الذي يعيشه الحزب في ظل غياب قائد قادر على توحيد قواعد الحزب وتوجيه اهتماماته نحو أمور أكثر جدية ونفعا للبلاد.

وأضافت الصحيفة أن الانتخابات التمهيدية في الحزب الجمهوري لطالما كانت فرصة لأولئك المتنطعين والرجعيين لطرح أفكارهم المتعصبة، وفرض قواعد جديدة للنقاش، وتوجيه الرأي العام بطريقة خبيثة، من أجل بث البلبلة في صفوف الناخبين وإخافة المعتدلين وكسب المزيد من الأصوات.
التعليقات (0)