ملفات وتقارير

انتخاب كوربن لزعامة العمال ينهي عهد بلير والبليرية (فيديو)

فوز كوربن لن يفرح رئيس الوزراء ديفيد كاميرون - أ ف ب
فوز كوربن لن يفرح رئيس الوزراء ديفيد كاميرون - أ ف ب
يضع فوز جيرمي كوربن حزب العمال أمام مرحلة تاريخية مهمة، فقد جاء فوز كوربن الساحق على منافسيه لرئاسة حزب العمال، بعد انتخابات كارثية هزم فيها حزب العمال أمام حزب المحافظين. 

وحصل كوربن على تفويض الغالبية العمالية بنسبة 59.5% من ناخبي الحزب، وهو يتفوق على النصر الذي حققه رئيس الوزراء الأسبق توني بلير عام 1994، ما يعني أن كوربن يحظى بثقة أعضاء الحزب. 

واستطاع كوربن الانتصار على منافسيه الثلاثة، من خلال رسالته البسيطة، وبرنامجه المتواضع الرافض للتقشف والداعي إلى إصلاح نظام الصحة، وإلغاء الرسوم الجامعية. 

ورافقت الحملة الإنتخابية لكوربن هجمات من اليمين المتطرف، حيث دعت صحفه الناخبين العماليين والمتعاطفين معه إلى التصويت له وانتخابه؛ لأنه الرجل الذي سيقوم بتدمير الحزب، بحسب ما تعتقد. مشيرة إلى أن انتخابه سيؤدي إلى حرب أهلية داخل الحزب، كما يصور المخوفون منه.

ويرى نقاد كوربن أنه رجل لا يصلح لرئاسة الوزراء، ولا يمكنه قيادة حزبه في انتخابات عام 2020 إلى الفوز. والداعي وراء هذا؛ هو أن كوربن يأتي من اليسار المتشدد في الحزب، ومن مدرسة توني بن وكين لينفجستون وغيرهما من نواب المقاعد الخلفية في البرلمان، من الذين رفضوا الإصلاحات الجذرية التي قام بها توني بلير، وكانت بطاقته للفوز في انتخابات عام 1997، وهو ما عرف بمشروع العمال الجديد.

ودعا كوربن في خطابه الأول إلى الوحدة داخل الحزب، وقال إن "الإعلام والكثيرين منا لم يفهموا مواقف الجيل الشاب، فقد ابتعدوا عن السياسة بسبب الطريقة التي تمت فيها إدارة السياسة. ويجب أن نقاتل هذا". 

ويعد كوربن النائب عن شمال لندن أحد الفائزين غير المتوقعين لقيادة الحزب، بعد أن اٌقنع أعضاء الحزب والمتعاطفين معه بأنه حان الوقت لطي صفحة العمال وعهد بلير وغوردون براون.

ويرى المعلقون أن كوربن يواجه معركة صعبة لتوحيد الحزب خلف قيادته، خاصة بعد إعلان عدد من النواب الذين يحتلون المقاعد الأمامية، أنهم لن يعملوا في المناصب المهمة ووزارات الظل. وقد يعتمد كوربن على نواب مثل جون ماكدونيل وأنغيلا إيغل وصادق خان وعمدة لندن السابق كين ليفنغستون، وربما استعان بمنافسه أندر بيرنهام.

ويواجه كوربن مهمة لتوسيع قاعدة طاقمه من وزراء الظل، خاصة بعد إعلان راشيل ريفز وإيما رينولدز وتريستام هانت وكريس ليزلي وليز كيندال ويوفيت كوبر، أنهم لن يخدموا في ظل كوربن. وأعلن وزير الظل لشؤون الصحة جيمي ريد استقالته في تغريدة على "تويتر"، في الوقت الذي كان فيه كوربن يلقي كلمة انتصاره. 

وبدأ كوربن زعامته اليوم في كلمة ألقاها بتظاهرة تأييدا للمهاجرين. ويعرف عنه دعمه للقضية الفلسطينية، ومشاركته الدائمة في التظاهرات والمسيرات المؤيدة للقضية الفلسطينية، وحاولت بعض الصحف النيل منه، وربطه بحركة حماس وحزب الله. 

وأعلن كوربن استعادة الحزب، قائلا: "أهلا بحزبنا أهلا بحركتنا، وأقول للذين عادوا إلى الحزب، والذين كانوا هنا قبل أن يصابوا بالإحباط وعادوا للحزب، أهلا بكم وأهلا بكم في بيتكم". وهاجم الإعلام، ووصف تصرفاته "بالطفولية والبذيئة والخاطئة".

وقال: "أقول للصحافيين: هاجموا الرموز السياسية وهذا أمر مقبول، ولكن لا تهاجموا الناس الذين لا يريدون أن يكونوا تحت الأضواء، اتركوهم ليواجهوا ظروفهم".

وبدا كوربن كريما مع المنافسين له، حيث مدح بيرنهام لعمله في مجال الصحة، وكيندال للصداقة بينهما ولحملتها الجيدة، وكوبر لمساعدتها في تشكيل الخطاب السياسي حول اللاجئين. 

وختم زعيم حزب العمال خطابه بالقول إن "الفقراء يعانون من أعباء التقشف، ويعانون من تخفيض رواتبهم، وأجبروا على الاعتماد على بنوك الطعام في ظل حكومة المحافظين". وأضاف: "هذا ليس صحيحا، وليس ضروريا، ويجب أن يتغير".

ووعد كوربن بالتقدم في الحزب، وبأن يكون قويا وأكبر وأكثر تصميما أكثر مما كان عليه ومن زمن طويل، وقال: "سنصل لكل شخص في البلد، ولن يتم تجاهل أحد، حيث سيحصل كل منهم على مكانه في المجتمع".

وأكد كوربن أهمية مشاركة الجميع وعدم استبعاد أحد في رسالة تطمين لنواب الوسط داخل الحزب. ودعا زعيم العمال السابق إد ميليباند إلى التعاون مع القطاعات كلها "لأن أمامه مهمة كبيرة لتوحيد الحزب". وقال ميليباند إنه سيمنح دعمه لكوربن، لكنه استبعد أن يكون جزءا من طاقمه.

وقال ميليباند: "لقد انتصر جيرمي بشكل حاسم، وانتخبه الجميع، وأعتقد أنه يجب احترام التفويض الذي حصل عليه". وأضاف: "مهمة الزعيم هي التعاون مع أجزاء في الحزب، وهذا ما سيفعله جيرمي. لقد صوت اليمين في حزبنا لجيرمي، وهي فرصة عظيمة لحزبنا".

وما يجعل فوز كوربن مهما هو أنه كان آخر المرشحين بعد بيرنهام وكوبر وكيندال، ولم يستطع تسجيل نفسه إلا بعد أن منحه 15 نائبا دعمهم، وكان من أضعف المرشحين حظوظا، إلا أن فرصه زادت عندما منحه أكبر اتحادي عمال دعمهما. وزاد من فرصه انضمام أفراد جدد لحزب العمال، الذين دفعوا ثلاثة جنيهات للمشاركة في التصويت، ما ضاعف عدد الذين يحق لهم التصويت إلى 550 ألفا. 

وفي الوقت الذي احتفل مؤيدوه بعودة الحزب إلى جذوره اليسارية، إلا أن النواب البرلمانيين يشعرون بالخيبة؛ لأنهم دعموا المرشحين الثلاثة الآخرين بنسبة 220- 20 نائبا مع كوربن.

وبدأت حياة كوربن البرلمانية قبل ثلاثة عقود، حيث قضى معظمها وهو يدافع عن قضايا مهمة، منها حملة "أوقفوا الحرب" على العراق، ودعم جهود السلام في الشرق الأوسط.

ولن يفرح رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، بفوز كوربن، الذي سيقف أمام جهوده لتوسيع الحرب ضد تنظيم الدولة في سوريا.



التعليقات (0)