مقالات مختارة

الروس في سوريا لا يُخيفون إسرائيل

رندة حيدر
1300x600
1300x600
كثرت في الآونة الأخيرة التأويلات في شأن انعكاسات تعاظم الدور العسكري الروسي في سوريا على الوضع بصورة عامة وعلى إسرائيل بصورة خاصة. وعلى عكس ما تحدثت عنه تقارير صحافية عن قلق إسرائيل من زيادة التدخل العسكري الروسي في سوريا وتأثيره السلبي على هامش الحرية الذي تتمتع به عندما تقرر مهاجمة أهداف في سوريا، تشير الثوابت الإسرائيلية حيال الحرب الأهلية السورية، والعلاقات الجيدة التي تربط إسرائيل حاليا بالروس، إلى عدم قلق الإسرائيليين من تزايد التورط العسكري الروسي في سوريا.

من ثوابت التعامل الإسرائيلي مع الحرب السورية عدم الرغبة في التورط في ما يجري هناك، وان هذه الحرب على رغم ثمنها الإنساني الهائل من قتلى ولاجئين هائمين على وجوههم ينتظرون أن تفتح لهم أوروبا أبوابها، تخدم في النهاية مصلحة إسرائيل، سواء لأنها قضت على آخر الجيوش العربية التي كانت لا تزال تشكل خطرا عليها، أو لأنها تسببت باستنزاف "حزب الله" في قتال دموي وورطته في صراع مذهبي لا نهاية لها وشغلته عن المواجهة العسكرية معها. وعلى رغم الخطر الحقيقي الذي يحدق بإسرائيل جراء سيطرة تنظيم الدولة الإسلامية والتنظيمات الراديكالية الأخرى على المناطق الواقعة بالقرب من حدودها، فإن إسرائيل تعتبر نفسها حتى الآن بمنأى عن خطر هذه التنظيمات التي تخوض حربا شرسة لإسقاط نظام الأسد.

وما يمكن قوله اليوم إن تعاظم التدخل العسكري الروسي في سوريا لا يشكل تهديدا فعليا لإسرائيل لأسباب عدة أخرى، منها أن روسيا اليوم ليست دولة معادية لإسرائيل لا بل على العكس هناك علاقات وثيقة أقامها وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. 

والسبب الثاني هو وجود تفاهمات عميقة بين الروس والإسرائيليين على الخطوط الحمر التي وضعتها إسرائيل حيال دخول منظومات سلاح متطورة وكاسرة للتوازن إلى سوريا قد تقع لاحقا في أيدي "حزب الله". وهناك أكثر من ذلك، فإسرائيل ليست بعيدة من الاعتقاد أن روسيا قد تكون القوة العسكرية الحقيقية القادرة على وقف تقدم تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا، في ظل إخفاق التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة في تحقيق هذا الهدف.

يدرك الإسرائيليون تماما أن العودة القوية للدور الروسي في المنطقة هو النتيجة المباشرة لضعف الأميركيين. ولا يهمهم كثيرا ما اذا كان الروس في سوريا للدفاع عن بقاء الأسد في منصبه أو لتحصين المنطقة العلوية اذا انسحب الأسد إليها. ففي الحالتين هم متأكدون من أن لا خطر على مصالحهم من جهة الروس.



(نقلا عن صحيفة النهار اللبنانية)
التعليقات (0)