نشرت صحيفة لوموند الفرنسية تقريرا تعرضت فيه لمشروع إنشاء مدرسة إسلامية خاصة بفرنسا، ينتظر أن تفتح أبوابها مطلع أيلول/ سبتمبر، لأول مرة، بعد أن شهدت إقبالا من العائلات المسلمة لتسجيل أبنائهم فيها، بعدما أن تأكدوا من توفيرها لتعليم عصري وإحاطة أخلاقية ودينية لأطفالها، حيث وجد الأولياء المسلمون فيها البديل الأمثل عن المدارس الحكومية، والمشابه لنمط المدارس الكاثوليكية.
وقالت الصحيفة، في هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن مدرسة "سافوار" (أي المعرفة)، هي مدرسة خاصة تقع في مدينة بلوا، في وسط
فرنسا، وقد لقيت إقبالا كبيرا باعتبار أنها تمثل البديل المفقود عن المدارس الكاثوليكية. وأشارت إلى أنها تفتح أبوابها في أول يوم من شهر أيلول/ سبتمبر للتلاميذ الذين تتراوح أعمارهم بين سنتين وست سنوات، تحت شعار "متعددة اللغات، رقمية، بديلة، إسلامية".
كما أكدت لوموند أن افتتاح هذه المدرسة يأتي ليتوج عملا دؤوبا دام ثلاث سنوات، قامت به السيدة سنية سباعي، وهي أستاذة رياضيات في المدرسة الإعدادية العمومية في رابليه، بصحبة فريق عملها، بعد أن اقتنعوا بضرورة القيام بالإصلاح "البيداغوجي". ونقلت عنها أن "منظومة
التعليم العمومي على وعي تام بضرورة الإصلاح، ولكنها تفتقد الإمكانيات اللازمة للقيام بذلك، والتخفيف من معاناة عدد كبير من التلاميذ".
كما نقلت الصحيفة عن منى سباعي قولها إن "فكرة إنشاء المدرسة انبثقت من حقيقة أن الشباب المسلم يفتقد التوجيه السليم، ولا يدري أين يتعلم الإسلام، ما يضطره للالتجاء لمصادر أخرى غير مضمونة، مثل مواقع الإنترنت والدعاة المجهولون، في حين أن إنشاء أماكن تضمن للشباب تعلم قواعد الدين الإسلامي دون نسيان حقيقة أنهم فرنسيون، يقع على عاتقنا نحن الذين ولدنا في فرنسا."
وقالت الصحيفة إنه لم يكن من الممكن إنشاء مدرسة إعدادية، ولذلك اكتفى الفريق بفتح مدرسة
أطفال من ثلاثة مستويات تضم خمسة عشر طفلا، بالإضافة إلى واحد وعشرين آخرين قاموا بالتسجيل. وستتم إضافة قسم جديد كل سنة، باعتبار أن الطلب على هذه المدرسة كبير، إلى حين التوصل إلى تحقيق هدف إنشاء المدرسة الإعدادية.
كما أشارت إلى أن ما يميز هذه المدرسة هو اعتمادها لمنهج تعليمي يعتمد على اللغات الأساسية الثلاث، أي العربية والفرنسية والإنجليزية، كما أنها تعتمد على وسائل تعليمية رقمية حديثة، وتوفر درسا اختياريا في الثقافة الدينية، الأمر الذي لاقى استحباب الأولياء الذين شجعوا "هذه الأشياء المفقودة في المدارس العمومية"، وقاموا بتسجيل أبنائهم فيها من أجل "تعلم اللغات والأخلاق السوية"، عوض تسجيلهم في المدارس الكاثوليكية.
ونقلت الصحيفة عن السيدة ناهد، التي كانت قد أرسلت ابنيها الكبيرين إلى مدرسة كاثوليكية واختارت مدرسة "سافوار" من أجل ابنيها الصغيرين اليوم، أنها "اختارت التعليم الخاص من أجل "ضمان الأفضل لأبنائها، وخاصة للحفاظ على القيم والمبادئ التي نشأوا عليها في المنزل"، الأمر الذي أكدته منى سباعي عندما قالت: "الأولياء يريدون تعليما ممزوجا بالقيم والأخلاق الحميدة، كما أنهم اختارونا لأننا نعتمد بيداغوجيا بديلة وجديدة، وليس فقط لأننا مدرسة إسلامية، والدليل أن اثنين فقط من المسجلين قد اختارونا لأنهم يريدون مدرسة دينية".
وأفادت "لوموند" بأن هذه المدرسة لا تهدف لأن تكون "مدرسة للأقلية الثرية"، ولذلك قامت الإدارة بتحديد ثمن التسجيل بـ1150 يورو في السنة فقط، كما اعتمدت في إنشائها على العمل التطوعي الذي شمل أكثر من خمسين متطوعا، عملوا بدرجات متفاوتة على المشروع، منهم المهندس والسمكري والمختص في الإعلام.
كما أضافت أن رأس المال الأولي كان في حدود الثلاثين ألف يورو، ولكن تمكنت مديرة المدرسة صوفيا آكان من إقناع 150 شخصا من سكان المنطقة بالتبرع بعشرة يورهات شهريا، وذلك لتغطية مصاريف الإيجار.
وفي الختام، أكدت الصحيفة أن مشروع المدرسة قد واجه العديد من الصعوبات، مثل عدم التمتع بالإعانات العمومية، وصعوبة التعامل مع الإدارات الفرنسية، بالإضافة إلى مشاق البحث عن مكان ملائم للاستئجار، حيث احتاج الفريق لسنتين كاملتين من أجل إيجاد المبنى الذي يتواجدون فيه الآن، والذي سيصبح غير كاف بعد بضع سنين بسبب تضاعف عدد المسجلين.