سياسة عربية

النظام السوري يشدد الحصار على مدينة التل بحجة مقتل عنصر أمن

خريطة التل - ريف دمشق - سوريا
خريطة التل - ريف دمشق - سوريا
عبر سكان وناشطون في مدينة التل، شمال دمشق، عن معاناتهم نتيجة تشديد النظام السوري حصاره على مدينتهم منذ نحو شهر، في أعقاب مقتل عنصر أمن.

"مررنا من قبل بحالات حصار، لكنها لم تكن جدية تماما، كان الغذاء مثلا يدخل بكميات زهيدة كل يوم، هذه المرة الأمر مختلف، دخول الغذاء يكون بالصدفة. إذا كان العسكري ودودا ولم يلحظه الضابط يسمح بإدخال كمية قليلة جدا، أو بعد دفع مبالغ باهظة للضابط في حال إدخال كمية للبيع"، كما تقول وئام، إحدى ناشطات مدينة التل، لـ"عربي21".

وتؤوي المدينة مئات الآلاف من النازحين، انضم إليهم نازحون من الزبداني مؤخرا، ليعيش هؤلاء تحت حصار خانق.

وتتابع وئام في حديث خاص لـ"عربي21"؛ أن الغذاء والدواء كان يدخل في المرات السابقة بكميات قليلة بعد دفع مبالغ كبيرة للحواجز، إلا أن الحصار هذه المرة أفرغ حتى المطاعم مما تخزنه من مواد غذائية. أما ما يعتمد عليه الأهالي مما يزرعونه فلم يعد يسد حاجتهم، وبات الأهالي يلجأون إلى منطقة حرنة المجاورة، الواقعة تحت سيطرة قوات النظام، لجلب الطحين. إلا أن المشكلة تكمن في أنهم لا يستطيعون إحضار سوى كمية محدودة من هذه المواد لأنها بالكاد تكفي لأهالي حرنة.

وتسيطر قوات النظام السوري على الجزء الشرقي من المدينة، أي ما يدعى حرنة الشرقية، بينما يسيطر الثوار على الجزء الغربي "حرنة الغربية" وهو الجزء الواصل بالقلمون.

وتضيف وئام أن هذا الحصار يشمل مناطق قدسيا والهامة، حيث بات النظام ينتقم من المناطق التي تؤوي مدنيين ونازحين من بلدات منكوبة.

وتوضح وئام أن "النظام يدخل يوميا ثلاث سيارت طعام فقط لمليون ونصف المليون إنسان، يوزعها على كل المناطق، سواء الواقعة تحت سيطرته أو سيطرة المعارضة".

وتقول: "إذا ما قارنا هذه الكمية القليلة جدا بعدد الأهالي الكبير، فإنه من المستحيل أن تسد حاجة الناس هناك.. حتى مستودعات الجمعيات الخيرية التي يعيش عليها أهالي المدينة أفرغت تماما مما تخزنه، وبات الاعتماد على جمعية واحدة فقط، تطبخ لـ2000 عائلة، وتطبخ ما يمنع هذه العائلات أن تموت، كالأرز أو البطاطا المسلوقة أو المعكرونة".

وبحسب الناشطة في التل، فإنه "لا يتمكن أحد من الدخول والخروج إلى المدينة إلا أن دفع ما تيسر للحاجز. وتتراوح الأسعار لإدخال هذه المواد من 10 ليرة إلى عشرين ألف ليرة".

وتتهم قوات النظام الثوار بقتل عنصر أمن، وطلبوا من أحد الأشخاص في المدينة أن يسلم نفسه وهو ليس له علاقة بما حدث، بينما يضيف ناشطون أن النظام يحاول أن يضغط أكثر على الأهالي النازحين إلى مدينة التل، لا سيما أن بعض رجال الأسر النازحة يقاتلون على الجبهات في مدينة الزبداني.

وتتحدث وئام عن الحالة الإنسانية المأساوية التي وصل إليها الناس هناك، حيث أنهم باتوا يسكنون في أبنية من حجارة فقط، غير مكسوة بأي شيء من مواد البناء، "وإذا دخلت عليها ستجدها فارغة تماما من الطعام".

وتروي وئام أنها زارت عائلة مكونة من 12 شخصا، وهم إخوة يعيشون مع أخيهم المصاب في غرفة الجلوس، وهي نفسها المطبخ، وبسبب عددهم الكبير فقد نفدت السلة الغذائية التي كانت قد وزعت عليهم من قبل، ولذلك فهم يعيشون منذ أسبوع على البطاطا المسلوقة التي يوفرها لهم الهلال الأحمر، بينما هناك آلاف العائلات التي لا تجد حتى البطاطا المسلوقة لتسكت جوعها بها، كما تقول وئام.

من جهتها، تروي "أم كمال" مأساتها لـ "عربي21" قائلة: "هربنا من جحيم القصف في الزبداني وسكنا في هذه الغرفة، غرفة نهشت بها الرطوبة والروائح الكريهة. أعيش فيها مع طفلين وابنة كبيرة، بعد استشهاد زوجي في الزبداني، لنعيش في جحيم جديد، جحيم انعدام الغذاء والتهديد بالموت جوعا في أي لحظة إن أُعلن عن توقف إدخال المواد الغذائية مجددا".

وختمت أم كمال حديثها بالقول: "كتب علينا الموت بكل الأشكال، بل بتنا ننتظره، وربما هربنا من القصف لنموت هنا في مأساتنا".
التعليقات (0)