سياسة عربية

معهد واشنطن: ما مصير القوة السورية التي دربتها أمريكا؟

معهد واشنطن يتسائل عن مدى استمرارية القوة السورية في ساحات القتال - أرشيفية
معهد واشنطن يتسائل عن مدى استمرارية القوة السورية في ساحات القتال - أرشيفية
طرح الضابط الكبير السابق في شؤون الاستخبارات العسكرية، جيفري وايت، تساؤلات حول مصير "القوة السورية الجديدة" وقابلية استمرارها في ساحات القتال على الأرض السورية.

وكتب الخبير العسكري وايت تقريرا مطولا على الموقع الإلكتروني لمعهد واشنطن، حول هذه التساؤلات، وسلط الضوء على برنامج التدريب والتسليح الذي خضعت له "القوة السورية الجديدة".

وقال وايت إنه "في منتصف تموز/ يوليو المنصرم، انتشر عددٌ صغير من عناصر "القوة السورية الجديدة"، التي هي ثمرة برنامج التدريب والتسليح والتجهيز الأمريكي في سوريا، انطلاقا من تركيا، إلا أن المقاتلين مُنوا سريعا بنكبة في القتال، ليس ضد عدوهم المفترض، تنظيم الدولة، بل ضد جبهة النصرة".

ورأى أنه "على الرغم من أنّ النتيجة لا تمثّل بالضرورة الحكم النهائي على القوة السورية أو البرنامج، إلا أنّها تثير مجددا تساؤلات حول هدف البرنامج وقابليته، وتعني وجوب الاعتراف بالتحدي الخطير المتمثّل في القتال في سوريا، وضرورة إعادة النظر في نطاق البرنامج وهدفه".

وأشار الباحث العسكري إلى أن "بروز أسئلة كبرى بشأن عدد من المسائل، حتى قبل الانتشار الأولي للقوة السورية الجديدة، ومنها جدوى مهمتها، والمنطق الكامن ورائها، وقدراتها القتالية، وحجمها نسبة إلى نطاق مهمتها، ومفهوم عملياتها، فضلا عن كيفية توجيهها ودعمها في القتال، لم تجد هذه القضايا حلا لها قبل تموز/ يوليو، ولا تزال إلى حدّ كبير دون حل في أعقاب الكارثة التي أصابت القوة السورية".

ولفت وايت إلى أنه "كانت هناك علامات أولى واضحة عن المتاعب التي واجهتها القوة السورية الجديدة، وكانت جلية قبل وقوع الاشتباكات، ففي أواخر عام 2014، كانت جبهة النصرة قد هاجمت بالفعل وهزمت أساسا جماعتين تدعمهما الولايات المتحدة، هما جبهة ثوار سوريا وحركة حزم، النشطة في منطقة عمليات جبهة النصرة في شمال سوريا، وبالتالي، فإن هاتين الجماعتين اللتين تلقّتا دعما أمريكيا كبيرا، ولكن لم تكونا جزءا من برنامج التدريب والتسليح، قد أزيلتا بفعالية من المعادلة العسكرية".

وطبقا للباحث العسكري، فإن من هذه المتاعب التي واجهت القوة السورية الجديدة "الإشارات عن المشكلات القائمة في إطار برنامج التدريب والتسليح ذاته، حيث وجود تقدم بطيء في تجنيد الأفراد والتدقيق عنهم، وبالتالي العدد الضئيل لخريجي البرنامج الفعليين، فضلا عن الذين غادروه بسبب أشكال مختلفة من خيبات الأمل".

وواصل أنه إلى جانب هزيمة "القوة السورية الجديدة" في أول عملية لها في سوريا، من قبل عناصر مقاتلة في جبهة النصرة، وفقدان الأسلحة والمعدّات على نحوِ شبه مؤكد، وتشتّت عناصر "القوة" دون أن يكون ذلك إبادة تامة أو فرارا يختلط فيه الحابل بالنابل، يعكس نتيجة عسكرية لا يمكن أن يتخيل المرء أسوأ منها". 

في حين نوه وايت إلى سؤال آخر ومهم، طرحته هزيمة القوة السورية الجديدة، وهو "من المسؤول عن صنع القرارات بشأن التزام القوة؟ وكيف تمّ اتخاذ هذا القرار على وجه التحديد؟". 

وأفاد الباحث الأمريكي بأنه "من الواضح أنّ جبهة النصرة لن تقبل بوجود قوة كبيرة تدعمها الولايات المتحدة في منطقة عملياتها في شمال سوريا، فعمليات الجبهة السابقة للقضاء على جبهة ثوار سوريا وحركة حزم، وهجماتها الحالية ضدّ "الفرقة 30" وتبعا ضدّ "القوة السورية الجديدة"، لا بدّ أن تؤخذ بعين الاعتبار في أيّ انتشار مستقبلي لعناصر القوة السورية". 

وطالب بأن "تكون القوة السورية مستعدة للقتال من لحظة دخولها إلى سوريا ضدّ مجموعة من الأعداء الذين يتمتّعون بقدرات عالية، ومن بينهم تنظيم الدولة وإسلاميون آخرون وأسياد الحرب والمقاتلون الموالون للنظام".

ودعا وايت إلى "رسم صورة مفصّلة للغاية عن الوضع الميداني قبل دخول مقاتلي القوة، ولا بدّ أن تمتلك الولايات المتحدة وسيلة للحصول على معلومات دقيقة وفورية عمّا يجري مع القوات التي تدعمها، فبالإضافة إلى تلقّيها التقارير عن المقاتلين الذين درّبتهم، يتعيّن على الولايات المتحدة أيضا استحداث وسائلها الخاصة لجمع البيانات وتقييم التطوّرات التي تطرأ على ساحات القتال، وهو مطلب يعني أغلب الظنّ وجود عسكريين أمريكيين على الأرض".

وأنهى الضابط الكبير السابق في شؤون الاستخبارات العسكرية جيفري وايت، تقريره حول "القوة السورية الجديدة"، بقوله: "للأسف، إنّ الرد الأمريكي على الخطأ يشير حتى الآن على ما يبدو إلى سيناريو بقاء الأمور على ما هي عليها، إذ يجب توقع الصعوبات، وسوف تُستخلص العبر، وستتمّ مواجهة التحديات، وستسير العمليات كما خُطّط لها، فمن السابق لأوانه الحكم على البرنامج بالفشل الذريع، إلا أنّ خطورة أحداث الأيام الأخيرة يوحي بأنّ البرنامج يحتاج إلى إعادة النظر فيه وإعادة توجيه أهدافه، وإعادة تنشيطه على نحوٍ أكثر جذرية". 
التعليقات (0)