في أحد مطاعم العاصمة عمان تلمس البصمات "الشامية" على المجتمع الأردني الذي استضاف ما يقارب مليون ونصف سوري، منهم 600 ألفا مسجلين لدى المفوضية السامية لشؤون اللاجئين.
يمتاز المطبخ السوري "بالسمعة الحسنة" من حيث جودة الطعام و تنوع الأطباق، مقارنة مع الطعام الأردني "الدسم" الذي يعتمد بشكل أساسي على الرز واللحوم والدواجن.
ورافق
اللجوء السوري إلى المملكة افتتاح سلسلة مطاعم سورية نقلت فروعها من دمشق إلى عمان قسرا، بسبب الحرب الدائرة منذ أربع سنوات.
تشير إحصائيات نقابة أصحاب
المطاعم الأردنية إلى افتتاح ما يقارب 2000 مطعم سوري في الأردن منذ عام 2011.
حرصت بعض هذه المطاعم على إبراز "تراث حارات الشام القديمة" في تصميمها من حيث شكل البناء، ولجأ بعض منها لاتخاذ شكل البيت الشامي كما ظهر في المسلسل الشهير "باب الحارة".
من جانبه، قال نقيب أصحاب المطاعم الأردنية، رائد حمادة، لـ"
عربي21" إن أغلب المطاعم السورية تركزت في مناطق الشمال التي كان لها النصيب الأكبر باستقبال اللاجئين.
ويتركز التواجد الأكبر للسوريين في الأردن في محافظات الشمال، حيث لجأ نحو 20% من السوريين إلى المخيمات المعتمدة فقط، بينما يتوزع الـ80% على المحافظات، وخصوصا مدينتي إربد والمفرق.
ولا يستسيغ حمادة مقولة إن الطعام السوري أفضل من الأردني، حيث يرى أن هذا الأمر "مبالغ فيه ".
وقال: "نحن نعتز بمطاعمنا الأردنية، وهي متفوقة بحسب إحصائية منظمة الصحة العالمية. فنحن البلد الوحيد الخالي من إسهال المسافر في الإقليم، وهذا يدل على جودة الطعام الأردني، كما أننا أقل البلدان في نسب حدوث التسممات الغذائية نسبة لعدد السكان".
وأشار إلى أن المطاعم الأردنية استطاعت أن تصدر منتجاتها لكافة أنحاء العالم.
المولوية ترافق الأردنيين في رمضان
برزت خلال شهر رمضان عروض لتراث سوري في مطاعم ومولات تجارية في العاصمة عمان، كان من أبرزها "العراضة السورية" أو ما تعرف بالزفة، إلى جانب "المولوية" والرقص على الطريقة الصوفية في مشهد لم يراه الأردنيون إلا على شاشات التلفاز.
وتسببت الحرب الدائرة في
سوريا إلى لجوء فرقة "سيوف الشام الدمشقية" -التي مثلت في أجزاء مسلسل باب الحارة- حيث استقرت الفرقة في عمان لتقدم عروضها للأردنيين، خصوصا في شهر رمضان.
قائد الفرقة إياد الشامي المكنى بأبي عامر كان يملك "قهوة أبو حاتم" في المسلسل، وشارك هو وفرقته بأغلب المسلسلات الشامية التي تتحدث عن حقبة زمنية معينة لمدنية دمشق كمسلسل "الزعيم" من بطولة خالد تاجا.
ونقل أبو عامر "العراضة الشامية" من حارات دمشق إلى عمان، لتضيف تنوعا ثقافيا إلى جانب الزفة الأردنية والزفة الفلسطينية، ويحرص أبو عمار على ارتداء اللباس التقليدي لسكان دمشق القدامى، بعد أن ورث هذه المهنة من أجداده لينقلها لطفله ليث الذي يشاركه في جميع عروضه.
وأكد أبو عامر لـ"
عربي21" أن "هناك قبولا كبيرا من الأردنيين للتراث السوري، خصوصا أن مسلسل باب الحارة نقل جزء من هذا
التراث، ومنها الزفة الشامية أو العراضة التي تعدّ من أكثر الزفات طلبا في الأفراح لتضمنها مشاهد تمثيلية واستعراضات مثل الضرب بالسيف".
وتقدم لفرقة عروضا في عدد من المطاعم في شهر رمضان لجذب الزبائن، كما تقوم بتقديم عروضها في المولات التجارية الضخمة صادحة "صلو على محمد مكحول العين وعادله صلوه عليه".
يعيد أبو عامر بداية ظهور العراضة الشامية، إلى "الفزعة المجانية" التي كان يقوم بها رجال الحارات الدمشقية عند "زفة العريس"، لتتطور فيما بعد وتصبح على شكل فرقة تقدم استعراضات تحافظ على التراث السوري الدمشقي.
وعادة ما ترافق العراضة الشامية، رقصات وأناشيد " المولية" أو "الدراويش" التي تعود للمتصوفة وتحديدا جلال الدين الرومي، وانتشرت هذه الرقصات في إسطنبول ودمشق.
يرتدي المولوي ملابس بيضاء واسعة ويقوم بالدوران عكس عقارب الساعة مع أنغام الناي وإيقاع الطبول.
المولوي فهد الطير تعلم الرقصة المولوية على يد والده في تكية المولوية بدمشق، ليقدم عروضا هو الآخر في عدد من مناطق المملكة ، قال لـ"
عربي 21" إن "الرقصة المولوية أصبحت تراثا وفلكلورا أكثر من كونها طريقة صوفية،حيث أتلقى يوميا طلبات لتعلم الرقصة".
التنوع الثقافي وجه آخر لتأثير اللجوء السوري على الأردن لم تبرزه وسائل إعلامية أردنية كرس بعض منها خطاب كراهية ضد اللاجئين السوريين لدى فئات من المجتمع الأردني، بعد أن حملت هذه الوسائل الإعلامية اللاجئين مشاكل المملكة الاقتصادية والاجتماعية كالتعليم وارتفاع معدلات البطالة.