حاول برنامج "بانوراما"، الذي بثته القناة الثانية في "بي بي سي"، الكشف عن ظروف مقتل زعيم
القاعدة أسامة بن لادن في
باكستان.
ويشير البرنامج إلى أنه في أيار/ مايو 2011، عندما قام فريق الفقمات البحرية بالهجوم على مقر أسامة بن لادن، وقتل المطلوب الأول في العالم، كانت لحظة مهمة في رئاسة باراك أوباما.
وتوضح "بي بي سي" أنه منذ وفاة
ابن لادن "الغامضة"، فقد انتشرت شكوك حول الرواية الرسمية لمقتله، إلى الدرجة التي شكك فيها الصحافي الاستقصائي سيمور هيرش بالرواية بشكل كامل، وقال في مقالة نشرت الشهر الماضي في مجلة بريطانية إن قصة مقتل ابن لادن كلها مختلقة.
وفي مقالة طويلة نشرت في مجلة لندن "ريفيو أوف بوكس"، قال هيرش إن البيت الأبيض لم يقم بالعملية منفردا، بل كانت بالتعاون مع المخابرات الباكستانية، التي كانت تعرف مخبأ ابن لادن منذ سنوات، وتحتجزه رهينة لديها.
وفي برنامج جين كوربين، الذي عرض ضمن سلسلة "بانوراما"، تحاول الكشف عن نظريات المؤامرة هذه، فقد كانت في ليلة الهجوم في المكان ذاته في أبوت أباد، حيث بدأت تفحص الأدلة، وسافرت إلى واشنطن، والتقت مع نائب مدير "
سي آي إيه" السابق مايكل موريل، واستخدمت مجموعة من الوثائق التي أفرج عنها، وأخذت أشياء من بيت ابن لادن، محاولة إعادة فحص وتركيب حياة ابن لادن في أبوت أباد، حيث عاش هناك ست سنوات مع زوجاته الثلاث وتسعة من أبنائه.
وتثير كوربين أسئلة حول بقاء ابن لادن بعيدا عن رادار المخابرات، متسائلة: هل لبس قناعا يحفظه من المراقبة؟ وهل ظل في قمة القاعدة؟
وتقابل كوربين هيرش، الذي يؤكد روايته، لكن موريل يرى أن كل ما جاء في مقالة هيرش لا أساس له من الصحة. وقد أكد أن العملية هي في النهاية تأكيد لقدرة الولايات المتحدة وضعف المسؤولين الباكستانيين. ويتحدث موريل عن مصدر هيرش، الذي قال إنه مسؤول أمريكي متقاعد يرفض الكشف عنه.
ويكشف البرنامج، الذي تابعه مراسل "
عربي21"، عن تنقل ابن لادن في عدد من المدن الباكستانية، وأنه حلق لحيته ذات مرة، فيما أنجبت واحدة من زوجاته مرتين في مستشفيات باكستانية.
ويطرح عدد من الصحافيين أسئلة في البرنامج، حول سبب بقاء ابن لادن بعيدا عن أعين العسكريين الأمريكيين، وتقول إحدى زوجاته إنه كان يرتدي قبعة كاوبوي لتجنب الرقابة. وكان ابن لادن قادرا على إخفاء عائلته وأولاده عن العامة، ولم يذهب أبناؤه إلى المدارس.
وتحدث البرنامج عما قيل إنه كشف عن مواد إباحية، الأمر الذي يرفضه الصحافي عبد الباري عطوان، الذي قال إن ابن لادن كان يعيش مع ثلاث من زوجاته، وكان رجلا متدينا، فلماذا يحتاج إلى مواد إباحية؟
وبحسب البرنامج، فقد تمسك مسؤول "سي آي إيه" موريل بالرواية التي نشرت لاحقا، حول كيفية التعرف على مكان ابن لادن، من خلال مرساله، حيث تمت ملاحقته. لكن هيرش يشير إلى أن ضابطا باكستانيا متقاعدا هو من دل الأمريكيين على مكان ابن لادن. وهي رواية يعتقد رجال المخابرات الأمريكية أنها غير صحيحة.
وتعتقد مراسلة صحيفة "نيويورك تايمز" سابقا كارولتا غول، أن رواية هيرش معقولة "إن أخذنا تصرفات الباكستانيين بعين الاعتبار، وأن هؤلاء احتجزوا ابن لادن". ويتمسك موريل بالموقف الأمريكي القائل إن باكستان كانت لا تعرف بوجود ابن لادن في أراضيها، وإن عرف الباكستانيون، فربما جاءت معرفتهم من عناصر مارقة داخل المؤسسة الأمنية التي تتعاطف مع ابن لان. وهو ما يراه امتياز غول، وهو محلل باكستاني، يجد أن هيرش استند بكلامه إلى مصدر غير صحيح.
وتحاول كوربين تحديدا فحص ما جاء في مقال هيرش حول كيفية مقتله ودفنه، الأمر الذي يشكك به هيرش، ويقول إنه رمي على الحدود الباكستانية الأفغانية.
ولم يحل البرنامج لغز نظرية المؤامرة، ويعتقد موريل أن أصل نظرية المؤامرة جاء من باكستان؛ لأنها شعرت بالخجل لعدم معرفتها بمكان ابن لادن، وإن البعض ممن هم في المخابرات سوّق وباع القصة لهيرش. ويقول موريل: "القصة الأمريكية 100% صحيحة، ولكن 100% من القصة لم يظهر".
وبين نفي موريل لرواية هيرش، وتمسك الأخير بما قاله، تظل قضية مقتل ابن لادن محلا للغموض.